تعيش الجزائر حاليا على وقع أب الفنون من خلال دورة القدس للمهرجان الوطني للمسرح المحترف، وترافقه تغطية إعلامية وطنية وعربية، وتداول على ركح "محي الدين بشطارزي" نجوم عرب وجزائريون كلّ حمل معه تجربته المسرحية، إلى حدّ الآن الأمر جدّ عاد لكن غير العادي هو الارتجالية في تنظيم تظاهرة مسرحية تعيش عامها الرابع. فبعد أن برمجت ضمن المنافسة الرسمية، وجدت مسرحية "لو كنت فلسطينيا" نفسها خارج السباق وعوّضت بمسرحية "مسرى" للمخرج العراقي فضل عباس الذي وجد له مستقرا بالجزائر، وكانت الحجّة التي قدّمت هي عدم نضوج عرض "لو كنت فلسطينيا" -الذي اختار نصّه للإخراج امحمد بن قطاف شخصيا- بشكل كاف ليحتفي بالقدس وكأنّ "الصدمة" التي فتحت باب المنافسة والمقتبسة عن "اعتداء" ياسمينة خضرة هي الأنسب لذلك. لكن متاعب "لو كنت فلسطينيا" لم تنته عند هذا الحد إذ وجدت نفسها خارج مجال التغطية مرة أخرى بعد أن تمّ الاستغناء عنها حتى خارج المنافسة بعرض آخر هو "الأستاذ كلينوف" لحيدر بن الحسين، وفي خضم جهل أسباب هذه الخطوات العشوائية، يحقّ لمحبي الفن الرابع أن يتساءلوا عن الكيفية التي يتمّ بها اختيار الأعمال التي تمثّل المسرح الوطني في المهرجانات داخل الوطن وخارجه والتي غالبا ما تكون لنفس الشخص أو لمن يدور في فلكه، وعلى أيّ أساس تمّ إقصاء آخر أعمال المخرج الشاب محمد عباس إسلام بداية من المنافسة ثمّ من المهرجان ككلّ. سؤال آخر يتبادر إلى الأذهان يتعلّق بالخلفيات الموجودة وراء هذا القرار الذي اتّخذته إدارة المسرح الوطني الجزائري، وإن هضمنا مسألة عدم نضج العمل المسرحي "لو كنت فلسطينيا" لكي يشارك في المنافسة الرسمية فإنّه من الصعب إيجاد مبرّرات لإقصائه نهائيا من المهرجان، إذ بغضّ النظر عن خلفيات هذه الخطوة أهي موضوعية أم مزاجية ولها حسابات أخرى منها المحاباة والمجاراة، لماذا الانتظار حتى آخر لحظة لاستبدال عمل بآخر، ألم يكن من الاحتراف ضبط كلّ الحيثيات المتعلّقة بالمشاركة بعيدا عن أعين الضيوف والأصدقاء الذين باتوا من المعتادين على موعد الجزائر المسرحي وكأنّ حضوره حقّ مكتسب؟. هي أسئلة من حقّ أي واحد طرحها بعيدا عن أيّة حسابات لأنّ واقع المسرح الوطني اليوم لم يتغيّر كثيرا، فبعد أن كنّا ننشد الاحتراف والنهوض بالفن الرابع بعد سنوات الأزمة التي عصفت بالجزائر، صرنا نحتاط ألف مرة قبل ولوج صرح بور سعيد.