* تجنيد 3200 عون حراسة موسمي ل 44 شاطئا مسموحا للسباحة * "القريقال" اخطر التيارات البحرية والسباحة ليلا أصبحت.. "موضة" * صفارات الإنذار تقلق بعض المصطافين بحجة "القيلولة" تكتسي مهام حراس الشواطئ أهمية بالغة خلال الموسم الصيفي، حيث تراهم على أهبة الاستعداد للتدخل إن اقتضت الضرورة. مهامهم تستدعي اليقظة على مدار ساعات العمل من التاسعة صباحا إلى السابعة مساء يوميا.. تزداد المهمة صعوبة أيام رفع الرايات البرتقالية والحمراء.. فكثير من المصطافين لا يلتزمون بألوان الرايات، ما يضاعف المسؤولية، ويزيد من الأعباء. "المساء" وقفت على عمل هؤلاء المجندين بشاطئ الصخرة السوداء بمدينة بومرداس، وعادت بهذا الربورتاج. جندت المديرية الولائية للحماية المدنية لبومرداس، 4 مفتشي شواطئ برتبة ضابط، و25 غطاسا مؤهلا، و100 عون حماية مدنية يمثلون رؤساء مراكز الحراسة ومساعديهم خلال صائفة 2022، يضاف إليهم 3200 عون حراسة شواطئ موسميين مقسمين على فوجين يعملون بالتناوب عبر الشواطئ المسموحة فيها السباحة، والتي وصل عددها هذه السنة إلى 44 شاطئا بولاية بومرداس، ناهيك عن تسخير معدات مادية تستخدم في حراسة الشواطئ، منها عتاد إنقاذ وإسعاف الغرقى، على غرار الزعانف البحرية، وعجلات الإنقاذ، وكذا صدريات النجاة، والأقنعة البحرية، وهو العتاد الذي يتم تكوين الحراس الموسميين حول كيفية استعماله تحسبا لأي تدخل أثناء حراسة الشواطئ، كما قال الرقيب سفيان طاشرت صاحب 32 سنة خبرة في مجال حراسة الشواطئ، في حديثه إلى "المساء" بشاطئ الصخرة السوداء. أما عن شروط الالتحاق بالعمل كعون حراسة شاطئ، فيلخصها في ضرورة تمتع العون بالأهلية لأداء هذه المهنة، ومنها اللياقة البدنية، وإتقانه السباحة، وكذا أهمية التحلي بالانضباط أثناء أداء مهامه. كما لفت إلى أن أعوان حراسة الشواطئ يقومون، كل صباح، بالسباحة لحوالي سويعة من الزمن، قبيل الانطلاق في عملهم، بهدف الوقوف على جاهزية كل حارس لأداء مهامه في ذلك اليوم. السباحة ليلا.. "موضة" تنطوي على كثير من المخاطر قال الرقيب سفيان طاشرت، رئيس مركز حراسة الشاطئ الذي التقت به "المساء" أثناء أداء مهامه بشاطئ الصخرة السوداء بمدينة بومرداس، إن عمل حراس الشواطئ ينطلق مع بداية الموسم الصيفي، الذي كان، هذه السنة، في 17 جوان، ويستمر إلى نهاية شهر سبتمبر. يبدأ عملهم الروتيني اليومي عند التاسعة صباحا، ويستمر حتى السابعة مساء. ويحصلون على يوم واحد للراحة، غير أن عملهم قد يمتد إلى ساعات الليل بالنظر إلى وجود بعض الأشخاص ممن يفضلون السباحة بعد الغروب أو حتى ليلا، فيضطر العون للتدخل وإنقاذ الأرواح من خطر الغرق. وأكد محدثنا أنه كثيرا ما يضطر لزيادة بعض السويعات في عمله بسبب تفضيل بعض المواطنين السباحة عند الغروب أو حتى ليلا، وهو ما يجعله أمام مسؤولية الضمير المهني، متحدثا، في هذا الصدد، عن كون السباحة ليلا تحولت، مؤخرا، إلى موضة، لا سيما بين الشباب، ومعتبرا ذلك تهورا، وانتحارا لعدة أسباب، منها انعدام الرؤية، ولكون البحر في الفترة الليلية يزداد عمقا بسبب عامل المد والجزر.. ما جعل محدث "المساء" يوجه نداء إلى المصطافين من أجل توخي أقصى درجات الحذر، وتجنب المغامرة بالسباحة ليلا. وفي هذا