اكتسحت خلال الأشهر القليلة الماضية الأعراس الجزائرية موضة جديدة تجلت في المزج بين التقاليد والعصرنة، وذلك من خلال إضافة "المسمن" أو المعارك كما يطلق عليه في الوسط لفنجان القهوة في صالة العرس، وهو التصرف الذي أثار العديد من ردود الأفعال بين مؤيد للفكرة من باب أنها رجوع للتقاليد وأعراس الزمن الجميل ومعارض بحكم أنها غير مناسبة مع الوضع والزمان، علاوة على أن "الزيت" قد يكون سببا في إتلاف الملابس باهظة الثمن. مفارقات غريبة وعجيبة، هكذا وصفتها أغلب محدثاتنا من الجنس اللطيف، اللآئي رأين أن تقديم "المعارك" في صالة العرس شيء غير طبيعي، خصوصا إذا قامت صاحبة العرس بإلغاء تقديم علبة الحلوى التي تعتبر أجمل ما يحصل عليه المدعوون في حفلات الزفاف والتصديرة، وعوضتها بتقديم المسمن فقط مع القهوة أو القهوة بالحليب، حيث علقت رتيبة 29 سنة قائلة "أنا أستغرب من أشخاص يقومون بكراء الصالة بمبلغ يتعدى ثمنها 80.000 دج ويعجزون على تقديم علبة حلويات ثمنها 150 دج للعلبة، ثم يختفون وراء ستار التقاليد، وغالبا ما يرددون على مسامعك كلمة "أوريجينال" أي "أصيل"، وكأنما وجود المعارك سيعطي العرس نكهة خاصة، أصالة عن نفسي عشت الحدث في ثلاثة أعراس واستهجنته، خصوصا أن إحدى السيدات اكتفت بتقديم المعارك فقط، مما أثار حفيظة المدعوات اللائي علقن على التصرف بأنه استهتار بهن، وأضفن أنه كان بإمكانها الاكتفاء بعرس داخل بيتها مع إكرام ضيوفها على أكمل وجه، بدل تبديد الأموال في كراء الصالة والتعرض للانتقادات اللاذعة"، "وأضافت العرس لا يكتمل إلا بوجود الحلويات التقليدية". أما عفاف 35 سنة تأففت عندما سألناها عن رأيها وردت قائلة "أنا لا أفهم ما سر تقديم المعارك في الأعراس العصرية، فإذا كان أصحابها يرغبون في العودة إلى الأعراس التقليدية الجزائرية فهذا يستوجب قطعا العودة إلى تصديرة "المحضر" التي كانت تقام في وسط الدار، أو في سطح البيت أو الدويرة، حيث كانت تطبع العرس أجواء من الفرحة والبساطة، وتجلس العروس في الوسط بلباسها التقليدي الأنيق، وتقدم صاحبة العرس الحلويات التقليدية على غرار القريوش مع الشاي أو الخفاف أو المعارك، إلى جانب الحلويات المسكرة كالتشاراك ومقروط اللوز وغيرها من الحلويات، أظن أنه من الضروري أن يعيش الشخص التقاليد بأصالتها أو يمارس العصرنة بحذافيرها". أما مريم 33 سنة فترى أن تقديم المعارك شيء غير مستحب قطعا، خصوصا أنها مشبعة بالزيت، مما يتسبب في إتلاف الملابس باهظة الثمن، خصوصا السيدات اللائي يصطحبن أبنائهن معهن، حيث يضع الطفل يده على فستان والدته فيصبح غير صالح للاستعمال". أما أحلام 24 سنة من أشد المدافعات على هذه العادة التي أصبحت تطبع بعض الأعراس تقول "لقد أعجبت كثيرا بالفكرة، فهي تحمل بعض خصوصياتنا الثقافية، كونها تعود بنا إلى أيام الستينيات، كما أنها حملت التجديد في الأعراس وكسرت الروتين، وأنا شخصيا مستعدة لتطبيقها في حفل زفافي الذي سيكون في الصيف المقبل". الجدير بالذكر أن حبات المعارك أصبحت تحضر مباشرة مع انطلاق فعاليات التصديرة، حيث تعكف على تحضيرها مجموعة من النساء، أو تعمل صاحبة العرس على إحضار مختصة لتحضيرها في مطبخ الصالة يقدم لها مبلغ 5000دج حيال خدمتها تلك، في الوقت الذي يفضل فيه آخرون تقديم الخفاف حتى يكون الزفاف خفيفا وسعيدا على صاحبته.