خلف تفجير انتحاري استهدف سفارة الدانمارك في العاصمة الباكستانية إسلام أباد امس مصرع ثمانية أشخاص وإصابة 24 آخرين من بينهم نساء. واهتز قلب العاصمة الباكستانية في وقت شهد فيه هذا البلد فترة هدوء حذر بعد موجة العنف التي ضربت العديد من المناطق الباكستانية على اثر اغتيال زعيمة حزب الشعب بنظير بوتو نهاية العام الماضي. وقال أمين عام وزارة الداخلية الباكستانية كمال شاه أن مهاجم انتحاري فجر سيارة مفخخة بجهاز التوجيه عن بعد بموقف السيارات بمحيط السفارة الدانماركية الواقعة بأحد الأحياء السكنية الراقية في إسلام آباد مما أدى إلى مصرع ثمانية أشخاص وإصابة العشرات الآخرين. وشرعت مختلف اجهزة الامن الباكستانية في تحقيقات مكثفة من اجل كشف الملابسات التي احاطت بالعملية والواقفين وراءها. ومباشرة بعد وقوع الانفجار طوقت قوى الأمن الباكستانية المكان المستهدف وشرعت في عملية بحث عن الأدلة التي يمكن أن تساعد فرق التحقيق في الوصول الى مدبري العملية فيما أكدت مصادر وزارة الداخلية الباكستانية أن الهجوم كان عملا انتحاريا. وأعلنت السلطات الامنية الباكستانية حالة الطوارىء في مستشفيات العاصمة اسلام اباد في وقت كشفت فيه مصادر أمنية باكستانية عن وجود شخص أجنبي من بين القتلى إضافة إلى تعرض منزل أحد العاملين بالسفارة الهندية المجاورة لأضرار بسبب الانفجار. ورفعت السلطات الأمنية الباكستانية حالة التأهب الأمني في العاصمة إسلام آباد وعززت من اجراءاتها الوقائية من حول الأماكن الحساسة في جميع أنحاء البلاد. ويأتي استهداف السفارة الدانماركية بعد سلسلة من الاحتجاجات التي شهدتها المدن الباكستانية لمطالبة الحكومة الباكستانية بطرد السفير هذا البلد وقطع العلاقات الدبلوماسية معه احتجاجا على الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم التي نشرتها الصحف الدانماركية واستمرت فى إعادة نشرها رغم احتجاجات ملايين المسلمين في مختلف بلاد الاسلام. وكانت الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لخاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والتي نشرتها صحف دانماركية في 30 سبتمبر 2005 وأعادت نشرها مرارا كان آخرها شهر فيفري الماضي بدعوى حرية التعبير أثارت موجة سخط عارمة في كافة بلدان العالم الإسلامي وتسببت في إثارة أزمة دبلوماسية بين الدانمارك والدول الإسلامية. وترجمت هذه الأزمة على أرض الواقع من خلال استهداف العديد من السفارات الدانماركية في عواصم البلدان الإسلامية مما تسبب في سقوط قتلى كما شنت حملة مقاطعة واسعة للسلع الدانماركية لا سيما في منطقة الشرق الأوسط. وأثارت عملية التفجير التي استهدفت السفارة الدانماركية في إسلام أباد استنكار السلطات الباكستانية وتنديد العديد من الدول والهيئات. واستنكر الرئيس الباكستانى برويز مشرف ورئيس الوزراء يوسف رضا جيلانى وعدد من زعماء الأحزاب السياسية في باكستان الهجوم الانتحاري الذي وصفاه بعمل إرهابي غير إنساني حيث أعرب الرئيس مشرف عن استيائه الشديد لسقوط القتلى والجرحى في الهجوم. من جانبها أدانت الحكومة الدانماركية العملية الانتحارية بشدة ووصفتها ب "العمل الإرهابي غير المقبول". واعتبر وزير الخارجية الدانماركي بيرستيغ مولر أن الهدف من وراء هذا الهجوم هو توتير العلاقات بين كوبانهاغن وإسلام أباد. وهو نفس الموقف الذي عبر عنه نائب رئيس الوزراء الدانماركي بنديت بنديتسان الذي قال أن الهجوم الذي وقع كان ضد الدنمارك وضد القيم والمبادئ التي يدافع عنها هذا البلد. وأشارت مصادر دبلوماسية أن الدانمارك قلصت من عدد دبلوماسييها في سفارتها بالعاصمة الباكستانية خلال الأشهر الأخيرة وأبعدت معظم موظفيها الدانماركيين بعد تلقيها تهديدات استهدفتها بسبب الرسوم المسيئة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. وفور شيوع نبأ الهجوم على السفارة الدانماركية في إسلام أباد أعلنت وزارة الخارجية النرويجية إقفال سفارتها في إسلام أباد كما ورد على لسان المتحدث الرسمي باسم الوزارة تور هنريك اندرسن. وقال المسؤول النرويجي أنه من المبكر جدا الحديث عما إذا كانت السفارة النرويجية قد تلقت تهديدات مماثلة دفعها إلى اتخاذ قرار الإغلاق.