انطلقت الجزائر، نهاية سبتمبر 2021، في عملية التصنيع المحلي للقاحات المضادة لفيروس كورونا، في تجربة هي الأولى من نوعها في شمال إفريقيا ودول المغرب العربي، والتي من شأنها تحقيق مقاربة اقتصادية جديدة قائمة على تشجيع الإنتاج الوطني وتوفير العملة الصعبة، من خلال الاستغناء عن استيراد اللقاحات، وضمان محاصرة فعّالة وسريعة للوباء، وكسر سلسلة نقل العدوى. حقّق الإنتاج المحلي للقاحات المضادة لكورونا، السيادة الصحية للجزائريين، وذلك من خلال مجمع "صيدال" الذي قرّر رفع التحدي لضمان أمنهم الصحي، والسعي من أجل الاستغناء بشكل نهائي عن الاستيراد، والتصدي جذريا للوبيات المخابر الدولية التي كانت تفرض منطقها الخاص. ويعمل مجمع "صيدال"على تعزيز الاقتصاد الوطني، من خلال التحكّم في صناعة اللقاحات بمعايير دولية، على يد خبراء جزائريين، ويد عاملة جزائرية 100 بالمائة، في سابقة هي الأولى من نوعها في شمال إفريقيا ودول المغرب العربي، لتسير الجزائر بكفاءاتها أولى خطواتها نحو تحقيق الاكتفاء الصحي الذاتي، وشقّ الطريق نحو أسواق جديدة. وشرع المجمع في إنتاج اللقاح الصيني "كورونافاك" المضاد لفيروس كورونا (كوفيد-19) لشركة "سينوفاك"، بطاقة إنتاج مقدّرة ب 1 مليون جرعة لقاح مضاد لكوفيد-19 خلال أكتوبر الماضي و2 مليون جرعة في نوفمبر المنصرم ثم 3.5 مليون جرعة لقاح بداية من شهر جانفي القادم. استحداث وزارة للصناعة الصيدلانية ووضع رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، ملف تقليص فاتورة استيراد الأدوية ضمن أولوياته، وبدأ ذلك منذ استحداث وزارة الصناعة الصيدلانية التي كانت في البداية وزارة منتدبة تابعة لوزارة الصحة، قبل أن ترقى إلى وزارة مستقلة، وذلك بهدف رفع الإنتاج المحلي، وتقليص فاتورة الاستيراد. وتسعى الجزائر الى إحداث توازن بين الحاجيات الوطنية للأدوية والمخازن الموجودة حاليا، وتنظيم سوق الأدوية في الجزائر المبني على ثلاثة محاور تتمثّل في ضمان وفرة الأدوية، وتطوير الصناعة الصيدلانية المحلية وتخفيض فاتورة استيراد الأدوية. ومن بين الأولويات التي وضعها رئيس الجمهورية، إنتاج الأدوية كثيرة الطلب كتلك الموجّهة لعلاج السرطان، من خلال إقامة شراكات مع كبار المنتجين الدوليين، وإقناعهم بنقل وحدات التصنيع إلى السوق الوطنية، وضمان إنتاج قادر على تلبية الاحتياجات المحلية واحتياجات الأسواق المحيطة، الإفريقية منها والعربية، وجعل سوق الدواء يتكيّف مع المقاربة الاقتصادية الجديدة الهادفة إلى تشجيع الإنتاج الوطني وتوفير العملة الصعبة. وأقرّت وزارة الصناعة الصيدلانية، تدابير تسهيلية وتشجيعية محفّزة لفائدة المستثمرين في المجال الصيدلاني، بهدف ترقية هذا النشاط الاستراتيجي، من خلال تقليص آجال دراسة ملفات المستثمرين في مدّة لا تتعدى شهرا واحدا. وتراهن الجزائر على تطوير قطاع الصناعة الصيدلانية، بهدف التقليص من فاتورة استيراد الدواء، وجعله مصدرا مدرا للعملة الصعبة في السنوات المقبلة، لذلك تعمل على استهداف عدّة أسواق خاصة الأفريقية منها. كلية للصيدلة لمرافقة المساعي الوطنية كما تبعت كلّ هذه الإجراءات، إنشاء مجمع "صيدال"، مركزا وطنيا للمعادلة البيولوجية لمقارنة مدى فعالية الأدوية الجنيسة بالأدوية الأصلية، بالإضافة إلى انشاء كلية الصيدلة بجامعة الجزائر بعد أن كانت قسما من أقسام كلية الطب لتحسين التدريس ومرافقة الصناعة في هذا المجال، كما سيتم تعميم هذا الإنجاز على بقية كليات الطب، لدعم القطاع الاستراتيجي لصناعة الأدوية بالوطن، الذي يصبو إلى ولوج أسواق خارجية خاصة الافريقية منها. ومن بين مهام الكلية الجديدة البحث عن المهن والاختصاصات الأساسية الموجّهة إلى هذه الصناعة التي ما فتئت تتوسّع مع الزمن بعدما كانت الجامعة، تكوّن في مجال تخصّصي صيدلي المستشفيات وصيدلي المدينة فقط تتوّج بشهادة ليسانس في هذين الاختصاصين. وستشرع جامعة الجزائر ومن خلال كلية الصيدلة في تكوين تخصّصات جديدة في مجال الصناعة الصيدلانية في شهادتي الماستر والدكتوراه، من أجل تحسين القطاع الصيدلاني بالوطن، كما سطّرت الكلية في هذا المجال برنامجا يوجّه إلى بعض التخصّصات المرجعية التي تعتبر أساسية بالنسبة للقطاع الصيدلاني بالجزائر.