نظمت وكالة طرابلسي الجزائرية - التونسية، بالتنسيق مع عدد من وكالات السياحة والأسفار الجزائرية، رحلة إعلامية استكشافية ترويجية، مؤخرا، في إطار تشجيع التبادل السياحي بين الجزائروتونس. وهي خطوة استباقية لافتتاح الموسم السياحي؛ تحضيرا لرحلات العائلات من وإلى تونس؛ حيث ارتأى منظمو الرحلات مشاركة وفد من وسائل الإعلام الجزائرية المتخصصة في المجال السياحي، في إطار ترقية التبادل السياحي بين البلدين، والعمل على إنجاح الموسم بعدما أصبحت تونس واحدة من أهم وجهات الأسر الجزائرية، خاصة خلال فصل الصيف، بفضل العروض الترويجية "المغرية" التي تعرضها الوكالات وشركاؤها من فنادق، تعد السائح بخدمات خمس نجوم بأقل التكاليف. احتلت تونس المرتبة الخامسة ضمن قائمة أفضل وجهات سياحية في العالم لسنة 2024، وفق آخر تصنيف سنوي لدليل السفر والسياحة "روتار"، امتياز، وهو ما تفتخر به تلك المدينة الزرقاء، التي تُعد وجهة متميزة بخيراتها الطبيعية؛ واحات نخيل، وشريط ساحلي هادئ الزرقة، وشواطئ رملية بيضاء، وشلالات المياه والغابات، إلى جانب منازل بتصاميم مميزة، وفنادق فاخرة، بأسعار ترويجية مغرية، ساهمت في الرغبة في الحجز؛ لاكتشاف زخرف وفسيفساء تلك الدولة الإفريقية التي تجمع بين معالم الجذب السياحي والطبيعة الخلابة. مؤهلات سياحية نقطة قوة الوجهة.. تزخر تونس بعدد من المؤهلات التي ساهمت في جعلها من أهم الوجهات السياحية حول العالم، بفضل اختلاف طابع مدنها، وجمال طبيعتها، وتاريخها العريق، وكذا شواطئها الساحرة، إلى جانب جماليات أبوابها الخشبية الكبيرة ذات الألوان الجميلة، التي تحمل نقوشا ترمز للثقافة المحلية. ولا يمكن الحديث عن الوجهة بدون الحديث عن العاصمة تونس؛ القلب النابض للدولة، بتاريخها، ومعالمها الأثرية، وكذا الإسلامية؛ إذ تحتضن واحدا من أقدم المساجد، وهو مسجد الزيتونة الشهير، وهو المسجد الجامع الرئيس في مدينة تونس العتيقة، ثاني أقدم مسجد بالمدينة بعد مسجد عقبة بن نافع، يعود تاريخه إلى 79 هجري. ويتوسط المسجد أحد أكبر أقطاب التسوق بالمدينة؛ سوق الباي، وسوق البركة، وسوق العطارين، وسوق القماش، وسوق البلاغجية، إلى جانب سوق النحاسين، وسوق الترك، وسوق الحفصي، كل واحدة تعكس ما تتخصص فيه السوق. وتجمع تلك الأسواق في أزقتها، عددا لا متناهيا من الحرف والصناعات التقليدية، التي يبدع صانعوها في إنتاجها، والتفاني في تفاصيلها، تخلق جوا من الألوان، ومزيجا من التقاليد التونسية من صناعات البلايغ، والمحافظ اليدوية، والمقاعد الجلدية، والطرابيش، وكذا النحاس والأكسسوارات النسوية، وغيرها من قطع الديكور. وتتخللها روائح الجلود والخامات المستعملة تارة، وتارة أخرى روائح العطارين المختصين في استخلاص الزيوت، وصناعة العطور من الأزهار، خاصة الورد والياسمين، التي تُعد رمزا من رموز تونس. نابل مدينة التقاليد والأصالة قادت الجولة إلى مدينة نابل، قِبلة سياحية بامتياز. يوجد بها أهم الأسواق الشعبية؛ سوق الصناعات التقليدية الذي يعج بالسياح من ربوع العالم، ميزته الجمع بين التقاليد والأصالة، وحداثة المدينة. كما يجمع عددا من المطاعم التي تعرض الأكلات التقليدية التونسية؛ مثل "الشاباتي"، و "المقلوبة"، و "الملفوف" وغيرها من الأكلات الشعبية التي لا يتردد السائح في تجربتها؛ باعتبارها جزءا من التجارب السياحية التي لا يمكن تفويتها. وتُعد مدينة نابل بالرغم من طابعها السياحي، من أرخص وجهات "التسوق"، ومكانا مثاليا لاقتناء قطع تذكارية؛ لكونها مدينة الحرفيين، ومركز الورشات المنتجة للكثير من تلك الحرف التقليدية التي تتناقل إبداعاتهم أبا عن جد. ومن تونس إلى نابل لا يمكن تفويت الحمّامات. هذه المدينة التي قُسمت إلى ثلاثة مناطق؛ حمّامات جنوب وحمامات شمال، ثم حمامات