بكثير من الروعة والتميّز، أمتع كورال الإذاعة الجزائرية "إبنس" ضيوف "عيسى مسعودي" في أوّل عرض له، إذ حمل معه نفحات موسيقية راقية مستقاة من رحم القارة الأم حيث تعانقت الآلات الموسيقية وتمازجت الحناجر لتصنع جوّا من إفريقيا رفرف عاليا مانحا الساهرين لحظات مهرّبة من "بلد الرجال أصحاب القلوب الكبيرة". أوّل حفلات "إبنس" التي اتّخذت من المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني فرصة لتوقيع حضورها في المشهد الفني الجزائري، حضره كاتب الدولة لدى الوزير الأوّل المكلّف بالاتصال، السيد عزّ الدين ميهوبي، وزير الشباب والرياضة الهاشمي جيّار والمدير العام للإذاعة الوطنية توفيق خلادي إلى جانب عدد من الشخصيات الثقافية والفنية. وأكّد السيد عز الدين ميهوبي في تصريح له على أهمية تنظيم هذه السهرة الفنية التي أحياها شباب من الجزائر وعدد من الطلبة الأفارقة، وأوضح ل"المساء" أنّ فكرة تأسيس فرقة على شاكلة "إبنس" بدأت تتبلور مع تخليد روح الفنانة الكبيرة مريم ماكيبا، مبديا أمله في أن لا يرتبط ظهور "أبنس" مع المهرجان الثقافي الإفريقي. وفي هذا الصدد، أشار السيد ميهوبي إلى البعد الثقافي الذي يحمله في طياته المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني، وقال بأنّه يتجسّد في برنامج كبير ومتنوّع وثلاثة أسابيع لا تكفي لتجسيده بسبب كثافته، حيث يشمل عدّة نشاطات فنية من مسرح، سينما وموسيقى ستمكّن المشاركين من الاطلاع على ما أنجزته إفريقيا خلال السنوات الأخيرة في مجال الحداثة الثقافية. وأضاف السيد ميهوبي أنّ الدورة الأولى للمهرجان كانت ذو طابع فلكلوري بروح تحرّرية، أمّا دورة 2009 بعد أربعة عقود، فتبرز ما وصلت إليه إفريقيا في شتى الفنون، وتعبّر عن الحداثة والتطوّر الثقافي الافريقي. وفي نفس السياق، أكّد السيد توفيق خلادي على أهمية تأسيس هذه المجموعة الفنية التي سيتمّ من خلالها "إبراز الثراء الثقافي والفني الزخم للقارة الإفريقية خلال هذا المهرجان الذي سيعود مرة أخرى إلى الجزائر بعد مرور أربعين سنة، مشيرا إلى أنّ "إنشاء هذه الفرقة التي تتشكّل من حوالي 50 موسيقيا من الجزائر ومن مختلف الدول الإفريقية لم يكن وليد الصدفة بل تحقق بعد عمل دؤوب وجهد متواصل دام حوالي ستة أشهر". وأوضح السيد خلادي إلى أهمية هذه السهرة الفنية التي توقّعها هذه الفرقة بقيادة الموسيقار عبد اللّه الحكيم لمداني، وقال "الجزائر تؤسّس لمرحلة جديدة تسمح لإفريقيا التفوّق والتألّق في المجالات الثقافية والفنية". "إبنس" نسبة إلى واحد من أغلى أنواع خشب القارة السمراء، اقترحت على الحضور في ساعة ونصف من الزمن جولة في مختلف طبوع القارة السمراء للتعرف على ثرائها الثقافي والفني، فتحاور القمبري مع الكمان، وتعانق القرقابو بالدف، وتغزّل القانون بالغيتار الآلي تحت إشراف 14 موسيقيا، لتقدّم باقة من الأغاني والموسيقى الجزائرية، الإفريقية والعالمية الأصيلة. وكانت "سلام اللّه عليكم" أوّل أغنية يصدح بها أعضاء "إبنس" الأربع والخمسين، 6 منهم من جنسيات إفريقية، وكان فيها القمبري السلطان الأعظم، لتتوالى الأغاني الجزائرية والإفريقية وكذا العربية، فبعد "ملايكة" مريم ماكيبا، فسح المجال للتراث الأندلسي وأبدع المؤدّون في "حرّمت بك نعاسي" التي أدوها بطابع أوبرالي، مثلما أبدعوا في "غوماري"، "يا الرايح وين مسافر"، "عبد القادر يا بوعلام"، "أيا لخير ينو"، "لهوا واذرارا"، وكذا "الزينة أرض بلادي". ومن التراث المصري، قدّم شباب "إبنس" بلغات العالم أغنية "سلمى يا سلامة" لسيد درويش، فيما اختاروا أغنية "سيدي منصور" من تونس الخضراء، ومن الخزان الغنائي الإفريقي انتقوا "أفريكانوس" وصوداس" لسيزاريا إيفورا، والرقصة الشعبية الإفريقية الشهيرة "باتا باتا"، فضلا عن عدد من أغاني موسيقى الجاز الإفريقية الأصل. على غرار "وات يو ساي". أعضاء كورال "إنبس" أبانوا الكثير من الأداء الرائع والحضور المتميّز، حيث يستكشف متتبّع العرض تقديمهم الجميل المليء بالأحاسيس المختلفة التي تباينت بين أغنية وأخرى عبر طاقات صوتية رائعة. وقد تمّ تسطير برنامج لكورال "إبنس" يضمّ ثلاثة عروض بمسارح الهواء الطلق بكلّ من الجزائر العاصمة في 06 جويلية الجاري، وهران في 14 جويلية وعنابة في 16 جويلية، على أن يتمّ تقديم العرض بكلّ ولايات الوطن بعد اختتام المهرجان.