حمل اللقاء الوطني للنوادي الخضراء، المنتظم مؤخرا، بمدينة بومرداس، أفكار مشاريع صديقة للبيئة، تمثل أغلبها في رسكلة نفايات كرتونية أو بلاستيكية أو حتى عضوية، واستعمالها في العديد من مناحي الحياة اليومية. ويطمح أصحاب بعض تلك الأفكار إلى تجسيدها في مؤسسات ناشئة، تدر قيمة مضافة وتسمح باستحداث مناصب شغل، ورسالتهم في ذلك للسلطات، دعم مساعيهم تلك لتحقيق الأهداف المنشودة. أكد محافظ اللقاء الوطني للنوادي الخضراء، موسى بلحسن، ل"المساء"، أن هذه التظاهرة أصبحت تقليدا سنويا تنظمه مديرية الشباب والرياضة لبومرداس، بالتنسيق مع العديد من الشركاء، موضحا أنه قد يظهر في المجمل تشابه ما بين الطبعات، إلا أن المشاريع المشاركة تصنع الفارق بفضل ابتكارات الشباب، الذين يمثلون في الغالب الهياكل الشبانية بولاياتهم، كدور الشباب، ومراكز التسلية العلمية والمركبات الجوارية متعددة الرياضات. وأوضح بلحسن، أن هذه الهياكل تحوي نوادٍ مختلفة، منها النوادي البيئية التي تستقطب جمهورا واسعا من التلاميذ والشباب من الجنسين، للإبداع والابتكار، مشيرا إلى أن طبعة 2023 للنوادي الخضراء، سجلت مشاركة 34 ولاية، يتسابق ممثلوها للظفر بإحدى الجوائز المقررة لأحسن مشروع بيئي وأحسن جناح عرض. براءات اختراع لمشاريع ناشئة لم يغفل المحافظ، الإشارة كذلك، إلى كون بعض المشاريع التي شاركت في طبعات سابقة نالت براءات اختراع، في انتظار أن تتحول لمؤسسة ناشئة، متحدثا عن مثال لمشروع رسكلة الطابعات لأحد الشباب، الذي تمكن من اختراع طابعة بلغة "البراي" للمكفوفين، داعيا الشباب إلى الانخراط في الهياكل الشبانية للاستثمار في أفكاره، لاسيما أن الدولة توفر عبر هذه الهياكل كل الوسائل المتاحة لتجسيد ذلك. ووقفت "المساء"، بدار الثقافة "رشيد ميموني"، التي سجلت تنظيم اللقاء الوطني للنوادي الخضراء، على مشاريع بيئية مبتكرة فعلا، يهدف أصحابها من خلالها، إلى التأكيد على أن النفايات مهما كان نوعها، هي في الحقيقة عبارة عن مادة أولية ثمينة. ومن بين الشباب المشاركين، شباب النادي البيئي بالقاعة متعددة الرياضات بازر في ولاية سطيف، الذين تقدموا بمشروعين الأول عبارة عن ورشة مصغرة لرسكلة القارورات البلاستيكية، واسترخاج مادة أولية تستعمل في صناعة الخيوط، يمكن استعمالها لاحقا في صناعة المكانس أو خيوط الصنارات للصيد اليدوي، وكذا العديد من الأشياء المستخدمة في التزيين المنزلي. وأكدت مونية بن سيتي، المشرفة على النادي، أن ثاني مشروع مشارك يتمثل في نموذج بيت صديق للبيئة بالطاقة المتجددة الشمسية أو الهوائية، تدمج فيه تقنية استرجاع المياه المستعملة وتصفيتها، إضافة إلى استعمال النفايات العضوية لتوليد الغاز الطبيعي. ورفع أعضاء النادي بالمناسبة، نداء للسلطات الولائية لسطيف، من أجل دعم مسعاهم في إنشاء مؤسسة مصغرة، وتجسيد أفكارهم المبتكرة المطروحة. صناعة الأثاث من جريد النخيل كما يسعى عبد الحميد سعيدي عن ولاية أولاد جلال، المشارك بمشروع رسكلة جريد النخيل، إلى تجسيد فكرته في صناعة أثاث منزلي من هذه المادة المسترجعة، ويشرح محدثنا مشروعه، فيقول بأن توفر المادة الأولية جعلته يطور مهارات صناعة الأثاث من جريد النخيل، ضمن جمعية "سيدي خالد الخضراء"، حيث يصنع الكثير من الأشياء من نفس المادة المسترجعة، بمشاركة أعضاء الجمعية، موضحا أن الأشياء المصنوعة كانت تقتصر على صناعة سياج لبساتين النخل والفلاحة، أو أن تطحن وتضاف ضمن أعلاف الماشية، إلى أن تمكن من تطوير رسكلة جريد النخيل وصناعة أثاث منزلي. كما يطمح في المستقبل إلى تحويل أفكاره وإبداعه لإنشاء مؤسسة مصغرة، مطالبا في السياق، السلطات المحلية لمرافقته في هذا المسعى، وتمكينه بداية من عقار في منطقة النشاطات بسيدي خالد، لمباشرة الإنتاج، ثم توسيع المشروع تدريجيا. من جهته، شارك المركب الرياضي الجواري لأوقاس بولاية بجاية، في هذا اللقاء، من خلال عرض العديد من المنتجات المصنوعة من مواد مسترجعة من الكرتون وورق الجرائد والزجاج والخشب... وغيرها من النفايات، حيث أكدت المشرفة كهينة يحي، أن هذه أول مشاركة في نادٍ وطني تسمح لها وللمشاركين معها بالوقوف على تجارب نوادٍ خضراء من الولايات الأخرى لتطوير المهارات، مؤكدة أن أعضاء النادي بالمركب المذكور، يعتبرون إعادة رسكلة النفايات والمواد الطبيعية متعة كبيرة، تبتعد بهم عن ضجيج الحياة اليومية، مشيرة إلى أن هذا الأمر يعتبر في حد ذاته، هدفا أسمى يضاف إلى هدف الحفاظ على البيئة، التي اعتبرتها مهمة الجميع، وهو بالضبط ما تشير إليه عضوة بالنادي التلميذة شيرين إسعد، داعية أقرانها للحذو حذوها والانخراط في النوادي البيئية التي اعتبرتها متعة وراحة نفسية. يعتبر فيصل بوقفالة، مربٍ تربوي، المشارك عن نادي ولاية المسيلة، أن التعامل مع الطبيعة كله راحة واستقرار، حيث يشارك بمشروع اعتبره اجتهادا شخصيا، وهو عبارة عن مباردة تشجير أطلق عليها "التنمية المستدامة للشجرة". وكشف ل"المساء"، أن هذه المبادرة يسعى من خلالها إلى تثمين وترقية أشجار الأرقان والنيم والفستق الأطلسي، إضافة إلى نبتة الشيح، ويعمل على التحسيس بها، من خلال مشاركاته المتعددة بولايات الوطن لجلب الاهتمام نحوها، قائلا بأنه بدأ في تجسيدها مؤخرا، على مستوى المؤسسات الشبانية بالمسيلة، متمنيا انخراط الجميع في مسعاه.