السياق، لفت عونا حراسة الشواطئ صلاح الدين غريب (22 سنة) ومحمد علي دباري (25 سنة)، إلى رواج موضة السباحة ليلا في المدة الأخيرة رغم ما تنطوي عليه من أخطار جسيمة، قد لا يدركها محبو المغامرات. يقول محمد علي الذي يعمل كحارس شاطئ منذ 4 سنوات، والذي أوضح أن مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر بشكل كبير على سلوك البعض، وبمجرد تصفح صفحات تعرض صور أصحابها يسبحون ليلا، يقدم شباب آخرون على فعل نفس الشيء بدون أدنى إحساس بالمسؤولية! كما اعتبر محدثنا أن توفر عامل الإنارة لا سيما ببعض الشواطئ الرئيسة مثل شاطئ الواجهة البحرية ببومرداس والصخرة السوداء، يجعل بعض المغامرين يستسهلون أمر السباحة ليلا رغم خطورتها! وكذلك يشير صلاح الدين إلى أنه اضطر للتدخل مساء وإنقاذ شابين من خطر الغرق المحقق. قال الشاب من حسن حظ الشابين أنه كان بالقرب منهما لكونه يقطن بالقرب من الشاطئ، حيث تدخل وسحبهما إلى الشاطئ بعد أن جرفهما التيار، مشيرا إلى أنه نتيجة هذا التدخل كسرت أصابعه بسبب موجة رمت به إلى صخرة ارتطم بها في محاولة إنقاذ الغريقين. وقال: "من الخطأ الاعتقاد بأن السباحة ليلا شيء ممكن حتى وإن كانت بالقرب من الشاطئ"، معترفا بكونها ظاهرة جديدة، أصبحت تشكل موضة عند كثير من الشباب في الوقت الراهن. وللإشارة، فقد سجل حادث غرق شابتين بالشاطئ المركزي "الدلفين" بواجهة البحر لمدينة بومرداس، قبيل الانطلاق الرسمي لموسم الاصطياف، كانتا تسبحان ليلا، فيما تمكنت الشابة الثالثة من العودة إلى الشاطئ بصعوبة، وهي من اتصلت بالأمن في محاولة إنقاذ صديقتيها. عمل يتطلب أقصى درجات الانتباه.. وسط صعوبات جمة يقول محدثونا من حراس الشواطئ بأن عملهم يقتضي منهم أقصى درجات الانتباه، لا سيما حينما تكون الراية حمراء، تمنع، بموجبها، السباحة. "غير أن كثيرا من المصطافين لا يبالون بألوان الرايات، لذلك فإن مهمتنا تكون صعبة"، يقول الرقيب طاشرت، الذي أضاف: "كثيرا ما يقصد الشاطئ مواطنون قدموا من مسافات بعيدة مثل ولايات البويرة، والمسيلة، وبرج بوعريريج، وسطيف وغيرها من الولايات لا سيما الداخلية منها، وبالتالي يصعب إقناع هؤلاء بعدم المغامرة بالسباحة، كون الراية حمراء تحظر ذلك، حيث يكون الجواب دائما "قطعت كل هذه المسافة حتى تمنعني أنت من السباحة!". وأضاف المتحدث أن هذه من أهم الصعوبات التي قد تواجه حارس الشاطئ، الذي لا يمكنه منع مثل هؤلاء من السباحة، فيبقى مقابل ذلك، على أهبة الاستعداد للتدخل في أي وقت. كما إن هناك صورة أخرى أشار إليها حراس الشواطئ ممن تحدثوا إلينا، وهي "الانزعاج من صفارة حارس الشاطئ" رغم كونها علامة على التنبيه من خطر محدق، سواء على من يحاول المغامرة بالسباحة لمسافات طويلة.. أو للعائلات، للانتباه إلى الأطفال أو غير ذلك. كما يشير محدثونا إلى صعوبات أخرى يواجهونها بشكل يومي مع المصطافين، ويتعلق الأمر بالسباحة وسط التيارات الهوائية التي تشكل خطرا حقيقيا، "غير أن المصطافين لا يعيرون ذلك اهتماما كبيرا"، يقول الرقيب طاشرت، متحدثا في هذا الصدد عن خطورة التيارات الشمالية والمعروفة ب "القريقال"، وهي تيارات هوائية بحرية خطيرة، تتسبب في ارتفاع الأمواج وخروجها إلى الشاطئ، بينما يسحب