ألم يحن الأوان لوضع استراتيجية عربية وإسلامية موحدة لحماية الأقصى الشريف من المحاولات اليهودية المتواصلة لتدنسيه وتغيير معالمه إلى غاية تدميره؟ سؤال يعاد طرحه في كل مرة تتكرر فيها نداءات المقدسيين بأن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين في خطر وفي حاجة ماسة إلى وقفة عربية إسلامية وحتى دولية تحميه من بطش الجماعات اليهودية المتطرفة. ولكن المواطنين الفلسطينيين لم يتخلوا عن مسجدهم المبارك ويقفون في كل مرة بالمرصاد أمام أي محاولة يهودية لاقتحام باحته وتدنيسه ويقدمون أرواحهم تضحية في سبيل الدفاع عنه وسلاحهم الوحيد الحجارة. وقد اندلعت مواجهات عنيفة أمس بمحيط الحرم المقدسي بين الفلسطينيين العزل وقوات الاحتلال التي استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتشدين واعتقلت العديد من الشباب الفلسطيني بعدما اعتدت عليهم بالضرب المبرح مخلفة العديد من الجرحى. واشتد التوتر بعدما منعت قوات الاحتلال المئات من الفلسطينيين الذين جاؤوا لنصرة الأقصى من دخول المسجد الذي حولته سلطات الاحتلال إلى ثكنة عسكرية بعدما فرضت منذ ليلة السبت إلى الأحد حصارا كاملا على عشرات المصلين المعتكفين في المسجد الأقصى المبارك لحمايته من محاولة اقتحام جماعات يهودية متطرفة هددت بدخوله لأداء طقوس دينية فيما يعرف ب"عيد العرش العبري". وحاولت القوات الإسرائيلية منذ ساعات الفجر الأولى إخراج المعتكفين من داخل باحات المسجد تمهيدا لاعتقالهم في وقت احتشد مستوطنون يهود قرب باب المغاربة تمهيدا لاقتحام المسجد الأقصى على شكل مجموعات بدعم من شرطة الاحتلال. وكان نفس المشهد عاشه المسجد الأقصى بداية الأسبوع الماضي عندما حاولت تلك الجماعات اقتحام باحته في مسعى لفرض واقع جديد مما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة بين المصلين وقوات الاحتلال التي اعتقلت العشرات من الشباب الفلسطيني في حين أصيب آخرون. ويبدو أن حكومة الاحتلال التي تسعى إلى فرض مخططاتها لتهويد القدس الشريف في محاولة لإفراغه من أي مدافع عنه لتسهل دخول المتطرفين إلى باحاته لتأدية شعائرهم وطقوسهم فيه. وهو ما جعل المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية وخطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ محمد حسين يحذر من ارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة ضد المصلين والمعتكفين في المسجد الأقصى المبارك. وألح المفتي العام للقدس على ضرورة اخذ الحذر من العواقب التي ستؤول إليها المنطقة برمتها في حال استمرت سلطات الاحتلال في تطبيق سياستها وممارستها التعسفية ضد المقدسات الإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى. وقال أن "الوضع الحالي يشبه إلى حد كبير ما قام به رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون عام 2000 وأن الأمر قد يتحول إلى مجزرة ومن ثم إلى نتائج لا تحمد عقباها". وحمل مفتي القدس سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن أرواح المصلين داخل باحات المسجد مناشدا الدول العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ولجنة القدس بضرورة التدخل العاجل لحمايته وحماية أرواح المصلين. وتتواصل النداءات المحلة بالدفاع عن الأقصى الشريف حيث اعتبرت الجمعيات والهيئات والأحزاب اللبنانية والقوى والفصائل الفلسطينية أن ما يجري من اعتداءات عنصرية يقدم عليها جيش الاحتلال كمحاولة لطمس مدينة القدس حضارة وقيمة وشعبا وثقافة. واتفقت هذه القوى في بيان مشترك على أهمية ومكانة القضية الفلسطينية ومدينة القدس ومسجدها الأقصى بما يمثلانه من قيمة حضارية وتاريخية وثقافية للإنسانية وبما يشكلانه على الصعيد القومي والوطني العربي والإسلامي من ملاذ أخير للدفاع عن الحقوق الشرعية للشعب العربي الفلسطيني.