ما يدور من لغط هذه الأيام حول الفريق الوطني لكرة القدم ليس غريبا لا على سعدان ولا على الاتحادية ولا على الرأي العام الرياضي الوطني، لأن هذا المنتخب وبعد نضجه وبلوغه مراحل متقدمة من النضج، أصبح محط كل الانظار، الكل يتابع أخباره والكل يسعى للسبق والفوز بما يدور في محيطه وبداخله. وكالعادة، سعدان يدرك ذلك جيدا من خلال مسيرته الطويلة كمدرب لهذا المنتخب الذي أشرف عليه في أحلى وأحلك الفترات في آن واحد، ما من مرحلة إلا وكانت محفوفة بكل المخاطر والاشواك، لأن رؤية الناس لمصلحة الفريق الوطني تختلف وان فيهم من يربطها بمصالحه، وهنا لابد من الاشارة إلى موقع الصحافة الرياضية التي تتابع مسيرة الفريق الوطني من زوايا متعددة ومن منظور يختلف من جهاز إعلامي إلى آخر، ومن هنا تختلف المعالجة ويحدث الشرخ في العلاقة بين المنتخب الوطني وبعض الإعلاميين أوبعض الجرائد، ويشكل تنقل العديد من المبعوثين الإعلاميين إلى طولون بفرنسا حيث عسكر المنتخب الوطني في سياق حمى السبق الإعلامي، سببا رئيسيا في هذا التوتر، لأن السرية التي فرضها الطاقم الفني الوطني وحرصه على إبعاد لاعبيه عن كاميرات الصحافة، كانت وراء خلق أجواء متوترة، وقد رأينا كيف كانت تأتي الاخبار من المعسكر متناقضة وحتى مفبركة وبعيدة عن واقع ما كان يدور هناك، حوارات ولقاءات وأخبار توحي بأن الوضع على وشك الانفجار. وكالعادة أيضا نجد الكثير من التسريبات من داخل المعسكر والتي يتسبب فيها بعض اللاعبين وسعدان يعرف ذلك جيدا وكذا مسؤولي الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، كما ان الكل يدرك ان شغل الصحافة لا يتوقف عند الجهة المقابلة للفندق أوعند بوابة الملعب الذي تقام به التدريبات في سرية تامة أوتحت الحراسة. وليس خفيا على أحد ان بعض هذه التسريبات كثيرا ما كان وراءها بعض الإداريين وغير الإداريين المرافقين للمنتخب الوطني ومن أروقة الاتحادية بل وحتى من كواليس صنع القرار في هذه الهيئة، ومن هنا تبدأ الفوضى فيضطر بعض الإعلاميين إلى الفبركة باعتراف العديد من الصحافيين الذين يفوتهم قطار التسريبات أو لا يملكون الوسائل التي تخرجهم من التهميش الذي وجدوا أنفسهم ضحية له، فيخلقون بذلك بعض الاضطرابات التي تتسبب في التشويش على الطاقم الفني وعلى اللاعبين بل وعلى الجمهور والرأي العام بصفة عامة. وحتى نكون صرحاء مع بعضنا البعض لابد ان نتساءل لماذا انفرد مثلا المدرب الوطني رابح سعدان بصحيفة واحدة قبل 24 ساعة من ندوته الصحفية التي عقدت قبل التربص الأول بكاستيلي وكيف تسرب لصحيفة أخرى أخبار حساسة عن المنتخب الوطني قبل ان تنشر عن الموقع الرسمي للاتحادية، وكيف تتدخل هذه الأخيرة لترتيب لقاء صحفي بين قناة أجنبية ولاعب من المنتخب الوطني وكيف يشاهد قائد المنتخب الوطني يزيد منصوري في قناة فرنسية اثناء التربص الأخير يدلي بتصريحات من داخل "بلاتو" هذه القناة في وقت يحرم فيه الصحافي الجزائري من التقرب من الفندق الذي يقيم به المنتخب أوالملعب الذي يتدرب به وكيف نقرأ في الصحف الفرنسية الكثير من الحوارات مع لاعبينا من داخل التربص ومن رخص بذلك ولماذا كل هذا التمييز ؟ هذه أسئلة وحقائق لا يجب القفز فوقها أوتجاهلها، لأن أسباب التوتر تبدأ من هنا ومن خلالها، ومن هنا أصبح لزاما على المدرب الوطني ان يدرك خطورة هذه الممارسات ويقرأ عواقبها جيدا وعلى مسؤولي الفاف أن يعاملوا كل الصحافة على قدم المساواة وخاصة في هذا الظرف بالذات، حيث سيلعب المنتخب الوطني واحدة من أكبر المنافسات الرسمية قبل الشروع في التفكير في موعد جنوب افريقيا الصائفة المقبلة. ولا شك انه عندما تعالج هذه الممارسات وتوفر المادة الإعلامية في وقتها وبدون استثناءات لكل الصحافة، فعندها يمكننا أن نفرق بين الذي يريد أن يجعل من المنتخب الوطني مادة تجارية يسوق بها جريدته وبين الذي يسعى لايصال الخبر بصدق وأمانة لجمهور قرائه أو مستمعيه ومشاهديه، ومن هنا أيضا يمكننا جميعا إطلاق السهام نحو كل من انحرف عن الهدف أوالمسار وعمل ضد مصلحة المنتخب الوطني.