التيار إلى عرض البحر، مما قد يصعب عملية الإنقاذ. ويؤكد كل من محمد علي وصلاح الدين أنهما يضطران للتدخل حوالي 20 مرة أيام التيارات الهوائية والرايات الحمراء. وفي معرض حديثه عن حراسة الشواطئ، قال الرقيب طاشرت إنه يتم تسخير أعوان الحراسة حسب مساحة الشاطئ، ونسبة إقبال المصطافين عليه. فمثلا يوجد بالشواطئ الثلاثة بالصخرة السوداء بمدينة بومرداس، 39 عون حراسة يتقدمهم الرقيب رئيس المركز، الذي يعتبر هذا العدد معقولا بالنظر إلى التدفق الكبير للمصطافين على هذه الشواطئ ومن كل ولايات الوطن بدون استثناء، يضاف إليهم أطفال المخيمات الصيفية بالنظر إلى وجود حظيرة للسيارات بالقرب من الشواطئ، ناهيك عن وجود مركز الراحة العائلي لعمال أسلاك الأمن الوطني. كما يضاف إلى ذلك عوامل الجذب السياحي، الذي يجعل من شواطئ الصخرة السوداء، مزارا منقطع النظير خلال أشهر الصيف، ومنه ارتباط تسمية الصخرة السوداء بأول عاصمة للبلاد غداة الاستقلال، ناهيك عن توفر النقل، والإطعام، والأمن، وحظائر السيارات وغيرها، بينما يشير كل من صلاح الدين ومحمد علي إلى ملاحظات يسمعونها بين الفينة والأخرى من طرف مصطافين يمتعضون من أصوات الصفارات بحجة استمتاعهم بالقيلولة على أطراف البحر! حراس الشواطئ.. حماية وأمان للمصطافين لم تغفل "المساء" عن سؤال بعض المصطافين عن رأيهم في عمل حراس الشواطئ، فاجتمعت الآراء حول الأهمية القصوى التي يكتسيها عمل حارس الشاطئ بالنظر إلى المسؤولية الملقاة على عاتقه في إنقاذ الأرواح من السباحة الخطيرة، حيث قالت ربة أسرة جاءت من ولاية برج بوعريرج، إنها تقصد الشاطئ المحروس خوفا على سلامة أطفالها. وتعتبر أن كل من يقصد السباحة في شاطئ غير محروس، إنما يغامر بحياته بالدرجة الأولى، فالبحر، بالنسبة لها، عامل استمتاع وترفيه. وتؤكد أن الشاطئ المحروس يوفر هذين العاملين. أما ربة أسرة مغتربة جاءت من فرنسا، فأكدت أن توفر أعوان حراسة الشواطئ يطمئنها، موضحة أنها تلجأ إلى نصب شمسيتها بالقرب من وجود أعوان الحراسة، مما يزيد من عامل الأمان لديها، فتسبح وأطفالها براحة كبيرة. وكذلك قالت مواطنة أخرى تنحدر من ولاية البويرة، إنها تقصد الشواطئ المحروسة لتوفر عامل الأمن، ولوجود أعوان الحراسة، فلكونها تأتي لوحدها مع بناتها فإن مسؤولية الأمن والأمان مهمان بالنسبة لها، بينما اعتبر رب أسرة قصد "الصخرة السوداء" من ولاية خنشلة، أن وجود حراس الشواطئ هو حماية له ولعائلته. كما إن ذلك يوفر له مساحة فردية للاستمتاع بالسباحة بدون الاضطرار لرقابة أطفاله في كل وقت.. وهو ما اتفق عليه محدثونا من حراس الشواطئ، حينما أكدوا أن الحماية لا تقتصر على الأطفال فقط، وإنما على كل شخص يقصد الشاطئ حتى وإن كان سباحا ماهرا. جدير بالإشارة إلى أن شواطئ بومرداس استقبلت منذ 17 جوان إلى غاية الأسبوع الماضي، أزيد من مليوني مصطاف (2363600)، بينما بلغ عدد التدخلات 2988. وبلغ عدد الأشخاص المنقذين من الغرق الحقيقي 2367، وعدد الأشخاص الذين أسعفوا في عين المكان 573، بينما حول 46 شخصا إلى هياكل صحية. كما سجل 3 غرقى توفوا في الشواطئ المحروسة خارج أوقات العمل، وكذا أثناء البحر شديد الاضطراب، فيما سجل غريقان في شواطئ ممنوعة فيها السباحة.