من الصعب أن تجد في محيط المنتخب الوطني مباشرة بعد انتهاء مباراة مالاوي من بإمكانه تقديم أجوبة مقنعة لتبرير الهزيمة، سوى القول، لقد كان لعاملي الرطوبة والحرارة، تأثيرهما السلبي على اللاعبين الذين لم يتمكنوا من توظيف كل إمكانياتهم أو فرض أسلوبهم، بالرغم من وجود رأي مخالف من الجهة الأخرى يقول أن الحرارة كانت على الطرفين، وهو رأي المدرب المالاوي الذي رفض التقليل من انتصار فريقه، وقال أنه تحقق بفضل استماتة اللاعبين وقدرتهم على التكيف مع ظروف المباراة. لقد بحثنا مطولا على من يحدثنا بصراحة عن الذي حدث للمنتخب الوطني، وحتى عندما سألنا المدرب رابح سعدان وجدناه كمن يتهرب في الحديث صراحة عن الهزيمة أو تشخيص أسبابها، وكأنه أراد أن يقول لنا لسنا في قسم بوليس. والملاحظ أن تصريحات اللاعبين لم تكن في الواقع تنطوي على ما يختلج في صدورهم من حسرة أو ندم، فإذا استثنينا بوقرة الذي طلب من الجماهير الجزائرية الصفح والاعتذار، فإن بقية زملائه تاهوا في البحث عن الإجابة، فيما اعتذر البعض عن الحديث لأنهم تاثروا و لم يجدوا الكلمات التي يواجهون بها الأسئلة العديدة التي طرحت من قبل الصحافيين الذين تاهوا بدورهم في إيجاد من يتحدث عن عامل آخر غير الحرارة. روراوة : إسالوا اللاعبين وربما أكبر مفاجأة كانت من السيد محمد روراوة رئيس الاتحادية الجزائرية، الذي كان رده مقتضبا وربما اعتبره البعض الآخر صريحا، لأنه أحال الصحافيين على اللاعبين وقال " إسألوهم لماذا كانت الهزيمة، فأنا لم ألعب فوق الميدان". إجابة روراوة كانت لها قراءة واحدة، هي أنه رمى الكرة في ملعب اللاعبين والمدرب دون أن يذكر هذا الأخير لا بالاسم ولا بالصفة، لكنه بدا وكأنه يعاتب الجميع ويضعهم أمام المسؤولية وأمام الجماهير والصحافة. سعدان يلحن تحت تأثر المناخ وحتى عندما عدنا إلى سعدان لنسأله أين الخلل، لم يتردد في القول ليست هناك مبررات لما حدث سوى أننا لعبنا في ظروف مناخية غير ملائمة وأن اللاعبين لم يقصروا، وقد أدوا ما عليهم ولم يتأثروا سوى بعامل الرطوبة والحرارة. ودافع سعدان عن لاعبيه دفاعا مستميتا حين يقول "لا تحملوهم مسؤولية الهزيمة لأن الظروف بصراحة لم تكن تساعدهم على توظيف مستواهم، فهم حاولوا التغلب على كل الضغط، لكن الذي حدث أن ضغط المناخ كان فوق كل الإرادات، وهذا ما حدث وهذا هو التفسير الوحيد". صايفي : زملائي أدوا ما عليهم هذا التفسير وجدناه عند صايفي الذي ربما كان أكثر حرصا على تبرئة ذمة زملائه من تهمة التقصير أو الاستهانة بالخصم أو بلعب المباراة وعقولهم في المونديال. صايفي قال عن مردوده فوق الميدان أنه كان دون المستوى، لأنه صراحة لم يلعب بكل مستواه، لكنه تحدث بلهجة الواثق من إمكانية استغلال هذه الهزيمة في المواجهات القادمة، حين أصر على القول بأن الهزيمة أمام المالاوي ستخدم المنتخب الوطني كثيرا، دون أن يوضح كيف ستخدمه. وبلغة الواثق من نفسه، قال أيضا "أعد الجمهور الجزائري بما هو أحسن في اللقائين القادمين أمام كل من مالي وأنغولا، لأن أشياء كثيرة سيعاد النظر فيها". شاوشي خارج الإطار أما الحارس شاوشي الذي كان خارج الإطار بنسبة كبيرة جدا، فهو وفي كل الحالات كان أكثر المتأثرين بعد هذه الهزيمة، حيث شكل الرقم البارز فيها، إما لقلة خبرته في مثل هذه المستويات أو لأنه لم يكن جاهزا من الناحية النفسية، لأن الانسحاب المفاجئ للحارس الأساسي قاواوي وضعه أمام مسؤولية أكبر من قدراته الذهنية بالدرجة الأولى قبل الحديث عن أي عامل أو تأثير آخر له علاقة بالرطوبة أو الحرارة. رفقاء صايفي يرفضون أي تعليق على دور شاوشي في الهزيمة أو على الأقل في الهدفين الأول والثاني، ويقولون لم يكن هناك واحد أحسن من الآخر، ولم تكن الهزيمة من فعل هذا اللاعب أو ذاك، بل إن المسؤولية جماعية، لأن عاملي الرطوبة والحرارة وضعانا خارج المباراة.. لكن شاوشي كانت له الصراحة الكافية ليعترف بأنه أخطأ، لأنه وكما يعرف الجميع، كان متأثرا بانسحاب زميله قاواوي، لأنه وبعد هذا الانسحاب المفاجئ وجد نفسه أمام تحديات كبيرة لم يكن له الوقت الكافي للتكيف مع فكرة أنه سيكون الحارس الأساسي، وهذا يعني أن تركيزه كان ناقصا، بل ومنعدما أساسا. الهزيمة كابوس مزعج للاعبين لاعبو المنتخب الوطني الذين عاشوا كابوس الهزيمة المخجلة أمام مالاوي، وعلى الرغم من إصرار العديد منهم في اليوم الموالي على الخروج من الأزمة النفسية التي تسببت فيها هذه الكبوة غير المنتظرة على الإطلاق، ربما مازال الكثير منهم لم يهضم ما حدث، خاصة أولئك الذين أحسوا بعقدة الذنب تجاه الجماهير، التي وفي كل الحالات، لن تقبل بالاعذارات التي عددها سعدان أو بلغة الصراحة التي تحدث بها صايفي أو بوقرة. ويبدو أن خرجة عنتر يحيى الصريحة قد تضع كل لاعبي المنتخب الوطني والطاقم الفني والإداري في قفص الاتهام، وحتى رواروة الذي قال إسألوا اللاعبين يجيبونكم عن أسباب الهزيمة، يتحمل جزءا من المسؤولية، لأن "باطرون الفاف" هو من وافق على برمجة تربصات الصقيع بفرنسا وهوالذي وافق على البرمجة الكارثية لأوقات مباريات الجزائري التي تجري في أوقات القيلولة. عنتر يحيى قال إن الهزيمة ألحقت ضررا معنويا بالجمهور الجزائري الذي لن يتسامح على الإطلاق مع مثل هذا الحالات ولابد من محوها عاجلا، خاصة وأنه وعد بالحضور أمام مالي. ويبقى الحديث عن الأخطاء التكتيكية واختيار اللاعبين من الاشياء التي غطت عنها سوء البرمجة او عاملي الحرارة والرطوبة أو تهرب سعدان من الإجابة الصريحة، واكتفائه وفي عجالة بالحديث عن المبررات التي يعرفها العام والخاص.