يعيش الشارع الجزائري على إيقاع المباراة التي ستجمع المنتخب الوطني بالفريق المالاوي اليوم بأنغولا لحساب الجولة الأولى من كاس أمم إفريقيا.محبو وعشاق الكرة المستديرة الجزائرية لا يقومون ولا ينامون سوى على "الخضرا"، و لا حديث لهم إلا على يبدة، مغني وزياني وكل "محاربي الصحراء"، الذين تراهن عليهم الجزائر في التأهل إلى الدور الثاني من المنافسة القارية. لم يكن حديث عامة الجزائريين أمس في شوارع العاصمة منصبا سوى على اللقاء الكروي بين الجزائر ومالاوي، والنتيجة التي سيحققها "الخضر" هذا المساء بلواندا، وقد أكدت الجولة القصيرة التي قادتنا إلى عدد من الأحياء ولقائنا بعدد من أنصار الفريق ومن عامة المواطنين، رغبة ملحة في أن يتمكن "الخضر" من تجاوز الدور الأول من الكأس الإفريقية بسلام، على اعتبار أن ذلك سيكون خطوة عملاقة للمرور إلى المرحلة الثانية. فرغم غياب المنتخب الجزائري عن الدورتين الأخيرتين، تبدو الجماهير متفائلةً بالنتائج الإيجابية التي حققها منتخبها في التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا، والتي تمكنوا من خلالها من بلوغ المونديال للمرة الثالثة في تاريخهم بعد غياب طال 24 عاماً. ورغم الروح الإيجابية التي تسود الشارع، فإن الحذر وجد طريقه إلى تصريحات الجماهير، بالنظر إلى قوة الفرق المنافسة التي تطمح هي الأخرى إلى الفوز بالتاج الإفريقي. ولم يحدث في تاريخ الكرة الجزائرية أن توحدت قلوب الملايين على أسماء واحدة كما هو الحال اليوم، الأمر الذي أرجعه الكثيرون إلى تهديد المدرب بالاستقالة من منصبه عقب الحملات الإعلامية المتتابعة التي نالت منه، فأينما تولي وجهك تلمح وجوها مفعمة بالتفاؤل بالوصول إلى أقصى حد في هذه النسخة من البطولة الإفريقية، وإن كان في ذاكرة الجزائريين ما وقع للمنتخب في كأس إفريقيا 1982 و1986، حين كانت المشاركة رمزية ولم تجعلها سوى كموعد تحضيري للمنافسة العالمية في الصيف الموالي. ولم يأت تفاؤل الجزائريين من فراغ، بل نتاج عمل كبير قام به المنتخب على مدار أكثر من سنة وأتاح للجمهور وضع الثقة في التشكيلة والمدرب، وإن كانت التطلعات تصبو إلى تحقيق نتائج إيجابية في كأس العالم والعبور إلى الدور الثاني، فإن التألق في دورة أنغولا سيكون تحصيل حاصل حسب الاستطلاعات التي قامت بها "المساء". وضمن تكهنات مناصري الفريق الوطني حول نتيجة اللقاء، توقع "عدلان"، وهو بائع ملابس ومناصر دائم ل"الخضر"، أن تنتهي مقابلة الجزائر مالاوي بنتيجة (1-0) ل"الخضر"، بالرغم من أن المأمورية تبقى صعبة للغاية أمام فريق اجتاز التصفيات المؤهلة ل"الكان" بدون أخطاء، وهو ما جعله يؤكد على أن "مقاتلي الصحراء" مطالبون بتوظيف كل أوراقهم لتحقيق حلم عامة الجزائريين بالتأهل إلى الدور الثاني. وبوجه بشوش يبعث على التفاؤل، استقبلنا عامر عمور بمحله وأكد ل"المساء"، أن لقاء "مقاتلي الصحراء" بتشكيلة المالاوي اليوم، يعتبر عرسا للكرة المستديرة الإفريقية، وهو ما جعله يرشح كلا من اللاعب كريم زياني وعبد القادر غزال لتسجيل أهداف الفوز. وكان للعنصر النسوي تدخل في الموضوع، حيث شاطرن رأي المناصرين سابقي الذكر، وهو الأمر الذي تحدثت عنه "فاطمة. س" التي وجدناها داخل أحد المحلات بالعاصمة وتمنت فوزا عريضا للفريق الوطني. من جهته استقبلنا بائع مغربي بمحله بشارع العربي بن مهيدي، وتكهن بفوز أشبال المدرب رابح سعدان الذين حضروا لهذه المواجهة الهامة منذ فترة طويلة بنتيجة (1-0) رغم أن المهمة لن تكون بتاتا سهلة أمام الفريق المالاوي. وأكد أن زملاء شاوشي سيوظفون كافة مجهوداتهم للذهاب بعيدا في المنافسة القارية. وفي الوقت الذي كنا نتحدث مع البائع، إذ بإحدى زبوناته تدخل المحل وبمجرد أن عرفت موضوع حديثنا حتى تدخلت هي الأخرى وقالت: "أنا شخصيا لا أهتم بكرة القدم ولكن عندما يتعلق الأمر بالعلم الوطني أصبح رياضية ومناصرة شوفينية ولكن بشكل إيجابي للفريق الوطني، الذي آمل أن يفوز اليوم". وهو نفس الانطباع الذي لمسناه عند محمد بائع المجوهرات بساحة البريد المركزي بالعاصمة، والذي أكد أن المنتخب الوطني مطالب بالفوز لإرضاء جمهوره، الذي عاش ضغطا رهيبا بعد سماعه خبر استقالة سعدان المزعومة من طرف وسائل الإعلام. وبين كل هذا التفاؤل، خرج محللون جزائريون بموقف مخالف، أكدوا فيه على ضرورة تغيير النهج التكتيكي المتبع سابقاً للوصول إلى نتائج متقدمة من المنافسة، طالبين العودة إلى طريقة اللعب الجزائرية، مثلما قال رابح ماجر: " لابد أن نلعب بطريقتنا السابقة التي تعتمد على الهجوم عكس ما هو واقع حالياً". الرأي الذي أيده مدرب وداد تلمسان فؤاد بو علي : "المنتخب في التصفيات كان تحت ضغط رهيب، أما الآن فقد تحرر كلية ويجب تنويع الخطط بين مباراة وأخرى مع المحافظة على النسق العام". وطالب مدرب جمعية الخروب الجديد العائد من تجربة في تونس، عز الدين آيت جودي، بضرورة إنهاء أزمة المنتخب سريعاً وتوفير كل ضروريات العمل للمدرب. وأضاف : " من المهم جداً أن نركز على خط الهجوم الذي يتطلب العمل عليه كثيراً في التدريبات، باعتبار أن أغلب الأهداف الموقعة في التصفيات كان المدافعون وراءها". وبين الرأي الأول والثاني، يبقى التفاؤل سمة مشتركة للجزائريين بتحقيق دورة متميزة وأمنية للذهاب بعيدا في المنافسة.