الإصابات بالجملة والرطوبة وسوء البرمجة.. حقائق تسكت المشككين كثر الحديث عن المشاركة الجزائرية في كأس افريقيا للأمم 2010 في دورها الأول، الذي مر بسلام وكثرت التحاليل، وربما سيزداد اللغط أكثر حدة بعد الدور الثاني، ومع اقتراب موعد المونديال، لأن كل الذين حاولوا تدوين هذه المشاركة التي مازالت قائمة، يقولون اننا سنذكر سعدان يوما ونذكر اللاعبين، بأننا لسنا على خطأ وأن نظرتنا لهذه المشاركة وانتقادنا لها املته تلك النقائص التي لمسناها على أكثر من صعيد. وربما يكون اصحاب هذا الرأي على قدر من الصواب، لأن المنتخب الوطني لم يظهر بالصورة المثلى في مبارة مالاوي وغابت عنا تلك التي ارتسمت في مخيلة كل منا على امتداد التصفيات المؤهلة للمونديال وكأس افريقيا للأمم، التي نحن بصدد التحضير لدورها الثاني، وقد تكون بعض الملاحظات التي دونها رجل الشارع ممن حز في نفسه ان يرى منتخبنا الوطني على هذه الصورة الباهتة في محلها ايضا، خاصة وان هناك من لم يرق لهم على الاطلاق، تصور منتخب وطني على أبواب المونديال يلعب بالصورة التي وقف عليها ولم تعجبه زو انها خيبت ظنه. وقد نتفق جميعا بأن منتخبنا قد افتقر للفعالية في الدور الأول وان ما حدث غير مقبول في بعض جوانبه ولا يمكن السكوت عنه ويجب تغييره بأي أسلوب كان، لكن أي هذه الأساليب أقرب إلى منطق هؤلاء والمنتخب الوطني ضمن كوطة كبار القارة ؟ ومثل هذا السؤال نطرحه في المقام الأول على بعض تقنيي المناسبات وعلى اللاعب الدولي السابق محمود قندوز الذي يدرب في الدرجة الثالثة بقطر ليجيبنا صراحة ما العمل في حالة كهذه، لأن هذا المدرب ومن خلال تشويشه على المنتخب الوطني في جلساته بقناة ام بي سي، ربما يملك الاجابة ويملك الوصفة التي تجعلنا نؤيد فكره الكروي الذي تشبع به بعض المهزوزين في الجزائر من مدربي المناسبات والذي يبني عليه ايضا بعض الحاقدين على الجزائر في قنوات أجنبية وخاصة الفرعونية منها. الأعذار كثيرة والتهديم سهل إننا لا نسعى من خلال هذه القراءة، تبرئة أي كان أو تغليط الرأي العام أو التغطية على هذا الطرف أو ذاك، ولكن يجب ان نقبل عذر الذين يقولون ان دورة كأس افريقيا الجارية الآن في انغولا، قد شكلت عبئا ثقيلا على كل المنتخبات المشاركة وحملتهم فوق طاقتهم وان فيهم من دفع الثمن كبيرا، وربما يكون منتخبنا الوطني من بين أكبر المتضررين من البرمجة السيئة أولا ومن المناخ الصعب ثانيا ومن الظروف الأخرى التي يعرفها العام والخاص ثالثا. وقد رأينا كيف كانت برمجة مباراة اليوم الأول من الدورة أمام منتخب مالاوي وما هي الظروف التي أقيمت فيها تلك المباراة، وهل كان أي واحد منا مهما كانت احترافيته وقدرته قادر على اللعب في جو حار فاق 38 درجة وفي وقت القيلولة وأمام مدرجات فارغة وتحت نسبة رطوبة تفوق القياس المتعارف عليه عندنا؟ قد يعتبر البعض هذا التساؤل ساذجا ولا هو قابل للطرح، لكن الذين عايشوا الأجواء السائدة في أنغولا ومناخها، وخاصة الصحافيين الذين اشتكوا في معظمهم الرطوبة وقالوا انها خانقة للانفاس، ربما يجدون في هذا الطرح واحدا من الأسباب الرئيسية التي كانت وراء هزيمة منتخبنا الوطني في المباراة الأولى أمام المالاوي. الجبهة المضادة والنيران الصديقة وهنا يجب القول أنه من الخطأ الانسياق وراء طرح بعض التقنيين الذين أطلقوا العنان لتصريحاتهم النارية التي تستهدف بالدرجة الأولى العارضة الفنية، حين يريدون تحميل سعدان مسؤولية اختياره لمنتجع كاستيلي- جنوبفرنسا- لتحضير دورة انغولا ويشهدون الرأي العام على ذلك بالقول شتان بين التحضير في الجليد واللعب في الجحيم أي في الأجواء الحارة. كما أنه يجب التحذير من بعض الكتابات الصحفية الغير بريئة والتي تذكرنا بمباراة الجزائر- مصر، حيث كان السباق على أشده بين بعض العناوين للبحث على مقرؤية أكبر والتموقع الأنسب في الخريطة الإعلامية على حساب المنتخب الوطني، حيث دخلت يومها في جدال حاد