فشل البرلمان العراقي أمس مجددا في إقرار قانون انتخابي جديد مما يفتح الباب واسعا أمام إمكانية تأجيل الانتخابات العامة المقررة في ال16 جانفي المقبل. وقال إياد علي السامرائي رئيس البرلمان العراقي أنه "أمام استحالة التوصل إلى أرضية توافقية بخصوص قضية كركوك تم إحالة مسودة قانون الانتخابات على المجلس السياسي للأمن الوطني من أجل اتخاذ قرار بشأنه خلال الأيام القليلة المقبلة" . وبرر السامرائي اللجوء إلى قرار إحالة هذا الموضوع على مجلس الأمن كون هذه الهيئة أكبر من البرلمان ولا مجال للتفاوض داخله مما تطلب دعوة المجلس السياسي للأمن الوطني للتدخل قصد التوصل إلى اتفاق. وأضاف أنه في حال توصل المجلس إلى قرار بهذا الخصوص الأحد المقبل فإن البرلمان سيجتمع في اليوم الموالي للمصادقة على القانون الجديد. ويتكون المجلس السياسي للأمن الوطني من رئيس الجمهورية ونائبيه ورئيس الوزراء ورئاسة مجلس النواب ورؤساء الكتل النيابية الكبرى في البرلمان. وشكلت أزمة مدينة كركوك العقبة الأكبر أمام تمرير قانون الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها يوم 16جانفي المقبل بسبب الجدل المحتدم بين مختلف الطوائف التي تسعى كل واحدة منها إلى جعل المدينة الغنية بالنفط تحت سيطرتها. ويطالب العرب والتركمان بتحديث سجل الناخبين في هذه المدينة في الوقت الذي يطالب الأكراد بضمها إلى إقليم كردستان بدعوى أنهم يمثلون أغلبية سكانها. وهو ما جعل السامرائي يحمل أعضاء البرلمان مسؤولية عدم التوصل إلى اتفاق وقال أن "مواقفهم التي يعلنونها في الإعلام انعكست على الشارع الذي بدأ يضغط، والمواقف صارت أكثر حرجا ومواقف بعض الكتل أصبحت حادة أكثر مما صعب الوصول إلى اتفاق . والمؤكد أن هذا الفشل يضع الحكومة العراقية في موضع حرج لعدم قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها بخصوص إتمام العملية السياسية وإحداث المصالحة بين مختلف مكونات الشعب العراقي وطوائفه. وهو الأمر الذي دفع برئيس الوزراء نوري المالكي الذي تتزايد الضغوط من حوله لإنهاء الجدل القائم حول قضية كركوك وتنظيم الانتخابات في موعدها للانسحاب من الائتلاف الحكومي السابق من أجل التخلص من عبء الطائفية وتمكنه من كسب مؤيدين خارج الطائفة الشيعية تسمح له بالخروج منتصرا خلال الانتخابات التشريعية المقبلة. وعرفت الساحة السياسية العراقية في الفترة الأخيرة حراكا كبيرا على خلفية هذه الانتخابات سعت من خلاله مختلف الفعاليات السياسية في البلاد إلى ترتيب أوراقها تحسبا لموعد 16 جانفي. وفي سياق هذا الحراك اضطر عمار الحكيم الذي خلف والده المتوفى عبد العزيز الحكيم على رأس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق إلى تشكيل ائتلاف جديد وفق المعطيات التي أفرزتها تطورات الساحة السياسية وفرضها انسحاب حزب الأمة الذي يقوده نوري المالكي. وإذا كان عدم إقرار قانون انتخابات جديد وضع حكومة المالكي في حرج فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تسعى إلى احتواء المستنقع العراقي أبدت مخاوف من مغبة تأجيل الانتخابات خاصة وأن واشنطن تعول كثيرا على استمرار العملية السلمية في العراق وهو ما يفسر الضغوط التي مافتئت الإدارة الأمريكية تمارسها على رئيس الوزراء العراقي لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد. وكان الرئيس الأمريكي باراك اوباما دعا عشية جلسة البرلمان العراقي إلى الإسراع في التصويت على القانون الانتخابي حتى يتم إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المحدد وذلك إثر محادثات جمعته في واشنطن بنوري المالكي. من جانبها حذرت بعثة الأممالمتحدة لمساعدة العراق "يونامى" من أن تأخير إقرار تعديلات قانون الانتخابات لعام 2005 قد يؤدي بشكل كبير إلى تعطيل الجدول الزمني والتحضيرات للانتخابات العامة المقرر إجراؤها بداية العام المقبل. وجاء في بيان أصدره أمس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق آد ملكيرت "أن تاريخ 16 من جانفي المقبل هو تاريخ حاسم حيث أنه لا يزال ضمن الحدود التي وضعها الدستور" ودعا كافة أعضاء مجلس النواب إلى "تظافر الجهود لإحراز التقدم المطلوب وضمان أن تؤدي العملية الديمقراطية إلى النتائج المرجوة".