فجرت إيران أمس قنبلة من العيار الثقيل بعد أن كشفت عن امتلاكها لمنشأة نووية ثانية في طور الانجاز لتخصيب اليورانيوم، مما زاد في تعقيد أزمتها مع الدول الغربية الساعية إلى حملها على التخلي عن برنامجها النووي المثير للجدل. وفي إعلان مفاجئ؛ قال المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية مارك فدريكار أن إيران أكدت وجود موقع ثان لتخصيب اليورانيوم في رسالة بعثت بها إلى الوكالة التابعة للأمم المتحدة الاثنين الماضي. وأضاف أن الرسالة أوضحت أن مستوى التخصيب سيرتفع إلى 5 بالمئة، مشيرا إلى أن الوكالة الذرية طلبت من إيران توفير معلومات محددة حول المنشأة النووية وتسهيل إمكانية الدخول إليها في أسرع وقت ممكن. وهو الأمر الذي أكده مسؤول إيراني رفض الكشف عن هويته والذي قال أن بلاده بصدد إتمام منشأة نووية ثانية شبيهة بمفاعل نتانز لتخصيب اليوارنيوم لأغراض توليد الكهرباء فقط. وطرح الكشف عن مثل هذا الانجاز في هذا التوقيت بالذات الكثير من التساؤلات خاصة وأن الإعلان استبق اجتماعا من المرتقب عقده الخميس المقبل بين مجموعة "الخمسة زائد واحد" التي تضم الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي إضافة إلى ألمانياوطهران، يعد الأول من نوعه منذ فترة طويلة لبحث المقترحات الإيرانية بشأن تسوية ملفها النووي. ثم انه يأتي غداة تبني مجلس الأمن الدولي لقرار يدعو فيه إلى تضافر الجهود من اجل إرساء عالم خال من الأسلحة النووية. وهو ما جعل العديد من المتتبعين يرون في إعلان طهران عن هذه المنشأة رسالة قوية باتجاه الغرب بعد رسائل التحذير والتحدي السابقة مفادها أنها قادرة على امتلاك برنامج نووي سري كما أنها قادرة على الكشف عنه متى أرادت. ويدعم هذا الطرح الإعلان الأخير لطهران عن تمكن علمائها من صناعة جيل جديد من أجهزة الطرد المركزية ذات قدرات عالية وتأكيد مواصلتها تصنيع هذا النوع من الأجهزة في السنوات القليلة القادمة. ولكن هناك من نظر إلى هذا الإعلان بصورة ايجابية بعدما اعتبر أن إيران تريد من خلاله التأكيد انه لا شيء غامض في ملفها النووي ودليل ذلك كشفها الطوعي عن منشأتها النووية. ويدعم هذا الطرح تسريبات للوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت أن المنشأة الجديدة لا تزال قيد الإنشاء وأنها لا تحتوي على أجهزة طرد مركزية، مما يعني أن إيران قد تسمح لمفتشي الوكالة بزيارة المفاعل الجديد. ورغم أن خبراء أكدوا أنه لا يمكن تصنيع القنبلة النووية ببلوغ درجة تخصيب 5 بالمئة لأن الأمر يتطلب درجة عالية من تخصيب اليوارنيوم المشع تصل إلى حدود 95 بالمئة، فإن الخبر نزل كالصاعقة على آذان المسؤولين الغربيين المشاركين في قمة مجموعة العشرين بمدينة بيتسبورغ الأمريكية. وتوعد كل من الرئيسين الأمريكي باراك اوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني غوردن براون في ندوة مشتركة عقدوها أمس على هامش القمة إيران بمزيد من العقوبات الدولية المشددة إن هي لم تخضع لمطالب المجموعة الدولية بشأن تسوية ملفها النووي. واعتبر الرئيس اوباما أن قرار إنشاء منشأة نووية جديدة يشكل تحديا لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وقال انه حان الأوان لان تتصرف إيران بالطريقة التي تمكنها من استعادة ثقة المجتمع الدولي. وبلهجة حادة؛ هدد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي طهران بفرض المزيد من العقوبات وقال انه لن يسمح للقادة الإيرانيين بالاستفادة بمزيد من الوقت وتوعد بفرض سلسلة جديدة من العقوبات شهر ديسمبر المقبل. من جهته أمهل رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون السلطات الإيرانية مهلة إلى غاية الخميس المقبل لتنخرط في المجتمع الدولي كشريك وهدد بفرض عقوبات أكثر شدة وقسوة إن هي رفضت الاستجابة لمطالب المجموعة الدولية. وخيم الكشف عن امتلاك طهران لمنشأة نووية ثانية على أشغال قمة مجموعة العشرين التي ناقش خلالها المشاركون وعلى مدار يومين مجموعة من القضايا الدولية المتعلقة بكيفية إعادة التوازن العالمي في ظل تداعيات الأزمة المالية العالمية. وكان البيت الأبيض الأمريكي أعلن أن مجموعة العشرين التي تضم الدول المتقدمة والاقتصاديات الصاعدة ستصبح ابرز منتدى اقتصادي عالمي.