مازال الكثير من الجزائريين يتسلون بأخبار ام الدنيا، لكنهم بالمقابل يتساءلون هل ان ام الحضارات سقطت فعلا في شرك الكرة أم ان عقدة التفوق التي يعاني منها الاشقاء هي التي دفعت بهم الى اتخاذ مثل هذه المواقف الراديكالية تجاهنا؟ المصريون وبجرة قلم من الدكتور صقر، قرروا مقاطعة الجزائر رياضيا واتخذوا قرارات على قدر كبير من الخطورة، بحجة ان ذلك يحافظ على مستوى العلاقة بين الشعبين الشقيقين، والحجة مسلية لنا كجزائريين، لأننا ندرك بأن الحفاظ على العلاقة المتينة بين المصريين والجزائريين يتطلب المزيد من الاحتكاك والتواصل في كل المجالات بما فيها الرياضة. ويبدو ان اقدام الدكتور صقر من خلال اتحادية كرة اليد على الاعتذار عن تنظيم بطولة كأس افريقيا لكرة اليد بسبب مشاركة الجزائر فيها، لأمر مخجل ومضحك في آن واحد، والخاسر فيه هو مصر ورياضة مصر لا أقل و لا أكثر. مخجل لأن مصر الكبيرة لم تعد كذلك بدليل انها ترفض استقبال الجزائر وتدعي بأن تفادي مواجهة الجزائر يخدم العلاقات بيننا وبينهم، ومخجل أيضا لأن بعض المصريين باتوا يخشون مواجهة الواقع الجديد الذي لا يفرق بين كبير وصغير في الرياضة على الأقل، كما انه مخجل لأن بعض المصريين أرادوا تغيير التاريخ والجغرافيا في آن واحد وهم يدركون ان ذلك غير ممكن على الاطلاق، ولم يفكروا في البدائل. وإذا أراد أصحاب قرار المقاطعة تفادي المواجهة بيننا وبينهم رياضيا، فعليهم الاقتداء بالكيان الصهيوني المغروس جغرافيا في الشرق الأوسط، لكنه غير مرتبط به رياضيا وهو يشارك كملحق في أوروبا، واظن ان الدكتور صقر، بإمكانه خوض التجربة مستقبلا، حتى لا يفوت على الشباب المصري فرصة الاحتكاك والتنافس والتواصل. مواقفنا لا تقبل المخاطر أوالقفز فوق الواقع ولصقر نقول ان مواقف الجزائريين لا ولن تتغير، فنحن لا نقبل الرضوخ ولا الابتزاز أوالمساومة ولا نعتذر عن أخطاء لم نرتكبها ولا نركب المخاطر، ونؤمن بأن الجغرافيا ثابتة ومحيطنا عربي يمتد من طنجة الى خليج عدن ونحن لا نسعى للقفز فوق هذا الواقع. ان سقوط الدكتور صقر الى مستوى تفكير المهرج آدم شو أوباكالولو أواحمد بدير أوالمذيعة العريانة -ريهام سعيد- أوجنرالات المقاهي، قد يعطي الانطباع على ان بعض المصريين مازالوا يفكرون فعلا بالعاطفة وكأني بهم لم يدركوا بعد بأن العالم تغير وان صغير الأمس هو رجل اليوم، وان جيل اليوم ليس جيل الأمس على الاطلاق، والكبير كبير لنفسه لا لغيره. آدم شو شطب الجزائر من ذاكرته ان الطريف في كل الذي تطالعنا به أخبار ام الحضارات، هو ان الناس هناك باتوا يفكرون فعلا بالمقلوب... وللقارئ ان يتصور كيف ان قناة تلفزيونية وهي "الحياة" وبعد ان سكتت عن البرامج الكروية، تحولت للتسلية القبيحة والتهريج الساقط من خلال بعض البرامج التي ينشطها أهل الفن. ولعل الذي تابع آخر حصة للمثل آدم احمد أوآدم شو، يكون قد لاحظ بأن هذا المهرج الذي كان يعد من أشد -الشياتين- للشاب خالد، قد تحول الى صقر آخر فهو وفي لحظة طيش أوكبرياء أوسقوط سب الجزائر ونعت الجزائريين بأرذل الأوصاف وقال صراحة "لقد شطبت الجزائر من ذاكرتي وعندما أفكر في الذهاب الى المغرب، فالأكيد انني سأمر عبر ليبيا وتونس وأقفز الى مراكش" واحمد آدم بأسلوبه الساخر والمهرج اجتهد في تغيير الجغرافيا وربما تخلى عن الشيتة وربما يكون تعمد هذا الأسلوب الساخر هروبا من واقعه الساخر أيضا. ولاشك انه هو الآخر نسي بأن في أحد أفلامه كانت كل أغانيه راي في راي و كان خالد مثله الأعلى، فكيف بنتيجة مبارة في كرة القدم تشطب من ذاكرته الجزائر وتنسيه في راي الجزائر، وحبذا لو ان هذا المهرج طلب من روتانا أوميلودي ان تكف عن عرض هذا الفيلم بل وتحرق أشرطته - وهنا تبان الرجلة -. قرية الجزائر تحمل اسم مبارك ومن الطرائف التي تتشابه مع موقف آدم شو ان مجلسا بلديا في محافظة الوادي الجديد بجنوب مصر، وافق على طلب أهالي قرية كانت تعرف قبل هزيمة الفراعنة أمام محاربي الصحراء، باسم قرية الجزائر، بتحويلها إلى "قرية مبارك". وهكذا تغيرت تسمية القرية، كما تغير سلوك أهلها الذي أزعجهم اسم الجزائر لأنهم لم يتحملوا الهزيمة أولأنهم يعانون من عقدة التفوق، فأي تخلف هذا يا ناس وأية حضارة هذه يا أهل الكفر المبارك. مجدي عبدالغني يزعج روز اليوسف لأنه قال الحقيقة ومن الطرائف أيضا ان جريدة في مستوى "روز اليوسف"، التي تعد من أقدم الجرائد في مصر، باتت لا تقبل بالرأي الآخر، بل وتعتبر كل صوت يخالفها الطرح، بأنه قنبلة. من ذلك ان "روز اليوسف" لم تهضم التصريح الذي أدلى به مجدي عبد الغني عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة، الذي قال في آخر خرجة له، بأن مراقبي الفيفا لم يدينوا الجزائر وأكدوا بأن مباراة الخرطوم جرت في ظروف جيدة. ويبدو ان تصريح عبدالغني كان أشبه بدوش بارد لصحفيي روز الذين كذبوا على المصريين حين قالوا ان الفيفا وحسب مصادرهم الخاصة تنوي معاقبة الجزائر ومصر بمقابلة واحدة بدون جمهور. مجدي قال للمصريين صراحة بأن تقرير المراقبين الثلاثة لم يتضمن أي إشارة من قريب أوبعيد حول وجود أحداث داخل ملعب المريخ. وقال ايضا "ان المؤتمرالصحفي المفترض عقده بجانب هيئة الاستعلامات الخاصة بالتنسيق مع اتحاد الكرة وبحضور الصحافة المحلية والمعتمدة في القاهرة، لن ينفع في شيء ..".