يشكل الدخول المدرسي بالنسبة للعديد من العائلات السكيكدية أهمية كبيرة، خاصة تلك التي يلتحق أبناؤها لأول مرة بمقاعد الدراسة، حيث يحظى التحاق هؤلاء لأول مرة بالمدارس أهمية كبيرة بالنسبة للعديد من الأسر السكيكدية، التي ما تزال تحتفظ بمثل بعض العادات التي تأبى الاندثار. من عادات العائلة السكيكدية، التي تنتظر التحاق الطفل لأول مرة بمقاعد الدراسة بفارغ الصبر، أنها تشرع في التحضير له خلال النصف الثاني من شهر أوت، من خلال اقتناء الملابس الجديدة، بما فيها بعض الأدوات المدرسية، لاسيما المحفظة والأقلام الملونة والعجين والكراريس وممحاة ولوحة، وعند نهاية شهر أوت، وقبل موعد افتتاح الموسم الدراسي بأيام قليلة، يؤخذ الطفل عند الحلاق لتحسين شعره، وفي الليل وقبيل الدخول المدرسي، تقوم الأم باستحمامه، فيما تحضر العائلات بعض الأطباق التقليدية، مثل "البغرير"، أو كما يعرف محليا ب«الغرايف" أو "الطمينة" المزينة ب«لملبس" وحتى "لبسيسة"، وأيضا "الرفيس" باللبن، في أجواء عائلية، كما تقوم بعض العائلات بتزيين موائدها بحلوى الترك وحلوة الحلقوم، بينما يقوم الأب بتهيئة ابنه من أجل التحاقه لأول مرة بالمدرسة، من خلال الحديث معه عن المدرسة والمعلمة والتلاميذ وأهمية المدرسة في إعداد النشأ الصالح، من باب تهيئته، خاصة أن بعض الأطفال يبقى ارتباطهم قويا مع العائلة، ومن ثمة قد لا يهضمون فكرة التمدرس، لذا تقوم العائلة السكيكدية بكل الطرق الاقناعية لدفع التلميذ من أجل تقبل المدرسة كأسرة ثانية له. أشارت السيدة عائشة، التي التقيناها مع حفيدها في إحدى محلات بيع الأدوات المدرسية، أنه: "لما يرى الطفل الأجواء الاحتفالية التي تشبه إلى حد كبير أجواء إحياء المواسم والأعياد، فإنه يشعر بالسعادة ويستعد "مضيفة أن التحاق الطفل أو الطفلة لأول مرة بمقاعد الدراسة، كأنه عيد. "البغرير" و"البسيسة" لحياة أحلى أما السيدة مسعودة، ربة بيت، فقد اعتبرت تحضير "البغرير" و«الطمينة" و«لبسيسة"، ضرورة، حتى تكون حياته حلوة مملوءة بالمسرات والنجاح، مؤكدة أنها ورثت تلك العادات من أسرتها، خاصة جدتها المرحومة التي كانت تؤكد لهم أن الفرح والسرور والاهتمام بمثل تلك العادات التي تساهم في جمع أفراد العائلات، إنما هو فأل خير وبركة. وفي اليوم الموعود، بعد أن يرتدي الطفل أو الطفلة أحسن حلة، تقوم بعض الأمهات وحتى الجدات في وضع في جيوب سراويلهم، إما قطعة سكر أو حلوى، منها قطع ملبس، فيما تقوم بعض الأسرة، حسب عادة كل منهم، برشه بماء الزهر، حتى يبقى طول مشواره الدراسي يحالفه الحظ، فيما تقوم بعض العائلات بمجرد خروج الطفل من البيت باتجاه المدرسة بسكب الخل، لإبعاد العين والنحس وغيرها. تجد العائلات السكيكدية، مرافقة أبنائهم لأول مرة إلى المدرسة، الفرصة السانحة للالتقاء بنساء أخريات، على أساس أن الأم أو الجدة، هن من يقمن بمرافقة الابن إلى المدرسة، حيث يتجاذبن أطراف الحديث والفرحة بادية على الوجوه، بخلاف بعض الأطفال الذين يسكنهم القلق، لأنهم لم يكونوا متعودين على المدرسة وعلى أجوائها، فيما يكون البعض الآخر متشوقا باكتشاف عالم المدرسة، ويتجلى ذلك من خلال تحركاتهم في الفناء وفي كيفية اصطفافهم، وفي تحية العلم، فيما تبقى الأمهات من بعيد يراقبن أبناءهن ودموع الفرح قد ارتسمت على خدودهن.