أكد وزير الخارجية السيد مراد مدلسي ليلة أمس بالقاهرة أن وحدة وثبات الموقف العربي بشأن القضية الفلسطينية هي مصدر قوة للذود عن المصالح العربية، في ظل غياب أي مقابل من الطرف الآخر للدفع بالعملية السلمية، داعيا بالمناسبة المجموعة الدولية إلى تحمل مسؤوليتها بدفع هذا الطرف الرافض للسلام إلى التجاوب الجاد مع مطلبها والانسجام مع موقفها. وقال السيد مدلسي في مداخلة له خلال الجلسة المغلقة لأشغال اليوم الأول من الدورة العادية 132 لوزراء الخارجية العرب أن وحدة وثبات الموقف العربي المبني على التمسك القوي بقرارات الشرعية الدولية وخطة الطريق ومرجعية مبادرة السلام العربية "هي مصدر قوتنا للذود عن مصالحنا"، مضيفا بأن "على إسرائيل التي اعتمدت التنكر لأبسط حقوق الشعب الفلسطيني والتمادي المستمر للمجموعة الدولية وراعيها وحليفها الاستراتيجي أمريكا، أن تراجع نفسها، فيما ينبغي على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته بدفع الطرف الرافض للسلام التجاوب الجاد لمطلبه والانسجام مع موقفه". وفي سياق متصل أكد الوزير بأن حالة التشرذم والتناحر بين الفلسطينيين، في ظل استياء وشجب الرأي العام العربي، لا زالت تضر بالمصلحة العليا للشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أنه "لا يمكن والحال هذه، المراهنة على قدرة المفاوض الفلسطيني والعودة إلى طاولة مفاوضات السلام بالثقل السياسي والثقة في النفس اللازمين لنصرة قضيته". وبعد أن أبرز ارتياح الطرف العربي للتوجه الأمريكي نحو العودة إلى مسار المفاوضات وإيجاد الحلول النهائية للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي على كافة مساراته، استنكر السيد مدلسي المواقف المتعنتة التي اتخذتها أقطاب الحكم في إسرائيل وهي تتبجح بالإعلان عن رفضها المطلق التجاوب مع الجهود الأمريكية، مشيرا إلى أن استمرار تكثيف العملية الاستيطانية في الضفة الغربيةوالقدس الشريف، أكبر دليل على هذا التعنت. وجدد المتحدث بالمناسبة تمسك الطرف العربي بالسلام، مشيرا إلى أن هذا الطرف قدم في سبيل ذلك الدليل والبرهان عن حسن نيته في إيجاد حل شامل وعادل يصون حقوق كافة دول المنطقة ويضمن الأمن والاستقرار لشعوبها. وقد أخذت القضية الفلسطينية وتطوراتها الحيز الأكبر من النقاشات خلال الجلسة الأولى من أشغال الدورة العادية لمجلس وزراء الخارجية العرب، حيث تم التطرق إلى الأوضاع المزرية في فلسطين على مختلف المستويات، وخاصة الوضع في غزة الذي يشكل الانشغال الدائم بالنظر إلى الوضعية الحرجة التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع. وأكد السيد مدلسي في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية أن هذه الصعاب لا يمكن تجاوزها إذا لم يتم التوصل إلى إجماع بين مختلف الأطراف الفلسطينية، وفي حال لم تتمكن هذه الأخيرة من تشكيل حكومة وحدة وطنية. كما تم التطرق أيضا إلى الوضع في القدس والإستراتيجية الإسرائيلية القائمة على فرض واقع جديد لتكريس الاستيطان على حساب السكان والشعب الفلسطيني، وذكر السيد مدلسي في هذا الشأن بأن هذه المسائل التي تشكل في حد ذاتها قضية أساسية كانت محور الاجتماع الاستثنائي في شهر ماي الفارط بمقر الجامعة العربية، حيث تم اتخاذ عدة مبادرات في اتجاه مجلس الأمن والجمعية العامة وبالتنسيق مع الرباعية الدولية التي جرى لقاء معها في ايطاليا في جوان الماضي. وأشار بالمناسبة إلى أن مجمل القضايا المرتبطة بالقضية الفلسطينية سيعاد تقييمها من جديد على ضوء زيارة جورج ميتشيل الى المنطقة، كما سيتم عقد اجتماع على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك بطلب من رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس، مؤكدا تأييد الدول العربية للموقف الفلسطيني القاضي بوقف كافة أشكال الاستيطان كشرط لاستئناف مفاوضات السلام. من جانب آخر أوضح وزير الخارجية أن أشغال الدورة تناولت عدة قضايا أخرى ومنها المسألة اليمنية التي تم بشأنها الاستماع للتوضيحات التي قدمها وزير الخارجية اليمني حول الوضع في بلاده، وتأكيد دعم الدول العربية لليمن حتى يتمكن من إيجاد الوسائل لتخطي هذه المحنة والحفاظ على وحدته الوطنية، كما تم خلال الاجتماع أيضا التأكيد على القرارات التي تم اتخاذها في قمة الدوحة العربية لدعم كل من السودان والصومال وجزر القمر. كما تميزت أشغال الدورة بموافقة وزراء الخارجية العرب على مقترح الجزائر بتنظيم ورشة عمل بالجزائر العاصمة حول مشروع نظام أقمار صناعية عربية لمراقبة كوكب الأرض، وأوضح السيد مدلسي في هذا الخصوص أنه لأول مرة وبطلب من قمة الدوحة اجتمع وزراء الخارجية العرب حول هذا الموضوع لإقراره سياسيا وذلك بعد الانتهاء من دراسة واضحة ووافية قام بها فريق من خبراء عرب وتم اعتمادها على مستويات عدة، معربا عن أمله في أن يتم رفع التحفظات التي أبداها البعض والتي مردها -حسبه- إلى عدم الفهم الصحيح للمشروع.