تشهد بعض المهن رواجا كبيرا خلال الشهر الكريم، لاسيما تلك التي يربطها المواطن بالصيام وعاداته، خلال اليوم وعند الإفطار، كما تتغير سلوكاته اليومية تجاه بعض الأشغال التي يعمد لتأجيلها إلى ما بعد العيد، ولعل منها تلك المتعلقة بالاستشارات الطبية غير المستعجلة، وهو ما يجعل العيادة الطبيبة تشهد تراجعا في الإقبال طوال شهر الصوم، ويدفع بممتهنيها إلى أخذ عطلهم السنوية خلال هذه الفترة من السنة، بالنظر إلى تراجع الإقبال في الشهر الكريم. من تلك المهن التي وقفت "المساء"، على تراجع عملها خلال الشهر الفضيل، بعض التخصصات الطبية، كطب الاسنان، والطب الداخلي، فضلا على طب الأمراض الجلدية، وللتحقق من هذا الوضع، كان ل«المساء" حديث مع الدكتور عبد الحكيم لزرق، المختص في الطب العام، والذي أشار إلى أن تراجع الإقبال على الاستشارات الطبية الروتينية خلال الشهر الفضيل، يعود إلى أسباب عديدة، حسب كل تخصص، مشيرا إلى توجه سلوكيات المجتمع نحو أمور أخرى، حيث ينصب اهتمام الجميع بالمشتريات الرمضانية، وبذلك تجدهم يجوبون الأسواق بحثا عن ما يتناولونه عند الافطار، إذ غالبا ما يؤثر الصيام على النمط الاستهلاكي للمواطن الجزائري عامة. أشار الطبيب، إلى أن هناك أسباب أخرى أكثر واقعية لتراجع الإقبال على الاستشارة الطبية خلال شهر الصيام، وتراجع عمل هؤلاء المهنيين، حيث قال: "إن الصيام يريح الجسم عامة، ومختلف الأعضاء الحيوية، فهو يريح القولون والكبد والمعدة عامة، التي إذا حدث فيها خلل أثر على صحية الجسم بشكل عام". أضاف أن انقطاع الأكل والشرب، لاسيما بالنسبة للذين لديهم عادات وسلوكيات غذائية سلبية، سترتاح ذواتهم عامة، لهذا تقل شكواهم من الكثير من المشاكل الصحية التي تبرز باقي أيام السنة، مما يجعل استشارتهم للمختصين جد ضعيفة، إلا بالنسبة للذين لديهم مواعيد محددة سابقا. موضحا أن بعض المختصين يتراجع الإقبال على عيادتهم، لأسباب أخرى، مثل أطباء الجلد وطبيب الأسنان، لأن أساليبهم العلاجية أحيانا تتطلب حقن مواد داخل الجسم، كمخدر موضعي لعلاج الأسنان، وهذا ما يضع صيام المرضى على المحك، إذ يفضل الأغلبية انتظار انتهاء الشهر الفضيل لعلاج ما لديهم من مشاكل تتعلق بالأسنان أو اللثة، والتي يمكنها الانتظار، أي أنها لا تسبب آلاما استعجالية أو غير قابلة لتحملها. أضاف الطبيب العام، أن تراجع عمل هؤلاء المهنيين، غالبا ما يدفع بهم إلى سدل ستار عياداتهم إلى حين انقضاء الشهر الفضيل، إذ أن نشاطهم يعرف الخمول حينها، مؤكدا أن عملهم سرعان ما ينتعش مباشرة بعد عيد الفطر. الاستعجالات الطبية.. بديل الاستشارات الصباحية على صعيد آخر، أوضحت الدكتورة نادية مزنان، طبيبة منسقة لدى مؤسسة الصحة العمومية للطب الجواري ببرج الكيفان، أن الاستعجالات الطبية تزداد حدتها خلال الفترة الليلية، بسبب السلوكيات الخاطئة للكثيرين خلال فترة الفطور، إذ يتعمدون استهلاك منتجات مضرة بالصحة، كالسكريات أو الدهون، والتي تسبب لهم مشاكل هضمية، مضيفة أن غالب تلك الاستشارات الاستعجالية متعلقة بوعكات صحية على مستوى القولون، أو ارتفاع ضغط الدم، أو ارتفاع نسبة السكر في الدم، وغيرها مما يسببه الاستهلاك الخاطئ للفطور. أضافت أن بعض مصالح الاستعجالات الطبية تستقبل قبل الفطور غالبا، المصابين في مختلف الحوادث، على غرار ما تخلفه المناوشات بين المواطنين، والتي تسجل ضحايا عنف لأسباب تافهة في بعض الأحيان، كما أن الحوادث المنزلية تسجل حالات كثيرة لنساء تعرضن لحوادث أثناء الطهي، كنشوب حريق أو جرح بعض الأعضاء في الجسم وغيرها. قالت المتحدثة من جهة أخرى، إن بعض المواطنين يتوافدون نحو الاستعجالات الطبية المسائية، التي يجدونها بديلا مثاليا لاستشاراتهم الروتينية الصباحية، حول أعراض صحية "غير استعجالية"، وهذا أمر خاطئ وغير مقبول، تقول الطبيبة، إذ أن الاستعجال الطبي لابد أن يهتم فقط بالمرضى الذين لا يمكنهم الانتظار، ولا يجب أن تتحول تلك المصالح إلى استشارات طبية روتينية، فهذا سيضر المريض في الحالة الاستعجالية، ويضيع أيضا وقت الطبيب الذي يعمل بالمناوبة للحالات الاستعجالية، سواء في المستشفى أو في مصالح الطب الجواري.