عادت ذكرى نوفمبر المجيدة وعادت معها الاحتفالات التقليدية التي لاتخرج عن نطاق تنظيم نشاطات تبرز مآثر الثورة، دون أن نسعى لمعرفة ما إذا كانت طريقة إحياء الذكرى قد تجد طريقا للتأثير في نفوس الأجيال. فعظمة نوفمبر يفهمها أكثر منا الجيل الذي عايشها ووقف ندّا أمام قوة استعمارية عاتية ما كان لأحد أن يتصور أنها ستهزم على أيدي شباب نضج قبل أوانه ولا يملك سوى سلاح الإرادة والإيمان بالوطنية، ونجح في انتزاع حريته بعد أن ضحى بالنفس والنفيس. ولاشك أن هذه القيم التي حملها شباب الأمس نجدها حتما في شبابنا اليوم غير أنها بحاجة لمن يؤججها في صالح خدمة الوطنية التي يفترض ألا تنحصر في الشعارات واللافتات، كما انه من الظلم أن نتهم شبابنا اليوم بعدم تشبعه بهذه الوطنية، فلكل واحد طريقته في حب هذا الوطن. فالعيب ليس في هذا الشباب بقدر ما يكمن في أداة ربط التواصل بين جيل الأمس واليوم، وفي فهم رسالة وأهداف ثورة نوفمبر التي تحمل أبعادا واسعة تمتد إلى مرحلة ما بعد الاستقلال. والأكيد أن كافة الفاعلين في المجتمع يتحملون مسؤولية هذه الحلقة المفرغة، ونتعجب كيف لمباريات كرة القدم مثلا ان تحقق ما لم تحققه المبادرات المختلفة، فالانتصارات الكروية لفريقنا الوطني ساهمت بشكل عفوي في إرساء فكرة علم بل أعلام في كل بيت وفي كل سيارة وفي كل محل وفي كل مكان دون انتظار ذكرى 5 جويلية أو أول نوفمبر، لنؤكد مرة أخرى أن الوطنية الحقيقية لا ترتبط بالمناسبات ولا تتوقف عندها.