مع المدرب الوطني، مما افضى مع الأسف الى بعض الممارسات التي طبقت بأثر رجعي على كل الصحافيين الصالح والطالح منهم، وبات الجميع في قفص الاتهام، يقال لهم أنتم مصدر ازعاج للمنتخب الوطني ولطاقمه الفني ولمسؤوليه. إن القول بأن المنتخب الوطني قد صعد الى الدور الثاني بدون فعالية أو الاسهاب في الحديث عن أسباب غياب الفعالية، لا يجب ان يطرح هكذا دون معايشة أحداث هذه الدورة ونقلها كما هي، مع تفادي ربطها باسقاطات أخرى تمليها العلاقة المتوترة دوما بين الصحافة والطاقم الفني أو إدارة اللعبة، وعليه فإنه من اللازم بل ومن الواجب البحث عن انجع الطرق التي تؤهل منتخبنا للخروج بدروس مفيدة من هذه المشاركة والاستعداد الجيد للمونديال، وعندما نخلص إلى القول بأن منتخبنا شاب ويجب العناية به وتبنيه، ربما نكون بذلك قد اسندنا له النصح السليم والمؤازرة اللائقة، وسهلنا بذلك مأمورية مدربه للوقوف على اخطائه ومراجعة تكتيكه وحساباته، حتى إذا جاءت تصريحات هذا المدرب متناقضة أو لاتليق بمنتخب على أبواب المونديال حاسبناه عليها. ويبدو أن المدرب رابح سعدان الذي اشتكى من الأحكام القاسية على عناصر المنتخب الوطني وانتفض على طريقته الخاصة لغلق أبواب الاجتهاد أمام البعض ممن يستهدفونه شخصيا في مركزه وربما يطعنون في تجربته وقدرته على الذهاب بعيدا مع المنتخب الوطني، مطالب هو الآخر بأن يتوخى الليونة في التعامل مع محيط الفريق الوطني، حتى لا يجعل منه قناة مغلقة إلا على بعض المحظوظين من رجال الإعلام، وانه ليس من مصلحة المنتخب الوطني ان يفتح له مدربه أو اتحاديته جبهة مضادة، ولو اننا ندرك جميعا كإعلاميين ان النيران التي تطلق عادة على المنتخب الوطني كثيرا ما تكون من جهات صديقة بالدرجة الأولى وذلك لسبب أو لآخر، والممارسة قديمة وحدثت مع كل الذين دربوا المنتخب الوطني. كما أنه من غير اللائق أن يتحول المنتخب الوطني ومن الآن حتى موعد المونديال إلى سجل تجاري أو حصان سباق محموم بين عناوين إعلامية لا تهمها سمعة المنتخب الوطني بقدر ما تأتي مصالحها التجارية في المقام الأول. ولا شك انه عندما يتجرد كل طرف من أنانيته، سنصل حتما الى الحقيقة ونتمكن من معرفة لماذا صعد المنتخب الوطني الى الدور الثاني بفارق هدف، وعندها ايضا نجد لكل طرف عذره ومبرراته وبالتالي تحديد مسؤوليته. الإصابات وغياب الركائز من أسباب الاخفاق ولعل من أبرز المبررات التي تشفع للمنتخب الوطني، هو أنه خاض الدور الأول بتعداد منقوص من ابرز لاعبيه، بدءا بالحارس لوناس واوي الذي اضطر للانسحاب على عجل، والكل يدرك الأثر السلبي الذي تركه هذا الانسحاب على الدفاع الجزائري وكيف اضطر المدرب رابح سعدان للتعامل مع شاوشي كخليفة يخوض لأول مرة منافسة من هذا الحجم، كما عانى هذا الخط من غياب عنتر يحيى الذي لم يتعاف من اصابته التي حرمته من المشاركة مع المنتخب الوطني منذ المباراة الفاصلة مع منتخب الفراعنة بأم درمان بالسودان الشقيق في 18 نوفمبر الفارط، وكذا اصابة مراد مغني وعدم مشاركته في الدور الأول سوى 23 دقيقة كإحتياطي في لقاء انغولا الأخير. إذ أن كل هذه الغيابات الظرفية واللاإضطرارية، أدت الى حرمان سعدان من ورقة هامة في الدفاع والوسط، يضاف إليها ما تعرض له اللاعب رفيق صايفي الذي فسخ عقده من قبل نادي الخور القطري، وهو في أوج تركيزه مع المنتخب الوطني، وقد لاحظ الكل مدى تأثر رفيق بتلك الخرجة التي لم تستدرك إدارة نادي الخور تأثيرها السلبي، إلا بعد ان هددت الفاف باللجوء الى الاتحاد الدولي. وربما يكون الكثير منا قد أحس بمعاناة صايفي الذي لم ينفع فيما بعد حتى توظيفه كجوكير أمام المالي في المباراة الثانية، فعاودته الاصابة مما حرمه من التدريب بكامل لياقته وبالتالي حرم المنتخب الوطني من خدماته. ومن هنا يجب تشريح ابرز الأسباب التي أعاقت المنتخب الجزائري في الدور الأول وكادت ترهن حظوظه في لعب الأدوار الأولى في هذه الدورة.