❊ انسجام الموقفين الرسمي والشعبي في دعم القضية الفلسطينية ❊ الجزائر تبقى وفية لالتزامها بالدعم المادي والمعنوي لفلسطين تؤكد الجزائر مجددا وفاءها لنضال الشعب الفلسطيني معنويا وماديا، انطلاقا من قناعاتها الثابتة في الدفاع عن قضية الامة التي تشكل أولوية الاولويات في سياستها الخارجية، حيث سارعت، أمس، بأمر من رئيس الجمهورية إلى إيفاد أولى المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، عبر معبر رفح عن طريق جسر جوي مكون من عديد الطائرات التابعة للقوات الجوية للجيش الوطني الشعبي. بقدر ما تشكل هذه المساعدات رسالة تضامن مع الفلسطينيين الذي يعيشون الأمرين بسبب استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة ، بقدر ما تعكس التزام الجزائر الدائم بتقليدها العريق في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في أحلك الظروف، في وقت أصبحت فيه المنطقة تعيش تطوّرات خطيرة أثرت عليها حملات التطبيع التي مسّت عديد الدول العربية. وقد بادرت عديد الجمعيات منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى إطلاق حملات لجمع تبرعات لصالح فلسطين، عبر تخصيص حسابات لتلقي المعونات المالية، التي سيجري لاحقا صرفها لشراء المعدات والحاجيات الأساسية للفلسطينيين، وتوصيلها عبر طرق مختلفة كما جرت عليه في العمليات الإغاثية السابقة. وكانت 250 هيئة إغاثية وجمعيات داعمة لفلسطين، فضلا عن الشخصيات والنشطاء المستقلين والإعلاميين، قد اجتمعوا بحر الشهر الجاري لإعلان إنشاء "مؤسسة الجزائر لإعمار فلسطين"، لتنسيق العمل الإغاثي وتقديم الدعم بأشكال مختلفة وإبراز القضية الفلسطينية في أبعادها كافة. وتعمل هذه الهيئات بالتنسيق مع الحكومة التي تسهل جهودها وتوفر لها التغطية الرسمية، في حين يتوقع أن تلتحق الهيئات الإغاثية الرسمية والحكومية على غرار الهلال الأحمر الجزائري ومؤسسات أخرى، بحملات دعم فلسطينوغزة في وقت لاحق. وعليه يبقى هذا النشاط التضامني مبدأ في ثقافة المجتمع الجزائري إزاء قضية فلسطين العادلة التي تحظى بمكانة خاصة وبشكل عفوي في قلوب الجزائريين منذ عقود من الزمن. وقد سبق للجزائر أن قدمت شهر جويلية الماضي مساهمة مالية بقيمة 30 مليون دولار لإعادة إعمار مدينة جنين الفلسطينية بعد العملية العسكرية الإسرائيلية التي انتهكتها، وذلك بعد أن حظي قطاع غزة الذي لا يسلم من الاعتداءات الصهيونية في كل مرة بهذه المساعدات. كما التزمت الجزائر منذ سنوات بدفع مساهماتها للسلطة الفلسطينية، إذ أكدت الجامعة العربية في العديد من المناسبات أن الجزائر تعد من الدول القلائل الملتزمة بمساهماتها لدعم كفاح الشعب الفلسطيني، من خلال ضخها سنويا ما قيمته 55 مليون دولار، فضلا عن تخصيص ما لا يقل عن 75 مليون دولار لمشاريع في الأراضي المقدسة، خاصة تلك المتعلقة بترميم أوقاف القدس المحتل. ولم ينحصر هذا الاعتراف على أطراف عربية أو فلسطينية فحسب، بل حتى المستشار السابق لرئيس الوزراء الاسرائيلي السابق اسحاق رابين، أكد في تصريح لقناة "أل سي أي"، في خضم عمليات "طوفان الاقصى"، أن الجزائر تبقى الدولة العربية الوحيدة التي لم توقف مساعداتها المادية الموجهة إلى الشعب الفلسطيني. ويبقى رفض الجزائر المشاركة في المؤتمر الذي احتضنته القاهرة أول أمس، بسبب حضور الكيان الصهيوني، أفضل دليل على تطابق أفعالها بأقوالها، خاصة وأنها من أشد المعارضين للهرولة نحو التطبيع وتواطؤ المجتمع الدولي الذي يمارس سياسة الكيل بمكيالين، في ظل الجرائم اليومية المقترفة في حق الأبرياء العزل في غزة. وأبانت الصفحات الأولى للجرائد الوطنية، أمس، عن هذا الاستياء بالتركيز على جرائم العدو في حقّ شعب أعزل، في ظل التضليل الإعلامي الغربي الذي انحاز بشكل كلى للكيان الصهيوني، وأمام تخاذل الموقف العربي الرسمي الذي لا يرقى لأمال الشعب الفلسطيني. كما عبر الجزائريون عن هذا الاستياء عبر مسيرات حاشدة شملت ولايات القطر الوطني، في رسالة تؤكد مرة أخرى الانسجام بين الموقفين الرسمي والشعبي، تمسكا بمقولة الرئيس الراحل هواري بومدين "الجزائر مع فلسطين ظالمة أو ظلومة".