ما نسجله في كل مرة عبر أسواقنا ومحلاتنا خلال شهر رمضان الكريم من مظاهر ترهق العين والقلب معا لا يمكن أن يدل إلا على أمر واحد هو غياب ثقافة الاستهلاك لدى الأغلبية العظمى من الجزائريين. مشاهد تصنعها صور اللهفة المفرطة وغير المبررة على كل ما هو غذاء من حلويات شرقية وأنواع وأشكال من الخبز والاجبان واللحوم وغيرها. والغريب في الأمر أن الطوابير والازدحام بكل ما تخلفه من مواقف شجار وشتم وحتى ضرب أصبحت وكأنها أمورا بديهية لا بد منها كلما توجهنا نحو اقتناء حاجياتنا من المنتوجات فنكاد نرى أمام كل المحلات نفس المشهد حتى وإن كان ما يباع هناك تافها لا علاقة له بالأساسيات. وفي الوقت الذي تقاس فيه الأسعار بميزان العرض والطلب فإن المواطن الذي يشكو منها خصوصا بمناسبة حلول الشهر الكريم ويلوم التجار وينعتهم بشتى النعوت والصفات، فإن المواطن المستهلك يجهل أنه هو المتسبب الرئيسي في ارتفاع أو انخفاض الأسعار. وإلا كيف نفسر ما يحدث يوميا من تهافت في أسواقنا والطوابير المشكلة أمام المحلات والتسابق للفوز بأحسن الأنواع حتى لو كلف ذلك قطع مسافات طويلة. كل هذا ليكون مصير كميات هائلة مما تشتهيه العين ومختلف الأطباق المحضرة المشتهاة في النهار، مع الأسف الرمي، حتى وإن كان الكثير من هذه المشتهيات لايستهلك. والحقيقة التي يجهلها بل يتجاهلها الكثير هو أن المستهلك يضر نفسه بنفسه ويفتح المجال أمام أطماع وجشع العديد من التجار دون أن يدرك ذلك والسبب هو غياب ثقافة الاستهلاك لديه مما يكلفه الكثير،، وصدق من قال" ألي تضربو يدو ما يبكي " .