احتضن قصر المعارض بالصنوبر البحري سهرة أوّل أمس عرسا حاكى الأفراح الإفريقية، وخاطب الحزن أيضا من خلال العروض التي قدّمتها الفرق المشاركة القادمة من الجنوب الجزائري، النيجر والملاوي والتي أبدعت في تقديم لوحات سينوغرافية راقصة افتكت تصفيقات الجمهور الوفيّ، خصوصا أنّها كانت معبّرة وتفوق الوصف نظرا للاحترافية التي أبداها الشباب الإفريقي المشارك. البداية كانت من توقيع فرقة جمعية "ايهيراغ" الثقافية لإليزي التي كانت بارعة في أداء طبوع غنائية ولوحات راقصة في اللون التارقي حيت استمدّت الرقصة الأولى من عمق الصحراء الجزائرية حيث تجول الجمال الصحاري وتهزم الحرّ بصبرها العظيم وأطلق عليها اسم "اليون" أو "رقصة الجمال" ثم تلتها الرقصة الثانية "التيندي" وهي رقصة الأعراس التارقية ورمز الأفراح، ثم لوحة راقصة بعنوان "ايرقاس" ومعناها "الحرب" وكان الختام برقصة "تيهيجالت" أو "السلم". أمّا فرقة "شاوة" القادمة من النيجر فقد استطاعت أن تستل التصفيقات والزغاريد على عرضها المميّز والمتمثّل في اللوحة الكوريغرافية التي تروي صراع الحياة والموت وتضحيات شيخ القبيلة الذي يفدي شعبه بنفسه حتى تعود الحياة للقبيلة بعدما عصف بها الجفاف. تعابير الجسد والنظرة التأملية الثاقبة والإيماءات الفعّالة كانت اللغة التعبيرية لأعضاء الفرقة الذين استطاعوا أن يجسّدوا معاناة الرجل الإفريقي في أوقات الجفاف وشحّ السماء، حيث جسّد "مصطفى" (البطل الرئيسي) شخصية شيخ القبيلة الذي حكم قبيلة من النيجر في الزمن البعيد، وبعدما ضرب الجفاف القبيلة تضوّرت البطون جوعا وبكت النساء ومات الأطفال، فاتّجه الشيخ إلى الكاهن الذي طلب منه أن يجعل نفسه فداء لقبيلته حتى ينزل الغيث، فيقدّم له القربة التي وضع بها السم ويشرب منها بمرارة اختلطت بنوع من أنواع الحب ويتجلى في التضحية، حيث يضحّي بنفسه لبقاء قبيلته وينسحب من المنصة وجسده المرتعش من سكرات الموت يهتز... وفي ساعة احتضاره تدبّ الحياة من جديد في القبيلة وينزل الغيث ويستيقظ كلّ من كان على فراش الموت... وقدّمت الفرقة النيجيرية الثانية المشاركة "القوري كوك" لوحة تشعّ بالفرح تترجم أفراح قبائل النيجر من خلال صعود أعضاء الفرقة إلى المنصة بملابس زاهية الألوان يلبسها النيجيريون في الأفراح. الفرقة المالاوية أيضا قدّمت استعراضات عديدة شدّت انتباه الحضور، والمفارقة العجيبة هي أنّ لباس الفتاة المالاوية يشبه إلى حدّ كبير اللباس التقليدي الجزائري القبائلي، وقدّم أعضاء الفرقة رقصات رائعة تترجم كلّ معاني الفرح والأمل على صليل السيوف، وفي كلّ مرّة يصعد فرد من الفرقة لتقديم طابع موسيقي مالاوي هو مزيج من التقليدي والعصري كما أراده رئيس الفرقة السيد "بين" الذي أكّد ل"المساء" أنّه سعيد جدّا بمشاركته في فعاليات المهرجان الإفريقي، مشيرا إلى أنّه حزين لأنّه لم يتمكّن من التواصل مع الشباب الجزائري كونه يتحدّث الإنجليزية ولا يفهم العربية ولا الفرنسية، وأضاف أنّه سعيد جدّا بنظرات الإعجاب من الجمهور وكذا التصفيقات حيث يرى أنّ الموسيقى هي لغة المهرجان التي لا تقهر، وأضاف أنّه من خلال "المساء" يبعث برسالة حبّ واحترام للشعب الجزائري.