نظم مركز الفنون والثقافة بقصر "رياس البحر"، نهاية الأسبوع الماضي، ضمن فعاليات اليوم الأخير من المهرجان الثقافي الوطني للزي التقليدي الجزائري، ندوة بعنوان "التوثيق السينمائي والتلفزيوني للموروث التقليدي من الزي إلى المطروزات"، تطرقت لحضور هذا الزي في الأعمال الفنية، ومدى أهمية السمعي البصري في الترويج لهذا التراث الوطني. تناولت المخرجة والمنتجة هاجر سباطة، بعضا من تجربتها السينمائية، التي يتجلى فيها هذا التراث، قائلة إنها مدافعة شرسة لظهوره على الشاشة الفضية، كذلك الحال حين الظهور في مختلف المهرجانات، مؤكدة أن الزي الجزائري تم إبرازه في السينما في الكثير من الأفلام، خاصة القديمة منها، ومن ذلك الحايك والعجار، خاصة في الأفلام الثورية، حيث ارتدته المجاهدات، وحتى بعض الفدائيين ارتدوه للتمويه، ما يتجلى في "أبناء القصبة" و«معركة الجزائر" مثلا، كذلك حضور الزي في الأفلام التاريخية كفيلم "بوعمامة" و«لالة فاظمة نسومر". تقول المتحدثة، إن مشاهد كثيرة من الأفلام اعتمدت على لباسنا التقليدي، منها الجلسات النسوية في الأعراس، حيث القفطان في فيلم "زوجة لابني" و«ليلى وأخواتها"، الذي قدم "الكساكة وسروال الشلقة ومحرمة الفتول"، والحال نفسه في فيلم "سقف وعائلة" في مشهد الخطبة والعرس. أكدت سباطة أن السينما ساهمت في إيصال روح الهوية الوطنية، مضيفة "علينا كفنانين أن ندافع عن تراثنا، وأن نكون سفراء له وللثقافة الجزائرية، والسينما تساهم في ترقية التراث، ولكن يجب أن يكون هذا التوظيف بعقلانية يحددها السيناريو، إذ من غير المعقول حشر التراث في أي مشهد أو لقطة، بل يجب أن يكون الفيلم جميلا مقنعا كي يبدو التراث كذلك، ويعبر للعالم". أعطت المتحدثة مثالا عن فيلمها "الطيارة الصفراء"، الذي راعى لباس فترة الخمسينيات (1956-1957)، كما قالت إنها تتعامل مع مصممين معروفين لترتدي ما يقدمونه لها في المناسبات السينمائية، من ذلك السيدة ياسف ودار الكاهنة ودور أخرى بالعاصمة وتلمسان. أما الناقد والإعلامي عمار بورويس، فتوقف عند أهمية السمعي البصري في الترويج للتراث، ليس فقط للباس، بل أيضا للعمران والطبيعة والآثار، مستشهدا بالدراما التركية التي خدمت السياحة في بلادها، بمداخيلها التي تفوق 600 مليون دولار سنويا. وقسم بورويس تدخله إلى قسمين، الأول خاص بالسينما، وقال إنها أدت ما عليها في هذا الموضوع، مبرزا حضور اللباس في "العفيون والعصا"، وظهور الحايك ومعالم العاصمة في "عمر قتلاتو"، وبرزت الملحفة في "ريح الأوراس" مع الراحلة كلثوم، وكذا الجبة القبائلية في "مشاهو"، والملاية القسنطينية في فيلم سيد علي مازيف. في قسم الدراما التلفزيونية، الحال غير ذلك، حسب المتحدث، حيث لا تظهر معالم المدن ولا السياحة ولا اللباس ولا اللهجة، لتبدو يتيمة لا تروج لأي شيء، ما عدا في مسلسلين؛ "أولاد الحلال" الذي روج لوهران و«الدامة" الذي روج لباب الوادي، إلا أن الجمهور احتج على العملين، رغم الجهد المبذول، بالتالي أصبح المنتجون يتخوفون من هذه الأعمال التي تعرض المكان والمحيط وظل التصوير في الاستوديوهات أو القصور هو السائد، ليقول "تمنيت أن يعرض مسلسل جزائري معالم من العاصمة، منها الميترو ومقام الشهيد والقصبة وغيرها، أو قسنطينة أو سانت كروز وغيرها. بالمقابل، أشاد المتحدث بسلسلة "دار الفشوش" لجعفر قاسم، الذي ثمن حضور الزي التقليدي، مستحضرا أيضا تجارب مخرجين أجانب وعرب روجوا لثقافة مدنهم وعاداتها، من ذلك مارتن سكورسيزي مع نيويورك، ويوسف شاهين مع الإسكندرية، وفي الأخير اقترح بورويس بعض البدائل، منها التوجه لمواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مع الشباب، وكذلك الجمعيات، للترويج لهذا التراث. كما أكد الفنان حسن كشاش، أن السينما رافقت التعابير الفنية، منها اللباس الذي يجب أن يقدم كما يجب، ليعطي مصداقية للفيلم، خاصة التاريخي منه، والخلل، حسبه، غالبا ما يقع بسبب نقص المراجع أو بسبب الميزانيات الكبيرة لتنفيذه، مقترحا استخدام مواد أولية أرخص، مع الاحتفاظ بخصوصية الثوب، ليتوقف عند الفيلم الأخير لياسمين شويخ "بن خلوف"، الذي ينتظر الخروج، والذي يتجلى فيه اللباس واللهجة والمعالم وغيرها، وتبدأ الأحداث منذ 1558 م، وقال كشاش ل"المساء"، إنه كليا كان بالزي التقليدي من لباس وشاش وغيرها. المصمم رياض تلمساني، تحدث عن تجربته في "دار الفشوش"، وطالب المصممين بالالتزام بالخصوصية والأصالة، مع إحياء بعض الألبسة التي نسيت، منها الفريملة وبلوزة تلمسان ذات 12 نوعا منه المنسوج والزعيم والحمام، مطالبا بضرورة التوثيق والنشر.