ياسمين. هذه الأخيرة تختلف عن المدن التاريخية التي سبق ذكرها؛ لكونها مدينة أكثر حداثة بفضل فنادقها المصطفة على طول الشريط الساحلي الكبير. تجمع عددا من السلاسل الفندقية المختلفة. وتتنافس هذه الأخيرة في تقديم العروض المغرية، وتوفير أجود الخدمات للسياح وضيوفها، خاصة في فصل الصيف. شواطئها الساحرة برمالها البيضاء نقطة ترتكز عليها السياحة هناك؛ إذ يضاهي جمال شواطئها أكثر الجزر العذراء الخلابة بالعالم. سيدي بوسعيد وسوسة.. لعشاق الحركة والحياة الليلية سيدي بوسعيد وسوسة مدينتان لا تنامان تقريبا. جمالهما وطابعهما الفريد يجعلان من هاتين المدينتين من أهم وجهات السياح عند التوافد على تونس. تتخذ كلاهما موقعا مميزا على الشريط الساحلي للبحر الأبيض المتوسط، يطلَق عليهما اسم جوهرة الساحل. وتُعد كلا المدينتين الوجهة المفضلة للشباب؛ باعتبارهما أكثر حيوية خلال الفترة الليلية؛ حيث لا تغلَق محلاتهما إلى غاية ساعات متأخرة جدا من الليل؛ مقاه ومطاعم مفتوحة، شواطئ نشطة، ومحلات تروج لسلعها طيلة اليوم ليلا ونهارا. كما تعج هاتان المدينتان بالسياح على عكس باقي المدن التونسية، لتخلق بذلك حركة متواصلة إلى غاية ساعات متأخرة من الليل. وتُعد الوجهة المثالية لعشاق السهرات الليلية المطولة، خاصة بفضل ما تتميز به من أمن وأمان، وكذا حركة النقل العمومي ليلا. تونس في خدمة الجزائريّين.. "تونس في خدمة الجزائريين" جملة رددها كثير من مديري الفنادق الكبرى بمختلف المدن التونسية، هذا ما وقفت عليه "المساء" خلال مشاركتها في الجولة الاستكشافية للوجهة التي نُظمت مؤخرا في إطار الترويج للتبادل السياحي، وتنشيط عمل الوكالات بين الدولتين. وفي حديثه إلى "المساء"، أكد هيثم شوشان المدير التجاري لفندق تاج سلطان بمدينة حمامات، أن الجزائر تُعد واحدة من أهم وأكبر الأسواق السياحية لتونس. وترتكز عليها الفنادق خلال كل سنة؛ لإنجاح موسمها، مشيرا إلى أن التزايد المستمر للسائح الجزائري على تونس، يدفع بمسيري الفنادق إلى المحاولة المستمرة في تحسين نوعية الخدمات المقدمة بما يتطلع إليه السائح؛ لميزاته الخاصة، وتحفظاته، وخرجاته العائلية، التي تجعله من أصعب الزبائن، وأكثرهم تطلبا، مؤكدا أن الأسعار المقدمة للزبون الجزائري مدروسة جدا وفق قدرته الشرائية، وهي نفس الخدمة المقدمة للسائح التونسي من باب الأخوّة التي تجمع بين الدولتين، على حد تعبيره، مؤكدا أن بفضل الحجزات المسبقة للوكالات السياحية الجزائرية والعمل المشترك بين الفنادق وتلك الوكالات، يمكن الأسر الجزائرية الاستفادة من المزايا المقدمة من طرف تلك الفنادق، وبأفضل العروض والأسعار للموسم. من جهته، قال لمين تريكي، المدير التجاري لوكالة طرابلسي للأسفار، أن السوق الجزائريةالتونسية لا مفر منها؛ سواء للجزائريين أو التونسيين، وإنشاء أرضية مشتركة بين الدولتين تعي بالترويج للتبادل السياحي وتنشيط الحركة بين الوجهتين، أمر بالغ الأهمية، موضحا أن تكوين اتحاد عام للوكالات السياحية الجزائرية وتنسيق عملها مع الشركاء الأجانب، من شأنه المساهمة في ترقية وإنجاح المواسم السياحية، والعمل على النهضة بنشاط الوكالات السياحية للدولتين. كما كشف على هامش حديثه، عن عزم الوكالة عمل شراكة ثلاثية بين الجزائروتونس وليبيا؛ من أجل تكثيف العمل في المجال السياحي بين الدول الثلاث، موضحا أن تنشيط الخدمات "الاستقبالية" للسائح الليبي للجزائر مرورا بتونس، هو برنامج جديد، تعمل الوكالة جاهدة على إنجاحه في إطار ترقية السياحة في الجزائر وتنميتها، على أمل استقبال أكبر عدد من السياح نحو الجزائر خلال هذا الموسم. وعلى صعيد آخر، أشار الحبيب السالمي، مدير العلاقات العامة بفندق سيراي بمدينة الحمامات، إلى أن ترقية التبادل السياحي بين الدولتين تونسوالجزائر، أمر