❊ الجزائر..ثبات في الموقف ودعم لامتناه للقضية الأم يحيي الشعب الفلسطيني اليوم الثلاثاء الذكرى 34 لإعلان قيام دولة فلسطين من العاصمة الجزائرية، في وقت شهدت فيه القضية الفلسطينية توقيع الفصائل "إعلان الجزائر" المنبثق عن مؤتمر "لمّ الشمل من أجل تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية" كأساس للصمود ومقاومة الاحتلال الصهيوني. في 15 نوفمبر 1988، أعلن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بقصر الأمم بنادي الصنوبر بالعاصمة، خلال انعقاد المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وكان هذا الخطاب التاريخي بمثابة إعلان مرحلة جديدة من النزاع مع الكيان الصهيوني لتثبيت الحق الفلسطيني في نيل الحرية والاستقلال وإقامة الدولة المستقلة. لا يزال الخطاب الذي عرف ب"وثيقة الاستقلال" وكتب نصّه الشاعر الراحل محمود درويش، حاضرا في عقول ووجدان أبناء الشعب الفلسطيني والعربي إلى اليوم، حيث قال فيه ياسر عرفات إن "المجلس الوطني يعلن، باسم الله وباسم الشعب العربي الفلسطيني، قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف". واستندت الوثيقة إلى "الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني للشعب العربي الفلسطيني في وطنه فلسطين، وتضحيات أجياله المتعاقبة دفاعا عن حرية وطنه واستقلاله، وانطلاقا من قرارات القمم العربية، ومن قوة الشرعية الدولية، التي تجسّدها قرارات الأممالمتحدة منذ 1947، وممارسة الشعب العربي الفلسطيني حقه في تقرير المصير والاستقلال السياسي والسيادة فوق أرضه". وبعد الإعلان عن الوثيقة -التي صدرت في أوج الانتفاضة الشعبية التي انطلقت في ديسمبر 1987، وأطلق عليها "انتفاضة الحجارة"، تسابقت أكثر من مائة دولة في العالم إلى الاعتراف بدولة فلسطين كاملة السيادة، ليرتفع العدد بمرور السنوات. ورغم الأزمات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، يواصل الفلسطينيون مساعيهم لنيل مزيد من الاعتراف الدولي، حيث حققت دولة فلسطين إنجازات عدة، ففي 29 نوفمبر 2012 صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لفائدة قرار منح فلسطين صفة دولة غير عضو "مراقب" في الأممالمتحدة. وفي 30 سبتمبر 2015، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتصويت أغلبية أعضائها، رفع علم فلسطين في المقر الرئيسي للمنظمة في نيويورك لأول مرة إلى جانب أعلام باقي الدول ال193 الأعضاء في المنظمة الأممية. كما حصلت دولة فلسطين على عضوية مؤسسات تابعة للأمم المتحدة، وانضمت إلى معاهدات ومنظمات دولية بما فيها المحكمة الجنائية الدولية عام 2014، وغيرها من الإنجازات. الوحدة أساس الصمود والمقاومة في نفس المكان الذي شهد انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني وإعلان قيام الدولة الفلسطينية سنة 1988، لما يحمله من رمزية تاريخية عميقة في الذاكرة الفلسطينية، وقعت الفصائل الفلسطينية في أكتوبر الماضي على "إعلان الجزائر" الذي توّج أشغال مؤتمر "لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية" والذي سيكون بمثابة أرضية صلبة لتحقيق الوحدة بين مختلف الفصائل الفلسطينية. وتضمن "إعلان الجزائر"، 9 مبادئ من أجل لم الشمل الفلسطيني وتوحيد الصفوف في مواجهة الاحتلال الصهيوني، وذلك تحت إشراف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون. وأكدت وثيقة الإعلان على أهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية كأساس للصمود ومقاومة الاحتلال الصهيوني، لتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني. كما أكدت على "تكريس مبدأ الشراكة السياسية بين مختلف القوى الوطنية الفلسطينية، بما في ذلك عن طريق الانتخابات وبما يسمح بمشاركة واسعة في الاستحقاقات الوطنية القادمة في الوطن والشتات"، و"اتخاذ الخطوات العملية لتحقيق المصالحة الوطنية عبر إنهاء الانقسام"، و"تعزيز وتطوير دور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بجميع مكوناته ولا بديل عنها". ونصّت ذات الوثيقة على "انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج حيثما أمكن، بنظام التمثيل النسبي الكامل وفق الصيغة المتفق عليها والقوانين المعتمدة بمشاركة جميع القوى الفلسطينية خلال مدة أقصاها عام واحد من تاريخ التوقيع على هذا الإعلان". بالمناسبة، أعربت الجزائر عن استعدادها لاحتضان انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الجديد. وفي سياق الدور الجزائري الداعم للحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، أكد "إعلان الجزائر" الصادر عن الدورة 31 لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة مؤخرا، على "مركزية القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف"، كما أكد "على التمسك بمبادرة السلام العربية بكافة عناصرها وأولوياتها، والالتزام بالسلام العادل والشامل". وشدّد على "ضرورة مواصلة الجهود والمساعي الرامية لحماية مدينة القدسالمحتلة ومقدساتها"، إضافة إلى "المطالبة برفع الحصار عن قطاع غزة وإدانة استخدام القوة من قبل السلطة القائمة بالاحتلال ضد الفلسطينيين". كما أكد الإعلان على "تبني ودعم توجه دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأممالمتحدة، ودعوة الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى القيام بذلك، مع ضرورة دعم الجهود والمساعي القانونية الفلسطينية الرامية إلى محاسبة الاحتلال على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي اقترفها ولا يزال في حق الشعب الفلسطيني". وبعد مرور 34 عاما من إعلان قيام دولة فلسطين، مازال الشعب الفلسطيني، الذي يعاني ويلات الاحتلال، يأمل في أن يتجسد هذا الإعلان على الأرض بقيام دولته الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفق القرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والمرجعيات الدولية.