عرفت محلات بيع الملابس تزامنا وتساقط الأمطار الأولى على ولاية البليدة وتراجع درجات الحرارة، إقبالا كبيرا عليها لاختيار ما يناسب هذا الموسم البارد من ملابس للكبار والصغار؛ الأمر الذي استحسنه التجار، الذين وجدوا صعوبة في تسويق سلعهم بعدما طال انتظار بداية موسم الشتاء؛ نتيجة التغيرات المناخية التي جعلت موسم الصيف يمتد لأشهر أخرى. وعلى الرغم من تكبّد البعض خسائر بسبب صعوبة التسويق، غير أنهم يؤمنون بأن التجارة تحكمها قاعدة الربح والخسارة. يبدو أن الفرحة بعودة الأمطار لم تقتصر فقط على الفلاحين، الذين ينتظرونها بفارغ الصبر؛ من أجل غرس وبذر أراضيهم، بل حتى التجار أصبح لديهم تخوف كبير خلال هذا الوقت من السنة من احتمال عدم هطول الأمطار، ومن ثمة عدم القدرة على بيع سلعهم. ووقفت "المساء" خلال جولة استطلاعية ببعض المحلات التجارية بالبليدة، على الإقبال الكبير للمواطنين على محلات بيع ملابس الأطفال والبالغين من الجنسين، لشراء ملابس صوفية دافئة. وحسب ما جاء على لسان بعض المواطنات، فإن تأخر موسم البرد جعلهن يعزفن عن شراء ملابس جديدة تناسب هذا الموسم. وأكدن أن السنوات الأخيرة أصبحت تشهد تأخر حلول موسم الشتاء، وحتى عملية التحضير لهذا الموسم، هي الأخرى أصبحت تتأخر. وقالت مواطنة في هذا السياق: "بعودة الأمطار والجو البارد، خرجنا للبحث عما يناسبنا من ملابس لنا و لأطفالنا"، بينما أكدت أخرى أنها سارعت إلى محلات بيع ملابس الأطفال؛ لشراء ملابس لأبنائها بسبب موجة البرد التي عرفتها الأيام التي تساقطت فيها الأمطار، لا سيما أن ولاية البليدة معروفة ببرودتها؛ لكونها تقع أسفل الأطلس البليدي. ومن جهتهم، عبّر عدد من التجار عن فرحتهم بالانخفاض المسجل في درجات الحرارة، وعدوة الأمطار إلى التساقط، ليتسنى لهم بيع ما لديهم من ملابس شتوية. وقال أحد الباعة بمدينة البليدة، في معرض حديثه، إنه خلال اليومين المواليين لهطول الأمطار، تمكن من بيع عدد معتبر من المعاطف والأقمصة الشتوية، مشيرا إلى أنه لم يقتن سلعة جديدة، وإنما استنفد السلعة التي كانت لديه في المخزن، والتي بقيت من السنة الماضية. وحسبه، فإن الأحوال الجوية مازالت غير مستقرة. ولا يرغب في المجازفة بشراء سلعة جديدة في انتظار أن يتغير الطقس، ويستمر تهاطل الأمطار، ليضمن بيع ما يقوم بشرائه. وأوضحت عاملة بمحل آخر لبيع الملابس النسائية، أنها تمكنت، هي الأخرى، من تصريف بعض الملابس الشتوية، ممثلة في فساتين مصنوعة من الصوف وأقمصة، وحتى معاطف بأحجام وأشكال مختلفة. وحسبها، فإن انخفاض درجات الحرارة خاصة على مستوى ولاية البليدة التي تُعرف ببرودتها في الشتاء وتهاطل كميات معتبرة من الأمطار، ساهم إلى حد كبير، في تحريك السوق. وسمح بتصريف السلع التي كانت مخزنة في المخازن، مشيرة إلى أن تساقط الأمطار فتح شهية التجار لاقتناء سلع أخرى، وعرضها، لافتة في السياق، إلى أن ما يُعرض من سلع هو إنتاج محلي؛ بسبب الإجراءات التي تم اتخاذها لتنظيم الاستيراد، وبغية تشجيع الإنتاج المحلي. ومن جهته، أوضح السيد "رشيد. ف« صاحب محل لبيع ملابس الأطفال بالعفرون، أن تغير المناخ في الأيام القليلة الماضية رفع سقف الطلب على بعض الملابس الموجهة للأطفال، ممثلة في القفازات والمعاطف والجوارب والسراويل الصوفية، مشيرا إلى أنه تمكن من استنفاد بعض السلع التي كان الطلب عليها كبيرا، وقام بتحديد طلبية جديدة على أمل أن تستمر موجة البرد؛ لتنتعش تجارة الملابس الشتوية. وأكد عبد النور بوزار المنسق الولائي للاتحاد العام للتجار والحرفيين بالبليدة، أن التاجر أصبح يتحين الفرص المناسبة لبيع ما لديه من سلع؛ بسبب التغيرات المناخية، التي جعلت من موسم الصيف يطول. وحسبه، فإن قواعد التجارة تغيرت في السنوات الأخيرة. وعرف فيها التاجر صعوبات كثيرة، بدأت منذ تفشي وباء كورونا، الذي أحدث نقلة في حياة التجار، خاصة بعد الإغلاق، وما تبعه من مشاكل في تأمين السلع، مشيرا في السياق، إلى أنه رغم القوانين المنظمة لاستيراد الملابس إلا أن هذا الإجراء لعب دورا كبيرا في تشجيع الإنتاج المحلي، وتحفيز المنتجين على الاستثمار في اليد العاملة الجزائرية، مردفا: "الرهان على النوعية والجودة التي لايزال يفتقر إليها الإنتاج الجزائري في مجال الملابس؛ لتكون قادرة على إرضاء الزبائن ".