جيد للنهضة بالقطاع في الدولتين، موضحا أن تجديد مطالب تخفيف أسعار تذاكر الطيران والبحث عن أرضية تبادل بين الخطين التونسيوالجزائري، كفيل بتخفيف الاعباء عن السائحين من وإلى الجزائر، ومن وإلى تونس، ومشددا، من جهة أخرى، على ضرورة وجود برامج موسعة وخطط تضعها الفنادق التونسية للترحيب بالسائح الجزائري؛ إذ لاتزال بعض الفنادق تخصص حصة الأسد للمتوافدين من الأسر الجزائرية. كما تعطيهم الخصوصية التي يبحث عنها الجزائري، وفق عاداته وتقاليده، وكل ما يرغب فيه من خدمات، خاصة خلال عطلته. الحجوزات المسبقة.. ثقافة سياحية يفتقدها بعض السياح من جهة أخرى، قال محمد طرابلسي، المدير العام لوكالة الأسفار الطرابلسي، إن خلق وكالة شراكة بين الجزائروتونس سيكون بمثابة همزة وصل بين الفنادق والسائح الجزائري؛ إذ تساعد هذه الأرضية على فتح حوار وتفاوض بين الوكالة والفنادق، لتوفير عروض جيدة للسائح وعائلته. وتكون تلك الوساطة "الأولى" بين الفندق والسائح، وسيلة للحصول على عروض "الجملة" بأقل التكاليف، تراعي القدرة الشرائية للسائح الجزائري، وتقضي على الوساطة أو السماسرة بين الفنادق وبعض الوكالات، موضحا بالمناسبة، أن الجزائري على غرار السائح التونسي، يفتقد كثيرا إلى ثقافة الحجز المسبق، بل دائما تجد هذا الأخير يعاني مشكل الوقوع في فخ "حجز آخر لحظة" ، وهي التي تجعل الزبون أحيانا يفاجَأ بخدمة لم يكن يتوقعها؛ مثلا ارتفاع سعر مبيت الليلة، أو نوع الغرفة أو الإطلالة، أو غيرها من التفاصيل التي تعود أصلا، إلى التأخر في الحجز، مشددا على أن الاعتماد على الحجز المسبق أمر ضروري لحجز غرفة الفندق بالمعايير التي يريدها السائح، على أن تكون قبل عدة أسابيع، أو حتى عدة أشهر قبل موعد عطلته، ليضمن جودة الخدمة التي سوف يتحصل عليها. "كوطة" خاصة بالسياح الجزائريين في كل موسم أكد معز عمارة المدير التجاري لنزل سوفيفا بمدينة سوسة، أن سلسلة فنادقه تخصص "كوطة" خاصة بالسائح الجزائري؛ لتفضيل مديري تلك الفنادق التعامل مع الزبون الجزائري أكثر من غيره، وهو المبدأ الذي يتعامل به كثير من الفنادق بتونس؛ بحكم الجيرة، وباعتبار الجزائر واحدة من أكبر الشركاء في القطاع السياحي لتونس. وأكد أن منذ 2015 يسجل الجزائريون المرتبة الأولى في التوافد على تونس مقارنة بباقي سياح العالم، وهذا ما يجعله من الزبائن المفضلين، والذين لديهم دائما الأفضلية في التعامل، على حد تعبيره؛ سواء من حيث تقديم له ما يفضله من أكل قريب من عادات وتقاليد مطبخه، أو نظافة الغرف، أو الراحة في التعامل وتقديم خدمات تتماشى مع متطلباته وتوقعاته من السفر. السياحة الحلال.. على موعد مع الجزائريّين وعد عدد من مسيّري الفنادق بتونس في حديثهم إلى " المساء"، مراعاة خصوصيات السائح والعائلات الجزائرية؛ فنادق بدون خمر، وسباحة مسموحة لمرتدي البوركيني، هذا الموضوع الذي خلق قبل فترة، ضجة إعلامية، وأثار جدلا كبيرا بين العديد من رواد الفنادق ومسيريها حول العالم، عن إمكانية ارتداء هذا اللباس الخاص بالسباحة من دونه، إلا أن رفْع ذلك الجدل سمح بتوسيع التفكير في ما يخص حرية السباحة بما يُعرف بالبوركيني. هذا ما أشار إليه سامي مامي مدير فندق زينيت بحمامات؛ قال: " بحكم الجيرة والقرابة بين الشعبين، تحاول دائما الفنادق التونسية، مراعاة خصوصيات السائح الجزائري، وإعطاء الاعتبار والألوية لمتطلباته، وما يبحث عنه عند زيارته، وتفضيله الإقبال على دولة عربية مسلمة تتماشى ومبادئه "، موضحا أن ما يقارب 40 ٪ من الجزائريين يستغلون غالبية الفنادق خلال الموسم السياحي، وهذا ما يجعل منها نسبة مهمة جدا. و " يُعد من الضروري توفير الراحة لها وفق خصوصيات تبحث عنها، وتضعها في جو ليس بالبعيد عن عاداتها وتقاليدها التي اعتادت عليها ".