فشل مجلس الأمن الدولي، أمس، في التصويت على قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي يتعرض منذ 11 يوما لقصف صهيوني مجنون، ما يكشف عن سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها القوى العظمى والنفاق الدولي الذي يصر على المساواة بين الضحية والجلاد. في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل دك قطاع غزة بالقنابل والصواريخ التي قدرها المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان بأنها تعادل لحدّ الآن قوة ربع قنبلة نووية، عارضت بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي من حلفاء إسرائيل، وامتنعت أخرى، عن التصويت على مشروع قرار صاغته روسيا يدعو إلى وقف لإطلاق النار. وحصل النص، الذي يدعو إلى "وقف إطلاق نار إنساني فوري ودائم يحظى بالاحترام الكامل" ووصول المساعدات الإنسانية "دون عوائق" إلى قطاع غزة الواقع تحت الحصار، على 5 أصوات مؤيدة و4 معارضة، فيما امتنع 6 أعضاء عن التصويت، ليخفق مشروع القرار الداعي إلى وقف إطلاق النار لدواع إنسانية، في الحصول على الحد الأدنى من الأصوات المطلوبة وعددها 9 في المجلس المؤلف من 15 عضوا. وصوّتت روسياوالصين والغابون وموزمبيق والإمارات لصالح مشروع القرار، فيما صوّتت ضده الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا واليابان، بينما امتنعت بقية الدول عن التصويت وهي البرازيل ومالطا وألبانيا وسويسرا وإكوادور وغانا.وهو ما جعل مندوب روسيا الدائم لدى الأممالمتحدة، فاسيلي نيبينزيا، يعبر أمام المجلس عن "أسفه البالغ"، حيث قال إن "المجلس ظل رهينة أنانية الوفود الغربية". وحذر من أن بلاده "تشعر بقلق بالغ إزاء الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في غزة والخطر الكبير للغاية المتمثل في توسع الصراع إلى المنطقة بأسرها". أما مندوب دولة فلسطينبالأممالمتحدة، رياض منصور، فقد حاول إيصال صوت سكان غزة بالتأكيد على أن "ما يحدث في غزة ليس عملية عسكرية، بل عدوان واسع النطاق ضد شعبنا". وقال إن "هذه مجازر ضد مدنيين أبرياء"، مضيفا أن المحتل الصهيوني "قتل عائلات بأكملها في غزة كما قتل أكثر من ألف طفل فلسطيني خلال هذا العدوان". وبعد أن أشار إلى أن "النظام الصحي في غزة إنهار بشكل كامل" جراء الغارات الصهيونية والحصار المفروض على السكان، شدّد رياض منصور على أنه "لا يجوز مطلقا قتل المدنيين ويجب احترام القانون الدولي". كما أبرز ضرورة إنهاء العدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والسماح بمرور المساعدات الإنسانية ووقف عمليات التهجير القسرية. ويطرح فشل مجلس الأمن الدولي في إنصاف سكان غزة وحمايتهم من نيران الجيش الصهيوني الكثير من الأسئلة، خاصة حول جدوى الحركية الدبلوماسية المكثفة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط من زيارات ولقاءات بين مسؤولي قوى عالمية ودول المنطقة، لم تسفر لحد الآن على حمل إسرائيل على فتح ممر إنساني لإدخال المساعدات من أدوية وغداء الى المنكوبين في القطاع أو حتى إعادة تزويده بالمياه والكهرباء والوقود المحرومين منها منذ أيام. غداة هذا الفشل أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الداعم رقم واحد للكيان الصهيوني عن زيارة تضامن يجريها اليوم إلى هذا الأخير، مصحوب بترسانته العسكرية وذخائره الحربية التي يضعها في خدمة "الجيش الذي لا يقهر" في مواجهة مقاومة فلسطينية تدافع عن حق شعبها المغتصب بأقل الإمكانيات. ولم يجد بايدن حرجا ليقول إنه سيناقش مع إسرائيل مسألة فتح معبر إنساني، يعجز العالم حتى الآن عن إيجاد حل له ما دام الاحتلال الصهيوني، يرفض ذلك ويهدّد بقصف أي شاحنة من المساعدات تجرؤ على الدخول إلى القطاع عبر معبر رفح الحدودي مع مصر والمتنفس الوحيد لسكان غزة على العالم. وسيشارك بايدن خلال هذه الزيارة في القمة الرباعية التي يعقدها اليوم العاهل الأردني الملك، عبد الله الثاني، في العاصمة عمان بحضور كل من الرؤساء والمصري والفلسطيني لبحث التطوّرات الخطيرة في قطاع غزة جراء العدوان الصهيوني وتداعياته على المنطقة والعمل من أجل إيجاد أفق سياسي يعيد إحياء عملية السلام. كما يعقد العاهل الأردني لقاءات منفصلة مع الرئيس الأمريكي والمصري والفلسطيني تتركز على سبل وقف العدوان الجاري على غزة وخطورة تداعياته على المنطقة وضمان إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع، إضافة إلى عقده قمة ثلاثية مع الرئيسين المصري والفلسطيني. من جهتها تحضر الصين للدخول على خط الوساطة في احتواء الوضع المتفجر في فلسطينالمحتلة، حيث من المقرر أن ترسل خلال هذا الأسبوع مبعوثها الخاص إلى الشرق الأوسط من أجل بحث سبل خفض التصعيد والتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين حماس والاحتلال. وترى واشنطن أنه يمكن لبكين أن تلعب دورا في التوصل إلى توافق دولي حول التهدئة في قطاع غزة بحكم علاقاتها الجيدة مع طهران التي تدعم المقاومة الفلسطينية وخاصة حركة المقاومة الإسلامية "حماس".