أثر شح الأمطار بفعل التغيرات المناخية منذ بداية السنة، بشكل كبير، على تزويد ساكنة قسنطينة بمياه الشرب. وقد برزت آثاره جلية في انكماش ساعات التزويد في بعض المناطق، وتذبذبها في أخرى، إلا أن أمطار الأشهر الأخيرة الماضية، غيرت المفاهيم، وأعادت الأمل لتأمين هذا الصيف وضمان المورد الحيوي، بفضل الجهود التي تبذلها الجهات المسؤولة بالولاية، سواء مديرية الري، أو شركة المياه والتطهير لقسنطينة "سياكو". تشير الأرقام المقدمة من طرف مصالح وزارة الموارد المائية والأمن المائي عبر صفحتها على فايسبوك، إلى أن قلة الأمطار وتأثيرها على امتلاء السدود التي رصدها الخبراء بداية 2022، تراجعت، بعد التساقطات الأخيرة، وأن نسبة امتلاء السدود بالمياه في شرق البلاد، بلغت مؤخرا 61 ٪، وهي نسبة مقبولة، حسب مسؤوليها، ما يستدعي تدعيمها ببعض التدابير والإجراءات، التي من شأنها تحسين التزويد بمياه الشرب، وتفادي الوقوع في أزمة عطش خلال هذه الصائفة التي بدأت تباشير حرارتها مبكرا. برنامجٌ استعجاليّ وحملة تحسيسية لاقتصاد الماء عمدت "سياكو" إلى تسطير برنامج استباقي منذ بداية السنة، من أجل الحفاظ على الموارد المائية، وضمان وتيرة توزيع جيدة، حيث كثفت الجهود لإصلاح التسربات عبر إقليم الولاية ومنع هدر مياه الشرب، وإطلاق حملات تحسيسية لحث أفراد المجتمع على ترشيد الاستهلاك، والكف عن الاستعمال اللاعقلاني لهذه المادة الحيوية، ومنها تنظيم يوم تحسيسي لفائدة تلاميذ مدرسة المجاهد أحمد شنطي بالمدينة الجديدة علي منجلي، لإبراز الدور الفعال الذي يلعبه الوسط التربوي في نشر مختلف الرسائل التوعوية، ومن بينها السلوكات الواجب اتباعها لترشيد استهلاك المياه في ظل شح المياه الذي تعرفه البلاد ونحن مقبلون على فصل الصيف، الذي تكثر فيه الحاجة إلى هذا المورد الثمين. وقد تُوجت هذه الحصة التحسيسية التوجيهية بتنصيب عدد من التلاميذ ضمن فرقة "حماة الماء"، وتكليفهم بالمهام التحسيسية، ومتابعتهم بشكل دائم، لضمان استمرارية نشر الوعي المائي، إذ شارك التلاميذ، بالمناسبة، في عملية غرس بعض الأزهار والشجيرات داخل محيط المدرسة، بحضور ومساهمة ممثلي منطقة علي منجلي للتطهير لشركة "سياكو". إجراءات استباقية لضمان صيف آمن من جهة أخرى، أكد مسؤول الإعلام والاتصال بالمديرية أسامة مقراني، أن في إطار التحضير للموسم الصيفي وتأمين توزيع المياه، نفذت "سياكو" العديد من العمليات الاستباقية لضمان وفرة الماء، كإصلاح التسربات عبر كامل تراب الولاية بالتنسيق مع مصالح ولاية ومديرية الري، حيث قضت على 1154 تسرب خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية. ووصلت في أفريل الفارط إلى حدود 1501 عملية إصلاح، إلى جانب إزالة الانسدادات الكلسية عبر القنوات، والمقدرة ب 196 عملية خلال الثلاثي الأول، لترتفع في أفريل إلى 271. أما بالنسبة لربط التوصيلات الجديدة