تكتسي السلسلة الجبلية "تسالة" الممتدة من مرتفعات وهران شمالا إلى سيدي بلعباس جنوبا أهمية قصوى لضمان توازن النظام البيئي حسب الباحث الجامعي السيد هاني عبد القادر، وتشمل هذه السلسلة الجبلية التي تبلغ أعلى قمة بها 1063 متر بجبل تسالة مجموعة من البلديات الجبلية المتمركزة بين ولايات سيدي بلعباس ووهران وعين تيموشنت. تتربع بلدية تسالة على مساحة 11824 هكتار وتعد 7222 نسمة بكثافة سكانية تقارب 61 نسمة في الكيلومتر الواحد. وحسب الباحث بجامعة سيدي بلعباس فقد كانت تسالة في الماضي أرضا ذات قمح وفير وكان سكانها يجدون فيها مكانا آمنا عندما كانوا يشعرون بخطر الغزو الخارجي، وذلك منذ العهد الروماني وإلى غاية الاحتلال الفرنسي. وظل علماء الآثار يعتقدون منذ أمد بعيد أنهم سيجدون بها المدينة القديمة "استاسيليس" إلى أن انتهى بهم المطاف للتخلي عن الفكرة كون الاحتلال الروماني لهذه المنطقة التي كانت تتواجد بها قبائل بربرية وكانت الجيوش الرومانية موزعة في معسكرات محصنة بكل من عين زرتيتة وعين بنت السلطان. ومع الفتح الإسلامي شهد تاريخ تسالة أحداثا ومآثر تحدثت عن الكثير من الرجال والعلماء الذين وصفوا المنطقة بدءا بالولي الصالح المتصوف سيدي يادر وعالم الجغرافيا والنباتات الأندلسي الإدريسي وقبائل بني عامر والأسد الإفريقي "ليون لإفريقيا " إلى غاية مؤسس علم الاجتماع بدون منازع العلامة عبد الرحمن ابن خلدون ثم مراحل المقاومة ضد الوجود الإسباني. وأما الاستعمار الفرنسي فقد تسبب حسب الباحث في زعزعة البنية الاجتماعية بهذه المنطقة عندما اجتاحها المعمرون الفرنسيون واستولوا على الأراضي الفلاحية، مما أدى إلى تدهور الوسط الريفي، مذكرا بأن الثروات النباتية والحيوانية قد تأثرت بشدة من الفلاحة المكثفة وعاش المعمرون في رفاهية على حساب السكان المحليين. ويتطلب الوضع في الوقت الراهن تعزيز برنامج حماية النظام البيئي (حيوانات ونباتات واستقرار التربة والتوازن الايكولوجي للمنطقة) ضمن منظور التنمية المستدامة حسب محافظ الغابات بالولاية، والذي أشار إلى أن الهدف المتوخى هو وقاية وحماية هذه الجبال من حرائق الغابات ومضاعفة عمليات التشجير، مذكرا بالثروات الطبيعية المختزنة بمنطقة تسالة من أشجار البلوط الكثيفة والصنوبر الحلبي والكاليتوس وغيرها. ومن جهته أفاد مدير السياحة السيد طوالبية عبد القادر بأن هذا الموقع قد اختير لاحتضان منطقة للتوسع السياحي والملف الخاص بذلك قيد الإعداد. وتعرف منطقة تسالة إقبالا كبيرا من طرف الزائرين خاصة في نهاية الأسبوع للاستمتاع بجمال المنطقة ورطوبتها خلال فصل الصيف، علما أنها تضم عدة معالم أثرية، على غرار حصن أثري يشهد على الوجود الروماني بالمنطقة، بالإضافة إلى مركز للأطفال المصابين بمرض الربو ومركز للعطل وفضاءات للتسلية والترفيه، وأما مديرة الثقافة السيدة حنكور حكيمة فقد أشارت بدورها إلى أنه تم اقتراح القيام بمجموعة من الحفريات الأثرية لاستكشاف الأسرار الدفينة بهذه المنطقة.