دخل مسرح عنابة أول أمس، المنافسة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح المحترف الذي انطلقت فعالياته في 24 ماي الجاري، بمسرحية "مزغنة 95" التي اقتبسها حميد قوري عن رواية "حارسة الظلال" للروائي الجزائري واسيني الأعرج وأخرجها للركح يحيى بن عمار. "مزغنة 95" هي عودة إلى جزائر الدم والنار حينما كانت الأحلام تغتال والعنف سيد الموقف، عبر مجموعة من الشخوص تحمل الكثير من الرمزية تنطلق من شخصية الاسباني الذي جاء إلى الجزائر لتقصي آثار جده "سارفانتيس" -الذي أسر بالجزائر قبل 5 قرون- وعند وصول الإسباني إلى العاصمة يكتشف أن الجزائر تعيش أصعب فتراتها، وتعصف بها رياح العنف وتراق فيها دماء الأبرياء من النساء والأطفال ويهان فيها التاريخ ويداس تحت الأقدام. وخلال مشواره هذا يلتقي حفيد "سرفانتس" مع "حسيسن" مستشار ثقافي يسعى -من موقع ضعف- إلى نبذ العنف وتثمين التراث ويسعى إلى مكافحة عقلية العصابات واللصوصية، وينتهي العمل الذي شارك في تحريك شخوصه كل من توفيق ميميش في دور حسيسن، وكمال كربوز في دور المسؤول المخرب، والفنان بشير سلاطنية في دور الإسباني، وأمينة بلعابد في دور مزغنة، ...وسط سينوغرافيا أقل ما يقال عنها آنها بارعة. نهاية تراجيدية بعد أن يقطع لسان حسيسن و يطرد حفيد سرفانتس إلى بلده. وفي سؤال للروائي واسيتي لعرج حول رأيه في المسرحية اعتمد فيها لأول مرة نص من نصوصه الروائية للركح، أكد أن العمل المسرحي فيه الكثير من العمل والاشتغال والشجاعة في الطرح، مشيرا بالمقابل إلى أنه لابد من أخذ مسافة زمنية أوسع من أجل النظر بشكل أوضح للعمل. صاحب "كتاب الأمير" أكد أيضا انه لابد من التنصل من هوية الكاتب للتمكن من النظر إلى العمل بعين المسرحي لأنه من الضروري حسبه التفريق بين نص الرواية وبين العمل المسرحي وهذا صعب جدا بالنسبة إليه، لذلك -يقول الروائي- لابد أن نطلب رأي شخص حيادي من الجمهور الذي شاهد العرض وقرأ الرواية، كما رفض المتحدث الدخول في مقارنة بين العملين لأن في ذلك ظلم لكليهما. "فلا يمكننا -يضيف كاتب "سيدة المقام"- أن نتحدث عن رضاي من عدمه عن تقديم روايتي على الركح، هناك اقتباس وكتابة مسرحية وعمل فني قدم لابد أن ننظر إليه باعتباره عملا مسرحيا. "لا أخفيك سرا، يقول وسيني، لقد قدم لي نص المسرحية لأقرأه قبل تجسيده، قرأته بمودة وأعدته وقلت لهم أنني لن أتدخل أبدا في النص، لابد أن يكون للفرد قدرة كبيرة على قبول الآخر واحترام اختياراته وعلى الكاتب أن يتجاوز شرط كونه روائيا لأنني مثلا إذا تحدثت عن العمل كوني روائيا فأكيد أنني سأكون قاسيا وأقول لماذا حذف هذا الجزء من رواية ولماذا قدم هذا الجزء بهذا الشكل...لكن لا، يكفيني أنه تم اختيار رواية من رواياتي لتقدّم على الركح، كان بإمكان الفرقة أن تختار عملا آخرا. "كما أنني -يقول المتحدث- أحيي الفرقة على شجاعتها لتقديم هذا العمل الذي يصور وضع الجزائر عندما كان العنف في أوجه عام 1995 وكانت الدولة غائبة .. ، أنا كروائي يمكنني أن أكتب ما أشاء وأتحمل مسؤوليتي لكن بالنهاية الرواية موجودة بالمكتبات ولا يقراها إلا صفوة من الناس لكن المسرح خطير لأنه موجه للجمهور الواسع" . موضحا في سياق آخر أن الجزائر - نحب أونكره- تعاني من غياب النص المسرحي، واللجوء إلى الرواية أمر مهم لكنه يتطلب جهدا مضاعفا من المسرحي، كاشفا في سياق متصل أنه وبعد هذه التجربة الأولى مع مسرح عنابة، هناك تجربة جديدة ستحمل هذه المرة رواية "سيدة المقام" للركح دون أن يكشف عن من سينجز العمل، مشيرا إلى أنه سبق وأن قدمت أعماله الروائية على المسرح لكن خارج الركح الجزائري على غرار رواية "كتاب الأميرة" التي قدمت في فرنسا، ورواية "الأحذية الخشبية" التي قدمت في ليبيا دون العودة إليه. وفي سؤال ل "المساء" عن رأي الروائي في مسرحية "الصدمة" المقتبسة هي الأخرى عن رواية "الاعتداء" للكاتب ياسمينة خضرة التي افتتح بها المهرجان منافسته الرسمية في 25 ماي الجاري، أكد وسيني أن العمل المسرحي كان فيه مجهود كبير لتحويل النص الروائي إلى نص مسرحي لأن رواية "الاعتداء" -يقول وسيني -موجهة للقارئ العالمي وبالتالي هي لا تحمل عدائية تجاه إسرائيل وتضع الفلسطنين في نفس المستوى مع الإسرائيليين لكن المسرحية مالت -حسبه- بعض الشيء للقضية الفلسطينية.