فرض القانون الأساسي الجديد الخاص بالموظفين المنتمين للأسلاك الخاصة بالمفتشية العامة للمالية على الأعوان الالتزام بالسرية التامة فيما يخص كل الملفات والقضايا المعالجة، وعدم الكشف عن محتواها إلا في إطار القانون وأجبرهم بعدم العمل لأية مؤسسة قاموا بتفتيشها إلا بعد مرور ثلاث سنوات عن ذلك. وحدد القانون الأساسي الخاص بأعوان المفتشية العامة للمالية الصادر في العدد الخامس من الجريدة الرسمية مجال نشاطهم وحقوقهم وواجباتهم، وفصل في كيفية الاستفادة من مختلف الامتيازات المنصوص عليها في قانون الوظيف العمومي. وشدّد القانون الذي يعد ال35 الذي يتم اعتماده في إطار تنفيذ قانون الوظيف العمومي على الجانب المتعلق بالسرية بالنظر إلى حساسية المهمات التي يشرف عليها أعوان المفتشية العامة، وفي هذا السياق فقد جاء الفصل الخاص بالحقوق والواجبات بمواد توضح بالتدقيق ما يتعين على العون الالتزام به في مجال الحفاظ على "سرية النشاط والمعلومات التي يتحصل عليها في إطار مهامه"، وعليه يتوجب على أعوان المفتشية "التكتم والحفاظ في جميع الأحوال على السّر المهني وذلك بعدم إبلاغ الوقائع المثبتة أثناء مهامهم إلاّ للسلطات المؤهلة،... واحترام قواعد أخلاقيات المهنة التي تحكم الوظيفة". ويلزم النص المنتسبين للمفتشية على تأدية مهامهم بكل موضوعية وبناء استنتاجاتهم على وقائع مثبتة، و"تجنب أي تدخل في تسيير الكيانات المراقبة وذلك بالامتناع عن كل عمل أو أمر من شأنهما التشكيك في صلاحيات المسيرين، مع مراعاة الأحكام التنظيمية المعمول بها". ويخضع المفتشون قبل الشروع في تأدية مهامهم لأداء القسم مضمونه "أقسم بالله العلي العظيم أن أقوم بأعمال وظيفتي بأمانة وصدق وأن أحافظ على السر المهني وأرعى في كل الأحوال الواجبات المفروضة عليّ". وفي سياق الحرص على تطبيق مضمون القسم فإن القانون يمنع الموظفين الذين يحكمهم "من تبليغ أي معلومة أو مستند يتعلق بأعمال المفتشية العامة للمالية، ما لم تنص أحكام القانون صراحة على خلاف ذلك أو التعليمات الكتابية الصادرة عن السلطة السلمية". وبغرض الحد من استغلال المنتسبين للمفتشية العامة للمالية لعملية التفتيش لربط علاقات عمل مع مؤسسات يشرفون على مراقبتها فانه يمنع عليهم "قبول أية عهدة في مجلس إدارة و/أو رقابة مؤسسة عمومية اقتصادية أو أي كيان قانوني آخر خاضع لرقابة المفتشية العامة للمالية". وتشير المادة الثامنة منه إلى أنه لا يمكن للموظفين المنتسبين للمفتشية "أن يترشحوا لوظيفة أو ممارسة أي تكليف آخر لدى مؤسسة أو هيئة سبق لهم أن راقبوها إلا بعد مرور ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ تدخلهم الأخير". كما انه وبموجب المادة التاسعة لا يمكنهم "أن يراقبوا هيئة سبق لهم أن انتدبوا فيها أو وضعوا فيها في وضعية خارج الإطار إلاّ بعد مرور فترة ثلاث سنوات من انقضاء الانتداب أو وضعهم في وضعية خارج الإطار" . ويأتي صدور هذا القانون وفرضه لواجب الحفاظ على السر المهني في وقت عززت السلطات العمومية من دور ومهام المفتشية العامة للمالية من خلال توسيع مجال مراقبتها لمختلف المؤسسات حيث لا يقتصر عملها التفتيشي على المؤسسات الإدارية فقد بل يمتد إلى المؤسسات الاقتصادية. وجاء اعتماد ذلك على خلفية تعزيز الرقابة على المال العام في ظل مباشرة الحكومة لمشاريع تنموية هامة. ومن جهة أخرى حدد المرسوم بدقة تنظيم المهنة ونظام الأجور فيها والتوظيف والانتدابات والترقيات. ويضمن القانون إطار عمل مناسب وفق ما هو منصوص عليه في قانون الوظيفة العمومية. ويصنف القانون الجديد الأسلاك إلى صنفين سلك المفتشين، وسلك المفتشين العامين للمالية. كما يستفيد هؤلاء من التكوين وفق برنامج يتم إعداده في هذا الشأن. وحدد القانون شروط الالتحاق بالمتفشية العامة للمالية والتخصصات التي يحق لها الترشح للالتحاق بهذا السلك منها العلوم الاقتصادية، العلوم المالية، العلوم القانونية والإدارية والعلوم التجارية.