نظمت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتضامن الوطني لمجلس الأمة أمس يوما إعلاميا حول الصحة في الجزائر جمع خبراء الصحة في مختلف الاختصاصات. وشملت المداخلات نظرة شاملة حول التحول الوبائي في الجزائر، إضافة الى مداخلات متخصصة حول بعض الأمراض الثقيلة ومنها السرطان وأمراض القلب مع تسطير أهم التحديات التي يواجهها قطاع الصحة. وأهم ما أثير حول القطاع الصحي بالجزائر هو تحول الخارطة الوبائية التي تأثرت بشكل كبير بالتحول الديمغرافي الذي شهدته الجزائر منذ الاستقلال، بحيث يسجل حاليا أمراضا ترتبط مباشرة بالنمط المعيشي كأمراض القلب وارتفاع الضغط الشرياني والسرطان والسكري، في وقت سجل فيه تراجع ملحوظ للأمراض المعدية وظهور أنواع جديدة من الفيروسات المعدية الخطيرة على غرار فيروس "أ/اش1ان1" المعروف بأنفلونزا الخنازير، والذي تشير آخر الأرقام الرسمية الى تسجيل 553 حالة إصابة مؤكدة و32 حالة وفاة، وهو رقم يبقى بعيدا عن الواقع كونه مرتبط بتلك الحالات التي تم إحصاؤها بالمستشفيات المرجعية، حسب الدكتور عبد السلام شاكو أمين عام وزارة الصحة في تصريح للصحافة على هامش اللقاء، مضيفا أن عدد حالات الإصابة قد تصل إلى حدود الالف ولكنها غير مؤكدة لجهل أصحابها بإصابتهم بالفيروس أو حتى لعدم تقدمهم للخضوع الى تحاليل تثبت الإصابة او تنفيها. أما بخصوص تحاليل اللقاح المضاد ل "أ/اش1ان1" فإن الوزارة-يضيف شاكو- ما تزال في انتظار ما ستسفر عنه تحاليل معهد باستور انطلاقا من القانون الجزائري الذي يحتم إجراء تحاليل دقيقة على كل اللقاحات حتى وإن كان المصدر المورد قد أرفق اللقاح بشهادة مطابقة. ولعل لجوء معهد باستور لإجراء تحاليل أخرى على اللقاح لمعهد باستور الفرنسي قد تسبب في بعض التأخر، في وقت أكد فيه المتحدث أن البدء في توزيع دواء "اولزاتيمفير" الذي يعطى للحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس سيكون نهاية الأسبوع الجاري مجانا على الصيدليات بعدما تمت عملية توزيعه على كامل الهياكل الصحية. ورفض الدكتور شاكو إعطاء أي تاريخ محدد للانطلاق في حملة التلقيح ضد أنفلونزا الخنازير مكتفيا بالقول ستنطلق الحملة فور تلقي الضوء الأخضر من معهد باستور، وأبدى بالمقابل امتعاضه من بعض الكتابات الصحفية التي روجت لتاريخ 19 ديسمبر 2009، او تبنيها لمعلومات مغلوطة كالقول باحتمال تعرض من استفاد من اللقاح لسكتة قلبية على خلفية التجارب التي أجراها معهد باستور على الفئران وهي المعلومات التي تضع مصداقية قطاع الصحة في حرج أمام شركائها العالميين من صناع اللقاحات والأدوية. من جهة أخرى؛ شدد الدكتور لحبيب دواقي في مداخلته حول الأمراض التنفسية والمعدية على أهمية توسيع الحملات التحسيسية والتوعوية حول فيروس أنفلونزا الخنازير الذي أكد ان نسبة شفاء معظم حالات الإصابة كبيرة جدا إلا في بعض الحالات التي تعاني من تعقيدات صحية. جدير بالإشارة أن المتدخلين خلال اليوم الإعلامي شرّحوا واقع الصحة في الوطن، مبرزين أن أمراض القلب والسرطان والسكري تهدد الصحة العمومية بشكل جدي بحيث تشكل أمراض القلب26.1 من مجموع الوفيات، تليها الأمراض التنفسية 23.2 ، ثم أمراض الجهاز الهضمي 14.37 بعدها أمراض السرطان 9.5 ، ثم أمراض الروماتيزم والعضلات 7.53. وهي ذات الأمراض التي تشكل تحديات كبيرة أمام قطاع الصحة في الوطن بالنظر لكونها تتطلب إمكانيات مادية ومالية ضخمة تحتم على وزارة القطاع إعادة النظر في لامركزية العلاج وترشيد النفقات والسهر على تكوين نوعي للموارد البشرية.