أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن مبعوثه الشخصي إلى الصحراء الغربية الدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس استأنف محادثاته مع طرفي النزاع الصحراوي تمهيدا لتوجيه دعوة جديدة لعقد اجتماع آخر غير رسمي بين جبهة البوليزاريو والمغرب. وناشد بان كي مون في رسالة بعث بها إلى الرئيس الصحراوي والأمين العام لجبهة البوليزاريو محمد عبد العزيز طرفي النزاع إلى "مواصلة الحوار والتواصل مع مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين بهدف ضمان احترام حقوق الإنسان للشعب الصحراوي". وأوضح الأمين العام الأممي في رسالته أنه أعطى تعليمات لمبعوثه الشخصي لمعالجة الجوانب الإنسانية في النزاع مع الأطراف المعنية بهدف ترقية واحترام حقوق الإنسان حيث جدد التأكيد على أهمية ترقية واحترام حقوق الإنسان في الصحراء الغربية مطالبا طرفي النزاع بالامتثال لتوصية مجلس الأمن الصادرة نهاية شهر أفريل الماضي. كما دعا الأمين العام الأممي الرئيس الصحراوي إلى التعاون مع مبعوثه الشخصي لأجل استئناف جولة ثانية من المفاوضات غير الرسمية تحت إشراف الأممالمتحدة مضيفا في رسالته إلى الرئيس محمد عبد العزيز : "أشكركم على المراسلة التي وجهتموها إلي حيث أثرتم الانتباه إلى التطورات الأخيرة المتعلقة بالصحراء الغربية". وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة "إن هذه التطورات تعزز الحاجة للعمل بغية التوصل إلى حل النزاع ولأجل ذلك يسعى مبعوثي الشخصي كريستوفر روس بطريقة نشطة للتوصل إلى حل على أساس اللائحة الاممية 1871 التي صادق عليها أعضاء مجلس الأمن الدولي نهاية أفريل سنة 2008 . وذكر بان كي مون أن هذا القرار وبقية اللوائح التي تبناها مجلس الأمن منذ 2007 تدعو الطرفين إلى الدخول في مفاوضات مباشرة بنية حسنة وبدون شروط مسبقة بغية التوصل إلى حل سياسي يحظى بقبول الطرفين ويضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. وتستدعي رسالة بان كي مون إلى الرئيس الصحراوي الكثير من القراءات كونها أول رد من المسؤول الاممي على عشرات الرسائل والنداءات التي ما انفك يوجهها إليه الرئيس محمد عبد العزيز للفت انتباه الهيئة الأممية إلى خطورة وضعية حقوق الإنسان في المدن الصحراوية المحتلة بسبب تزايد حدة الانتهاكات المغربية وتماديها في ضرب أدنى شروط الحياة بالنسبة للسكان الصحراويين. والواقع أن خروج الأمين العام الاممي عن صمته إزاء هذه الوضعية التي بلغت درجة لا تطاق لم يأت إلا بعد أن تعالت أصوات المنظمات والنشطاء الحقوقيين الدوليين الذين دقوا ناقوس الخطر من استمرار تلك الانتهاكات وخاصة بعد حملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت نشطاء صحراويين كان آخرها طرد المناضلة الصحراوية اميناتو حيدر إلى جزر الكناري ووضع سبعة نشطاء حقوقيين آخرين منذ بداية الشهر الماضي في سجن عسكري بعد عودتهم من زيارة إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين. ورغم أن الأمين العام الاممي أثار مسألة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية واقتنع أخيرا بوجود انتهاكات هناك إلا انه في المقابل اكتفى بالإشارة إلى ضرورة بحثها مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان الأممية في جنيف بينما تصر جبهة البوليزاريو على ضرورة تخويل البعثة الأممية في الصحراء الغربية "المينورسو" صلاحيات مراقبة وضعية حقوق الإنسان. وتكون الأممالمتحدة من خلال هذه الالتفاتة قد أمسكت بالعصا من الوسط فلا هي لبت مطلب جبهة البوليزاريو ولا هي أغضبت المغرب بخصوص هذه القضية التي بدأت تأخذ أبعادا إنسانية حقيقية بعد أن استفحلت الانتهاكات والتجاوزات وعمليات الاعتقال القسرية التي تطال منذ عدة أشهر السكان الصحراويين. ويجب القول أن تكليف الأمين العام الاممي لمبعوثه الخاص ببحث وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية يعد ضربة قوية للسلطات المغربية التي تجاهلت إلى حد الآن نداءات كل الحقوقيين الدوليين من اجل وقف حملاتها القمعية ضد السكان الصحراويين. وكان مضمون الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس في السادس نوفمبر الماضي بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لما يسمى بالمسيرة الخضراء التي احتل بمقتضاها المغرب الصحراء الغربية نقلة نوعية في تلك الانتهاكات عندما أعطى الضوء الأخضر لمختلف أجهزته الأمنية للبدء في اكبر عملية مطاردة ضد الحقوقيين الصحراويين وكانت اميناتو حيدر أولى ضحاياها عندما جردتها السلطات المغربية من جواز سفرها وأرغمتها على السفر إلى جزر الكناري الاسبانية. وفي ظل هذه الأجواء المشحونة ينتظر أن يشرع كريستوفر روس في مهمة وساطته من اجل تفعيل مسار تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية وهو ما يجعل حظوظ مهمته محدودة وخاصة إذا أخذنا بنتائج الجولة السابقة التي تمت في العاشر من أوت الماضي بالعاصمة النمساوية والتي انتهت بدون نتيجة تذكر. وكان روس في سياق تحركاته فضل انتهاج دبلوماسية الخطوة خطوة في تعاطيه مع ملف هذه القضية مفضلا إجلاس طرفي النزاع إلى الطاولة في جلسات غير رسمية في محاولة لإذابة الجليد العالق بينهما وإيجاد نقاط مشتركة علها تكون بداية لانطلاق أولى الجولات التفاوضية المباشرة والرسمية. ويجهل إلى حد الآن نتائج الجولة الماضية وما استخلصه روس وحتى شعوره من استئناف هذه المفاوضات؟ والمؤكد أن تحركات الموفد الاممي ستنطلق على أساس هذه النتائج والحكم على مساعيه ربما سيتحدد بعد جولة المفاوضات القادمة حتى وان كانت قناعتنا انه سيجد صعوبات في تحريك المفاوضات بعد أن تمسك المغرب بموقفه الرافض لأي حل آخر غير الحكم الذاتي. وكان ذلك سببا في فشل كل المساعي السابقة وإطالة عمر مأساة الشعب الصحراوي.