فقد تم إحصاء إلى غاية أفريل، 472 توصيل جديد من أجل تحسين خدمة التوزيع، حسب مصالح المؤسسة. خزان مائي بسيدي مبروك لتزويد سكان وسط المدينة في إطار تحسين تزويد سكان وسط المدينة بالمياه الشروب وضمان توفر هذه المادة الحيوية خلال فترة الصيف، تم استغلال خزان مائي بالمنظر الجميل بسعة 1000 متر مكعب بعد سنوات من الخلل في التوزيع الذي كان يعرفه، حيث تم تصليح ورد الاعتبار لقنوات التوزيع وغرفة الصمامات، وهو الخزان سيزوّد العديد من الأحياء الهامة بوسط المدينة، التي كانت تعاني تذبذبا كبيرا في التزويد بالمياه الشروب خاصة الطوابق العليا، كحي الكدية، وعواطي مصطفى، والمنظر الجميل وغيرها. سد بني هارون يغطي 67 % من احتياجات الولاية أكد أسامة مقراني، مسؤول الإعلام والاتصال ب "سياكو"، أن الاستهلاك السنوي للولاية من الماء الشروب سواء المياه السطحية أو الجوفية، يبلغ 114 متر مكعب، وأن حصة الأسد من هذه النسبة، مصدرها سد بني هارون، الذي يشكل، حاليا، 67 ٪ من الموارد المائية بقسنطينة، فيما تأتي 33 ٪ المتبقية من المياه الجوفية، متمثلة في آبار النقب، وحقول الاستغلال، ليضيف المسؤول أن عدد المجمعات الجوفية يصل إلى ثلاثة بكل من حامة بوزيان، وبومرزوق والخروب، التي تُعتبر منابع مهمة جدا بالنسبة للولاية. تسلُّم 4 مصافٍ ومشروع لتزويد 80 ٪ من سكان الولاية تَسلمت "سياكو" 4 مصاف بمحطة سيدي خليفة لمعالجة المياه المستقدمة من سد بني هارون، قصد تعزيز الإنتاج الحالي الذي يبلغ 50 ألف متر مكعب يوميا. كما رصدت مديرية الموارد المائية أغلفة مالية معتبرة لتجسيد العديد من المشاريع الهامة والخاصة بقطاع الري، قصد الرفع من نسبة تزويد سكان الولاية بمياه الشرب، وتحسين التموين والتغطية بهذه المادة الحيوية. وأكدت مديرة القطاع أمينة بوقفة، أن قطاعها سجل العديد من المشاريع، في مقدمتها مشروع تدعيم وحماية شبكات التزويد بالمياه لأجل تزويد جل بلديات الولاية بهذه الخدمة الحيوية يوميا، مشيرة إلى أن مصالحها باشرت مشروعا تعرف أشغاله وتيرة سريعة جدا، وسيكون حيز الاستغلال قريبا بعد أن فاقت نسبة أشغاله 80 ٪. وأفادت المسؤولة المتحدثة بأن المشروع الذي كلف قرابة 6 ملايير دج وتشرف علي إنجازه شركة "كوسيدار"، يوجد بمنطقة بومرزوق، حيث سيساهم في رفع نسبة التزويد بالمياه لكل من ساكنة البلديات المتواجدة في الرواق المار من بومرزوق إلى عين اعبيد، على غرار بلديات ابن باديس، والخروب وعين اعبيد. وسيمكّن هذا المشروع من تزويد قرابة 80 ٪ من سكان ولاية قسنطينة، بالمياه الصالحة للشرب، خاصة ببعض البلديات التي تشهد تذبذبا في التوزيع، على غرار عين عبيد والخروب وببلدية قسنطينة على مستوى مناطق الباردة وبشتارزي وغيرها، إضافة إلى مشاريع أخرى، على غرار مشروع تدعيم تزويد كل من بلدية مسعود بوجريو، وابن زياد بالمياه ابتداء من نقب عين التين خلال هذه الصائفة.