90 دقيقة أمام " مقاتلي الصحراء" للوصول الى الدور النهائي، وهو هدف لم يكن مبرمجا قبل انطلاق دورة أنغولا، لكن إرادة هؤلاء "المقاتلين"قلبت الموازين وبات حلم كل جزائري يريد الذهاب إلى مونديال جنوب إفريقيا وبحوزتنا كأس القارة، لأن ذلك يسكت كل الذين تحدثوا على منتخبنا بمرذول اللفظ وسوء الكلام واعتبروا تأهل الجزائر الى المونديال ضربة حظ، فلابد من تغيير الصورة وتأكيد استحقاقها للتأشيرة ولابد من الفوز. 90 دقيقة ربما ستكون الاطول في يوميات "الأفناك" والأصعب في دورة أنغولا بالنسبة لهؤلاء "المقاتلين" الذين سيخوضون مباراة ليست ككل المباريات من حيث القيمة والأهمية والحسابات، فهم يريدون التأكيد على أنهم الأقوى والمنافس يتحدث بلغة الثأر ويطلق بعض لاعبيه العنان لتصريحاتهم الاستفزازية التي يقول فيها البعض، أنها مباراة موت أو حياة. وبعيدا عن حسابات الموت أو الحياة، استعد المنتخب الوطني بقيادة المدرب الوطني رابح سعدان للمواجهة، وكانت الساعات الأخيرة قبل الموعد، للتركيز والتدقيق في خطة اللعب، بعد أن درست حيثيات هذه الخطة واحدة بواحدة، واحتفظ المدرب الوطني بأسرارها كاملة، لأنه قطع كل صلة بأي غريب عن أرضية الميدان ولم يحتك إلا بلاعبيه ومساعديه و الطاقم الطبي الذي لازمه في الساعات الأخيرة. وقد أكدت المعلومات التي تسربت طوال يوم أمس، أن سعدان جهز كل تعداده وأنه لا مشكل يعيق تصوره للخطة التي لن تكون على الإطلاق تلك التي لعب بها أمام كوت ديفوار، كما قال في آخر تصريح له" لكل مباراة خطة وسلاحنا هذه المرة يختلف ولن نكون أغبياء بتوظيف نفس الخطة أمام الفراعنة". المران الأخير مغلق وما قبله كوكتيل خفيف وإذا عدنا الى المران ما قبل الأخير الذي لم يسمح للصحفيين بمتابعته كاملا في حصة اول امس، فإننا نجد ان المدرب رابح سعدان قدم مزيجا من التمارين التي لا توحي بأنه سيبني خطته على عناصر معينة، وهو بذلك يريد إخفاء أشياء كثيرة عن جواسيس الخصم الذين تواجدوا في عين المكان والذين حرصوا على الاحتكاك بالصحفيين الجزائريين لمعرفة المزيد عن الحالة النفسية للاعبينا من جهة، وكذا المزيد عن أخبار العيادة التي استقبلت العديد من اللاعبين ولو من باب المراجعة والمراقبة الدورية التي تعود عليها هؤلاء اللاعبون، لكن ما لمسناه قبل انطلاق تدريب امس وهو الأخير، أن الاجواء داخل معسكر الفريق الوطني ليس فيها ما يوحي بأن "مقاتلي الصحراء" غير مكترثين بقيمة الخصم، بل هم يقولون وكما قالوا في اكثر من مناسبة، بأنه يستحق معالجة خاصة كبطل وكمنافس يجب أن يعرف حدوده وإلى أين يجب أن يذهب في أحلامه وكيف يمكن التغلب عليه، لأن هدفنا كما قال بوقرة، هو بلوغ الدور النهائي. النهائي هدفنا.. والتتويج شعارنا بلوغ الدور النهائي هو شعار يرفعه هذه المرة حتى المدرب الوطني، الذي تغيرت لهجته وبات يشاطر أحلام لاعبيه الذين لمس لديهم الكثير من الحماس في التدريب وفي الاستعداد الذهني وفي الشعور بالمسؤولية، وهو يقول "شيئا جميلا أن ترى تعدادك على هذه الحالة من الحماس والرغبة، لأن ذلك يمكنك من الاطمئنان على نتيجة العمل الذي تنجزه"، وكمدرب يقول سعدان : "استطيع القول ان المنتخب ناضج وان لاعبيه تجاوزوا مرحلة الشد العصبي الذي يطغى على سلوكاتهم في مثل هذه المباريات الحساسة". وما يطمئن أكثر أن تعداد المنتخب الوطني لا يعاني من الإصابات، و أن المدرب رابح سعدان يملك كل مفاتيح اللعب والخطة، فزياني كريم الذي حرص على استشارة طبيب المنتخب الوطني لا يشكو من أي إرهاق بعد الجهد الكبير الذي بذله في مباراة كوت ديفوار، وكشفه الطبي يقول ذلك، أما مغني الذي عاودته الآلام التي شعر بها في نفس المباراة، فقد أخذ نصيبه من المسكنات التي قضت على آلامه وهو جاهز.. فيما نزع شاوشي "ربطة العنق" التي أسند بها رقبته ولم يعد يشعر بالآلام التي أزعجته وأعاقته كثيرا في لقاء كوت ديفوار. وبالمقابل، يوجد المدافع عنتر يحيى في وضع نفسي مريح بعد أن تعافى وأصبح جاهزا لأخذ مكانه كأساسي إذا طلب منه المدرب رابح سعدان ان يكون كذلك. المنتخب المصري جربناه ولن يرعبنا أما الحديث عن المباراة وما يدور في مخيلة كل لاعب وكيف ينظرون الى المواجهة وكيف يرون الخصم، فيكفي الإشارة في هذا الصدد الى الشعار الذي رفعه الكل حيث يجمعون على أن الهدف تغير وأنهم باتوا يقتربون من التأهل بصرف النظر عن اسم وقيمة الخصم ونوعية لاعبيه. ولعل ما قاله اللاعب ماجيك - بوقرة - لنا على هامش حصة امس، يؤكد حرص رفاقه على تحقيق ذلك، حيث يقول : "إن المنتخب المصري لن يكون بأي حال من الأحوال منتخب الفيلة، فهذا الأخير بترسانته القوية المحترفة لم يرعبنا فكيف بمنتخب هزمناه في ظرف قصير مرتين وتغلب علينا مرة واحدة أن ينال منا.. إن هدفنا لم يعد الاكتفاء بلعب مباراة عادية.. إننا نريد الفوز والصعود الى الدور النهائي". مثل هذا الانطباع سمعته من حليش الذي أوضح في أكثر من تصريح : "نحن هنا في بانغيلا نراهن على الفوز ولا شيء غير ذلك، وندرك من هو الخصم، لكننا نعرف أين هي حدوده معنا، ونحن جاهزون له لعبا وتحضيرا ومعنويا، ولن يخيفنا لأننا تعودنا على هذا النوع من المواجهات الحساسة". ليلة المباراة للهدوء والتركيز أما الحديث عن أجواء ليلة المباراة، فكالعادة حرص المدرب الوطني رابح سعدان على أن يكون ظله حاضرا في المطعم وفي بهو الفندق وأروقته، على غرار ما فعل عشية كل مباراة حساسة، حيث طلب من لاعبيه الهدوء وأخذ قسطهم من الراحة وعدم المبالغة في السهر، وقد ساعده على ذلك هدوء المكان، لأن الفندق بعيد عن الضوضاء ويخضع لحراسة مشددة لا تسمح لأي متسلل بتعكير جو التركيز أو اختراق الصمت. زيزو زمانه.. أسد في المعسكر وأرنب في الميدان تلك هي أجواء ما قبل المباراة وقبل ساعات من شد الرحال الى الملعب، لأن لموعد الحسم أسراره، لكن كلمة السر تبقى الفوز والتاهل، وهذا ما خرجنا به عند اقترابنا من اللاعبين والمدرب والطاقم الطبي والإداري.. أما في المعسكر الآخر، فالأجواء تختلف، لأن شحاتة حرص على أن يكون معسكره أشبه بثكنة تعيش حالة طوارىء، وفيها تدق طبول الحرب.. ممنوع الاقتراب منها، لأن زيزو زمانه يقول "إنها معركة موت أو حياة"، لكنه في واقع الحال أسد في المعسكر وأرنب في الميدان، كما يعلق عليه الذين احتكوا به في الميادين الألمانية.