تواصل الجزائر تجسيد التزاماتها تجاه القضية الفلسطينية، تكريسا لتضامنها الدائم مع الشعب الفلسطيني الشقيق ودعمها لحقه في السيادة على أرضه وإقامة دولته المستقلّة وعاصمتها القدس الشريف. فبعد القرار الهام الذي أسفر عنه الأسبوع الماضي، مجلس الامن الذي صوت لصالح وقف فوري لإطلاق النار بغزّة، تحرص الجزائر على تفعيل البعد التضامني مع الشعب الفلسطيني، من خلال إجلاء الجرحى ومد جسر جوي لإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزّة المنكوب. يأتي استقبال الجزائر ل46 مصابا فلسطينيا في العدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزّة نهاية الأسبوع الماضي، ومعهم 67 مرافقا تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، الذي أعلن عن مبادرة الجزائر للتكفل ب450 طفل فلسطيني مصاب من أجل تلقي العلاج من جروح وآثار قصف الاحتلال الهمجي الذي طال المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزّة. ورغم الصعوبات الكبيرة التي رافقت عملية الإجلاء إلا أن الجزائر نجحت في استقدام بعض الجرحى شهر ديسمبر الماضي، حيث تعلق الأمر بفتاتين الأولى تبلغ من العمر 22 عاما مع ابنها الرضيع والثانية تبلغ من العمر 16 سنة، حيث حولتا إلى المستشفى العسكري عين النعجة. وكانت الفتاتان قد وصلتا على متن طائرة جزائرية رئاسية مجهزة طبيا، انطلقت من مطار العريش حيث تم التكفل بهما في أحسن الظروف. كما تم إجلاء 45 طفلا فلسطينيا و6 جزائريين جرحى من مطار القاهرة أول أمس، إضافة إلى مرافقيهم وذلك على متن طائرتين مجهزتين طبيا تابعتين للقوات الجوية الجزائرية قادمتين من مطار القاهرة بمصر. وينتظر أن تتبع هذه العملية بعمليات إجلاء لاحقة لفائدة فئات أخرى من الجرحى والمصابين وهو ما يعبّر بجلاء تام عن تضامن الجزائر اللامشروط تجاه الشعب الفلسطيني في محنته. وسبقت هذه العملية إرسال الجزائر 150 طن من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزّة، عبر جسر جوي من 8 طائرات عسكرية نحو مطار العريش المصري الأسبوع الماضي، ليسبق هذا الجسر ذلك الذي تم إطلاقه شهر أكتوبر الماضي، حيث تم إرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى قطاع غزّة عبر معبر رفح. وسارت عدد من الجمعيات على نفس النهج، إذ بادرت جمعية الإرشاد والإصلاح منذ بداية العدوان على قطاع غزّة، بإطلاق حملة جمع تبرعات لصالح فلسطين عبر تخصيص حساب لتلقي المعونات المالية، من أجل شراء المعدات والأدوية والمواد التموينية الضرورية من الحاجيات الأساسية للفلسطينيين وتوصيلها عبر طرق مختلفة، كما جرت عليه في العمليات الإغاثية السابقة. وكانت 250 من الهيئات الإغاثية الجزائرية والجمعيات العاملة لدعم فلسطين قد اجتمعت شهر أكتوبر الماضي، لإعلان إنشاء "مؤسسة الجزائر لإعمار فلسطين" مهمتها تنسيق العمل الإغاثي وتقديم الدعم بأشكال مختلفة. وأطلقت جمعية "البركة" في هذا الصدد حملة "الوعد المفعول" لدعم الشعب الفلسطيني وقطاع غزّة، من خلال العمل على التوفير العاجل للأدوية وسلال الغذاء وتوزيع مساعدات نقدية لعائلات الشهداء، وتوفير سيارات إسعاف وجرافات وغيرها من المعدات المدنية التي تحتاج إليها أطقم الدفاع المدني. من جانبها أطلقت لجنة الإغاثة الوطنية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، حملة لتلقي الأموال والمعونات والتبرعات لمساعدة سكان غزّة، بعد الاستهداف الغاشم للاحتلال الذي لم يستثنِ إجرامه في غزّة المدارس ، المستشفيات، المساجد، الأحياء السكنية ومحطات الكهرباء. وتعمل هذه الهيئات الإغاثية بالتنسيق مع الحكومة التي تسهل جهودها وتوفر لها التغطية الرسمية، على دعم حملات دعم فلسطين، في سياق تعزيز الموقف الجزائري على الصعيد الإنساني والسياسي. وتبقى الجزائر من أولى الدول الداعمة للقضية الفلسطينية في صمت ودون ضوضاء، فعلى الرغم من البعد الجغرافي بقيت الجزائروفلسطين قريبتين جدا بفضل علاقات متينة ودائمة إلى يومنا هذا، من خلال التزامها منذ سنوات بدفع مساهماتها للسلطة الفلسطينية، بشهادة الجامعة العربية التي أكدت في العديد من المناسبات أن الجزائر تعد من الدول القلائل الملتزمة بمساهماتها لدعم كفاح الشعب الفلسطيني. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الجزائر تضخ سنويا ما قيمته 55 مليون دولار، إضافة إلى تخصيص ما لا يقل عن 75 مليون دولار لمشاريع بفلسطين خاصة تلك المتعلقة بترميم أوقاف القدس المحتلّة. كما كانت الجزائر من أولى الدول التي قدمت مساهماتها لإعمار غزة، كلما تكررت اعتداءات الكيان الصهيوني على القطاع ، مثلما كان الأمر في سنة 2014 حيث قدمت حوالي 61,4مليون دولار، مما يعكس رسوخ التضامن مع قضايا التحرر المتجذرة في عمق الضمير الجماعي للشعب الجزائري.