تظل الاحتجاجات وتنامي الشعور بالغضب والامتعاض، السيمة الغالبة على المشهد المغربي، الذي يستمر غليانه يوميا في ظل مواصلة نظام المخزن صم آذانه أمام مطالب وتطلعات شعبه، والتعامل مع المطالبين بحقوقهم المشروعة بمنطق الكل الأمني، الذي زاد في اتساع دائرة انتهاك الحقوق والحريات. في هذا السياق، نظّمت عدة جهات، مساء أول أمس، العديد من الوقفات الاحتجاجية المندّدة بتواصل الانتهاكات الجسيمة للحقوق والحريات بالمغرب، مع مواصلة سجن 150 معتقل رأي بصورة تعسفية في ظل أوضاع معيشية مزرية خلّفت احتقانا اجتماعيا غير مسبوق في المملكة. ونظّم الفضاء المغربي لحقوق الإنسان، إلى جانب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والفيدرالية المغربية لحقوق الإنسان وقفة احتجاجية بسيدي البرنوصي بمدينة الدار البيضاء بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، شارك فيها العديد من الفعاليات المجتمعية والوجوه الحقوقية. ورفع المحتجون خلالها شعارات مندّدة بالانتهاكات الجسيمة للحقوق والحريات والمطالبة بإطلاق سراح معتقلي الرأي من صحفيين ومدونين ومعتقلي الحراك الاجتماعي، على غرار الريسوني وبوعشرين والراضي وبن عثمان وباعسو والعواج والعلمي وزيان ومعتقلو الريف.. وغيرهم كثيرون. كما عبّرت الإطارات المنظمة عن قلقها بسبب الغلاء الفاحش للأسعار بالموازاة مع ضعف القدرة الشرائية للمغاربة، أمام عجز الأجهزة الحكومية عن تجاوز هذه الأزمة الاقتصادية والاحتقان الاجتماعي غير المسبوق. وشارك في هذه الوقفة كل من اللجنة المحلية للتضامن مع معتقلي الرأي وحرية التعبير، الى جانب لجنة التضامن لمناهضة تشميع البيوت بالدار البيضاء وعائلة الضحية، ياسين الشبلي، الذي فارق الحياة داخل أحد مخافر الشرطة بمدينة ابن جرير. وبالمناسبة، عرض رئيس الفضاء المغربي لحقوق الإنسان، محمد النويني، أهم التحدّيات والانتهاكات التي عرفتها الحقوق المدنية والسياسية وكذا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمغاربة خلال سنة 2022، مشدّدا على ضرورة الالتحام في جبهة حقوقية موحّدة دفاعا عن الحقوق والحريات وتحقيقا للكرامة والعدالة، مع التأكيد على دعم القضية الفلسطينية وشجب التطبيع بمختلف أشكاله وأنماطه. ورافعت، من جهتها، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحّد في المغرب، نبيلة منيب، على ضرورة محاسبة كل من تسول له نفسه اختراق بنود ميثاق حقوق الإنسان، وطالبت بوضع حد لظاهرة الاعتقال السياسي في المغرب بدءا بإطلاق سراح معتقلي الحراك الشعبي بالريف والصحافيين والمدونين من أجل إحقاق حقوق الناس دون تمييز. ولا يزال 150 معتقل رأي يقبعون في سجون المغرب حيث شنّ ستة منهم إضرابا عن الطعام من أجل إيصال صوتهم الى المجتمع الدولي، للنظر في قضيتهم والضغط على السلطات المغربية لإطلاق سراحهم. يأتي ذلك، في الوقت الذي تستمر فيه الانتقادات إزاء حكومة، عزيز اخنوش، التي أكد الناشط الحقوقي والمحلل السياسي المغربي، يوسف الحيرش، على ان حكومة رجال الأعمال بقيادة، عزيز أخنوش، الفاعل رقم واحد داخل سوق المحروقات، التي يكتوي بأسعارها المواطن المغربي، تستمر في تدبيرها العبثي للشأن العام داخل المغرب وتتسبّب في تفاقم التضخم دون أي إجراءات عملية تخفف من حدة معاناته. وجاء في مقال نشره على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" تحت عنوان "قانون المالية لسنة 2023.. هندسة أوليغارشية وضحك على الذقون.."، بأن الحكومة المخزنية "صاغت هذا المشروع بعيدا كل البُعد عن الوضع المتأزم للاقتصاد، الذي يواجه ركودا تضخميا لم يسبق له مثيل". وأضاف كاتب المقال أنه "بناء على فرضيات من وحي الخيال... "، علاوة على أن مشروع هذا القانون "يستهدف الطبقة المتوسطة عبر إصلاحات ضريبية عشوائية إلى جانب ارتكازه على الاستدانة بشكل كبير". إلى جانب الوضع الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي المتأزم، يشكّل التطبيع مصدرا آخر للتوتر في المغرب، حيث استهجن مناهضو التطبيع وممثلون عن المجتمع المدني زيارة عمدة مدينة فاس، أول أمس، إلى الكيان الصهيوني واعتبروها جريمة صارخة بحق المغاربة ودماء الفلسطينيين، داعين إلى هبة جماهيرية للتعبير عن رفضهم للخيانة التطبيعية التي تم بها "قرصنة" إرادة الشعب وتوظيفها لأداء خدمات تطبيعية مرفوضة.