تنطلق اليوم، فعاليات تظاهرة "القصبة تحتفل بالشعبي"، تتضمن برنامجا ثريا يعكس عراقة هذا الحي العتيق المولع دوما بالفن الأصيل وبالتقاليد الراسخة، وسيكتشف الجمهور موسيقى ارتبطت بالقصبة وبأهلها، كانت منبعا للجمال والحكمة والتاريخ الوطني، ومن ضمن ما سيبرمج؛ العديد من القراءات الشعرية والمحاضرات وجلسات "الآلي" والمعارض التشكيلية والحرف و"الزرنة" وغيرها، تمتد من القصبة السفلى إلى غاية العين المزوقة ، وفي حال نجاح هذا الموعد، سيتحول إلى مهرجان سنوي قار. التقت "المساء" بالسيد بوعلام بلشهب، المكلف بتنظيم هذه التظاهرة، والذي أشار في حديثه إلى أن الفعالية تقام بالتعاون مع جمعية "مواهب وآثار"، وتأتي لتثمين وإحياء تراث القصبة، خاصة في موسيقى الشعبي، موضحا أن موسيقى الشعبي مر على ظهورها بالقصبة مائة عام، وأصبحت تراثا منتشرا في العالم، بالتالي يحق للجزائريين الاحتفاء به، خاصة أنه يعاني بعضا من التهميش والضياع ولا يلقى ما يستحقه من مكانة واهتمام . كما أوضح السيد بلشهب، أن التظاهرة بمثابة تحسيس وتوعية اتجاه الجزائريين للعودة إلى منابع الأصالة والتراث، فمثلا بالنسبة ل"قعدات الشعبي"، فهي تتجاوز كونها مجرد جلسة غنائية، لكن المقصود منها أيضا إحياء تلك الجلسات الحميمية وخصوصياتها وروحها التي غابت عنا اليوم، والتي عبر عنها بكلمة "أسلوب حياة" ارتبط بالقصبة و"ناسها"، ثم امتدت إلى مناطق أخرى من الوطن، بالتالي فإن للشعبي خصوصيته الاجتماعية والثقافية التي تتميز عن الغير. قال المتحدث، إن المواطنين والفنانين رحبوا بالمبادرة، وسعى بعضهم إلى المساهمة، لذلك ستحضر أسماء فنية بارزة في فن الشعبي، ليس للغناء، بل لتأطير المواهب الشابة وتشجيعها، وممن سيحضر هناك؛ الهادي العنقى وحفيدة الشيخ الناظور وكبار الموسيقيين، وهكذا ستلتحم أجيال الشعبي الذي ظهر منذ عشرينيات القرن الماضي، خاصة مع الحاج العنقى، هذا الفن الذي أكد السيد لشهب، أنه وحد الجزائريين بكل طبقاتهم الاجتماعية، من جهة أخرى فقد ارتبط الشعبي أيضا بفئة البحرية، ومن هؤلاء الوافدين عبر البحر، أهل أزفون الذين اندمجوا في الحياة القصبوية وظهرت منهم فيما بعد نجوم الفن الشعبي. اعتبر المتحدث التظاهرة بمثابة توثيق لهذا الفن ورسالة للأجيال، كي لا تنسى هذا التراث الوطني الزاخر، كما ستشهد الفعالية مشاركة مختلف الحرف (70 حرفيا) التي ستنتشر عبر الأزقة ، وكذلك ورشات للأطفال ومعارض صور ولوحات تشكيلية، وعزف موسيقي في الأماكن الأثرية والسياحية، ومشاركة الحكواتية المعروفة السيدة نعيمة في دار "خداوج العمياء"، مع عرض أزياء للرجال، أما الافتتاح فسيكون ب"زرنة بوتكة" من شرشال، مع حضور الحايك. من البرنامج أيضا، محاضرة هامة بعنوان "احكي لي الشعبي" بمشاركة نور الدين سعودي والهادي العنقى، تتبع بنقاش ثري. اعتبر المتحدث هذه التظاهرة، عملا جمعويا بامتياز، شاركت فيه الجمعيات المحلية بدون أية ميزانية خاصة، ومن تلك الجمعيات، هناك "ناس القصبة" التي بادرت أيضا بحملة تنظيف كبرى للقصبة، بمشاركة السكان، تحضيرا لهذا العرس، كما سيحضر وبعد غياب طويل، قداماء الموسيقيين، لمرافقة الشباب وأغلبهم من منطقة القليعة، ناهيك عن حضور الجمهور والسواح الذين يكثرون في أيام السبت، وستكون التظاهرة مسجلة وموثقة، علما أن السلطات المعنية وعدت أنه في حال نجاحها ورواجها، ستكون مهرجانا سنويا.