مع تهاطل القطرات الأولى من أمطار الخريف، تحولت كالعادة الكثير من الطرقات بالعاصمة إلى برك للأوحال، حيث شكلت ديكوراً خاصاً، وكانت سبباً في تعطيل حركة المرور ببعض البلديات، وهاجساً لسكان عشرات الأحياء ذات المسالك الترابية. ففي برج الكيفان لا تزال طوابير السيارات تطبع الطريق الوطني رقم 24 في جزئه الواقع بين مركز البلدية وحي الباخرة المحطمة، فعلى امتداد أزيد من كيلومترين يضطر السائقون إلى المشي "بسرعة السلحفاة " حتى يتخلصوا من المسلك، وتساءل المارة، وكذا السكان القاطنين بالجوار، عن غياب تدخل المصالح المعنية، من أجل صرف المياه والأوحال المتجمعة، وعن دور المصالح المكلفة بتسريح بالوعات صرف مياه الأمطار، التي سرقها "لصوص الخردة" على حد تعبير أحد سكان حي اسطنبولببرج الكيفان، الذي ذكر لنا أن 95 في المائة من البالوعات داخل وخارج الأحياء لا توجد بها أغطية، وبالتالي، فإن احتمال حدوث برك ومستنقعات، لا يبعث على الدهشة والاستغراب. مضيفاً أن المواطنين تعوّدوا على مثل ذلك، لكنه اعترف أن متاعب السكان ستزداد ابتداء من سقوط أولى قطرات أمطار الخريف. وبالأحياء الجديدة غير المهيأة على غرار بوسحاقي بباب الزوار، الحميز بالدار البيضاء، علي عمران ببرج الكيفان.. وغيرها، تظهر النقائص جلية، فالمسالك الترابية التي تكون صيفاً "مصنعاً للغبار" وتلويث البيئة، تصبح عند تهاطل الأمطار مرتعاً للطين والمطبات، ومصدر متاعب وقلق السكان، فبعضهم يتحايل للمرور من ضفة إلى أخرى بوضع قطع من الأجرّ والخشب وبقايا الخرسانة، وعندما تطول مدة الأمطار تتشكل خنادق بفعل عجلات المركبات، خاصة الشاحنات ذات الوزن الثقيل. ومن جهتها، تبرر البلديات في كل مرة النقائص بمحدودية الميزانيات، وأنها تعلم بالمشاكل الحاصلة، فيما تعيد الأخرى الوضع إلى كون عدم الانتهاء من إنجاز الشبكات التحتية (ماء، صرف صحي، غاز) هو الذي أخّر مشاريع التهيئة وتعبيد المسالك، إلا أن المواطنين يستغربون دائماً ردود المسؤولين المحليين، خاصة ما تعلق بالتهيئة، ويؤكدون أن هناك أحياء مر عليها أزيد من عقدين كاملين، ولا تزال وضيعتها أشبه بقرية نائية في أعماق البادية.