عادت الموسيقى الإفريقية بمختلف إيقاعاتها وآلاتها وأغانيها المتميّزة من جديد وبعد غياب طويل إلى الفضاء الثقافي الجزائري في إطار المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني، إذ تهتزّ أماكن عمومية وساحات العاصمة ومناطق أخرى من التراب الوطني كلّ مساء على النغمات الإفريقية التي ترافقها أغان من أعماق القارة السمراء تؤديها فرق فولكلورية وفنّانون مشهورون مثل يوسو ندور، موري كانتي أو صافي بوتلة. وتلقى الموسيقى الإفريقية التي تتميّز بنغمات أصبحت مع مرور الزمن مصدر إلهام وإبداع بالنسبة لمؤلّفين أوروبيين وأمريكيين صدى رائعا لدى الجمهور الجزائري الحاضر بدافع الولع بالموسيقى الإفريقية أو الفضول في مختلف استعراضات المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني، وأبرز الأشخاص الذين التقتهم وكالة الأنباء الجزائرية خلال السهرات العديدة "الفرصة" التي تتيحها لهم هذه التظاهرة القارية للتمتّع بالموسيقى الإفريقية مشيرين إلى "نقص" هذا النوع الموسيقي على أمواج قنوات الإذاعة الوطنية. وأشار فنانون إلى أهمية التعريف بالموسيقى الإفريقية داخل القارة أوّلا لأنّ الأمر يتعلّق في نظرهم بمسألة الهوية والطابع الخاص بإفريقيا الذي ينبغي إبرازه والحفاظ عليه، وقالت المغنية الجزائرية سميرة براهمية التي تستلهم موسيقاها من عدّة أنواع جزائرية وإفريقية والتي تمّ الالتقاء بها بالنادي المسرحي برياض الفتح حيث نشّطت حفلا أنّ "الموسيقى الإفريقية جزء منا، فمن واجبنا العمل على إسماعها". وأكّد الفنان السنغالي يوسو ندور بعد تنشيطه يوم 7 جويلية الفارط لحفل بساحة رياض الفتح للصحافة أنّ التظاهرة القارية التي تحتضنها الجزائر تشكّل "قفزا" لجلب انتباه الشباب حول الموسيقى الإفريقية، وقال "أعتقد أنّ الهدف من هذا المهرجان الثقافي الإفريقي هو دفع الشباب إلى إدراك ثروة الفن الإفريقي بشكل عام والموسيقى الإفريقية، فيمكنني أن أؤكّد اليوم أنّ هذه الرسالة أدركت جيدا بالنظر إلى الاهتمام الذي يوليه الشباب لهذه الموسيقى". وبعد أن اعترف أنّ الموسيقى الإفريقية توجد في مرحلة صعبة بسبب القرصنة على وجه الخصوص، أكّد يوسو اندور أنّ هذه الموسيقى تتميّز بقوّة تجعلها قادرة على تبليغ رسائل "قوية" للعالم لتبين أن إفريقيا "ليست قارة بؤس وفقر وأمراض فحسب". كما أكّد يوسف نجيمي منتج الحصة الإذاعية "أفريكا سونغ" التي تبثّ كلّ أسبوع على أمواج القناة الثالثة "الغياب التام" لحصص خاصة بالموسيقى الإفريقية في الإذاعة الوطنية خلال التسعينيات، وأوضح يقول في هذا الصدد أنّه "خلال الثمانينات كانت الحصة الإذاعية "تامبو أفريكا" تعرّف بمطربين يؤدّون الموسيقى الإفريقية وتقدّم إنتاجاتهم الفنية" ومع توقّف بثّ هذه الحصة خلال أكثر من عشر سنة غابت مثل هذه الحصص عن قنواتنا الإذاعية إلى غاية سنة 2002 مع ظهور "أفريكا سونغ" الحصة التي سمحت للكثير من الشباب التعرّف على هذه الموسيقى التي تلاحموا معها تلاحما كبيرا مشيرا في ذلك إلى المكالمات الهاتفية والرسائل البريدية التي تتلقاها الحصة يوميا. وقال في نفس السياق "نحن أفارقة قبل كل شيء، ويجب أن تكون هذه الموسيقى معروفة من الجمهور العريض ولا سيما الشباب، يتعيّن علينا نحن التعريف بها وتعميميها من خلال برامج متنوعة" مشيرا إلى كون "الموسيقى الشرقية الانغلوساكسونية تغرق أمواج الإذاعات"، وبعد أن أكّد أنّ رجال الموسيقى الأفارقة الذين خاضوا مشوارهم الفني في أوروبا "اضطروا للقيام ببعض التنازلات الخاصة بطابع وخاصية الموسيقى والأغنية الإفريقيين" موضّحا أنّ ذلك "سلب من هذه الموسيقى التي تتطرّق عادة إلى الوضعية الاجتماعية وكفاح الشعوب ميزتها الأفريقية"، وقارن في هذا الصدد "إضفاء الطابع الغربي" للموسيقى الإفريقية المشهورة بأغانيها المعبّرة عن الآلام والفقر على وتيرة إيقاعات ونغمات مميّزة بتكرير البترول الخام الذي تصدره بعض البلدان نحو أوروبا. ومن جهة أخرى حيا يوسف نجيمي تنظيم المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني بالجزائر الذي سمح-كما قال- "للشباب بتجديد العهد مع الموسيقى الإفريقية" التي نأمل في أن يتم الحفاظ على أصالتها وأن لا تتأثّر بالتطوّر التكنولوجي أو إدخال أدوات موسيقية أخرى، كما قال في الأخير "آمل أن الموسيقى الإفريقية التي توجد حاليا بقوّة في الجزائر لا تغادر البلد وتختفي مع اختتام المهرجان الثقافي الإفريقي يوم 20 جويلية".