توقّع الخبير الاقتصادي، أمحمد حميدوش، أن تعرف أسعار السلع خلال السنة الحالية انخفاضا بفضل تعافي الدينار وتسجيل ارتفاع في مداخيل الخزينة العمومية، مؤكدا أن رفع الأجور سيؤدي إلى زيادة الاستهلاك الذي سيعزز وتيرة النمو ويساهم في إعادة النظر في سياسة الأجور بإقرار زيادات أخرى والتوجه نحو تخفيض الضرائب خلال سنة 2024 في ظل الانتعاش الذي عرفه الاقتصاد الجزائري العام الماضي بشهادة التقرير الذي أصدره البنك العالمي، نهاية الأسبوع. ووصف الخبير السابق لدى البنك العالمي في تصريح ل"المساء" أمس تقرير البنك العالمي ب"الواقعي" لدى إشارته إلى مواصلة الاقتصاد الجزائري انتعاشه خلال السداسي الأول من العام الماضي، عززه عودة إنتاج النفط إلى مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا واستمرار انتعاش قطاع الخدمات، إلى جانب عودة النشاط الفلاحي بقوة ضمن مؤشرات إيجابية ينتظر أن تتواصل العام الجاري. وأوضح حميدوش أن هذا التحسن، ستكون له آثار إيجابية هذه السنة في ظل توقع انخفاض في أسعار بعض السلع والمواد الاستهلاكية، بعد أن استعاد الدينار عافيته وتسجيل أريحية في السياسة النقدية وبفضل الظروف الدولية التي تعرفها دول الاتحاد الأوروبي والصين، أكبر المموّنين للجزائر. وقال الخبير إن سنة 2023، تحمل مؤشرات تفاؤل على الصعيد الاقتصادي، كونها سنة تجريبية بعد قرار رئيس الجمهورية، رفع الأجور، ما سيشجع الاستهلاك الذي يعد العامل الأساسي في زيادة النمو، وبالتالي التوجه إلى اتخاذ تدابير لإعادة النظر في سياسة الأجور وخفض الضرائب خلال سنة 2024. وحدّد الخبير الاقتصادي هذه المؤشرات في متوسط أسعار النفط عند عتبة 90 دولارا للبرميل، ما سيمكن الخزينة العمومية من تسديد العجز لدى البنك المركزي مع نهاية الثلاثي الثالث. كما توقع أن تصل نسبة النمو هذه السنة إلى 4%، بعد رفع الأجور التي ستساهم في زيادة الاستهلاك ورفع نسبة النمو على عكس توقعات البنك العالمي، الذي حدد هذه النسبة بأقل من 3% ضمن نسبة وصفها حميدوش ب"المتشائمة". وقال إن تقارير المنظمات الدولية عادة ما تتطرق للوضع في الجزائر بنظرة "تشاؤمية" رغم وجود مؤشرات إيجابية ستفرزها زيادة الأجور التي من شأنها أن تؤدي إلى رفع نسبة النمو إلى أكثر من 3%. وذكر تقرير البنك العالمي، بأن الموازين الخارجية للجزائر، عرفت انتعاشا وواصلت نموها بفضل ارتفاع أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية. وأضاف أن متوسط سعر صادرات المحروقات الجزائرية تراجع بحوالي 26% خلال الربع الثالث من عام 2022، بعد نسبة نموٍ بلغت 59% خلال النصف الأول من نفس العام، حيث بلغ ذروته، شهر جوان الماضي. وأضاف التقرير، أن الارتفاع الملحوظ الذي سجلته الصادرات خارج المحروقات كان له أثر إيجابي على الموازين الخارجية، حيث أدى إلى ارتفاع قيمة الدينار مقارنة بالدولار الأمريكي والأورو إلى تحسن معدلات التبادل التجاري للجزائر. وأضاف التقرير أنه رغم ذلك فقد ظل معدل التضخم مرتفعا بعد أن بلغ 9,4% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق العالمية، بنسبة 13,6%. وهو الأمر الذي واجهته السلطات في الجزائر بتكثيف التدابير الموجهة لحماية القدرة الشرائية، كان على رأسها زيادة رواتب موظفي الخدمة المدنية، واستحداث منحة البطالة لطالبي الشغل لأول مرة، فضلا عن مواصلة سياسة دعم المواد الغذائية الأساسية. ودعا التقرير إلى توخي الحذر من أن هذا المستوى من الإنفاق قد يؤدي إلى تحديات على المدى المتوسط في حال تراجعت أسعار النفط التي ستؤدي إلى انخفاض الإيرادات الحكومية، مطالبا بتجسيد الإصلاحات الهيكلية التي تضمنها "مخطط عمل الحكومة" لتشجيع استثمارات القطاع الخاص كركيزة أساسية لاستحداث مناصب شغل جديدة. وهو خلاصة جعلت أمحمد حميدوش يؤكد بأنه "سيناريو طغى عليه التشاؤم ولا يعكس الواقع"، بقناعة أنه لم يحدّد نوع الإصلاحات الهيكلية الواجب القيام بها، كما أنه غير متوقع خلال سنة 2023 على اعتبار أن أسعار النفط لن تعرف تراجعا في ظل المعطيات التي تعرفها السوق، والتي من المنتظر أن تؤدي إلى رفع الأسعار خلال شهري جويلية وأوت القادمين، عندما يجد العالم نفسه أمام أزمة قلة العرض بمليون برميل يوميا وبالتالي زيادة حجم الطلب ومعه ارتفاع أسعار الخام.