أحكم الانقلابيون في النيجر أمس قبضتهم على مقاليد الحكم في هذا البلد ساعات بعد الإطاحة بنظام الرئيس مامادو تانجا الذي اقتيد إلى وجهة مجهولة دون أن يصاب بأي أذى.وبدت شوارع العاصمة نيامي هادئة يوما بعد الانقلاب وسط تعزيزات قوات الجيش والشرطة التي تموقعت على متن سيارات عسكرية في مفترق طرق الشوارع الرئيسية ومقرات هيئات السيادة كمقر الرئاسة وهيئة أركان الجيش ومختلف الوزارات والسفارات الأجنبية. وأطاح ضباط سامون في الجيش مساء الخميس بالرئيس تانجا وعطلوا العمل بالدستور وأسسوا مجلسا عسكريا انتقاليا لإدارة الشؤون العامة في البلاد متعهدين في نفس الوقت بتحقيق الديمقراطية في البلاد. وهو تأكيد لنزع صفة الطغمة عنهم والتأكيد أنهم جاؤوا من اجل تصحيح أوضاع سياسية ما كان للرئيس المطاح به الوقوع فيها. وأكد العقيد غوكوي عبد الكريم الناطق باسم المجلس الأعلى لإعادة الديمقراطية" في اول تصريح بعد نجاح الانقلاب بحل كل الهيئات الرسمية في البلاد وفرض حظر التجول وغلق حدود البلاد البرية والجوية. وهو الإجراء الذي تم إلغاؤه أمس في نفس الوقت الذي تم فيه إنهاء العمل بقانون حظر التجوال في العاصمة نيامي. كما تعهد المجلس الذي يقوده العقيد سالو دجيبوا بإطلاق سراح الوزراء في القريب العاجل بالإضافة إلى إنشاء مجلس استشاري. ويعد زعيم الانقلابيين غير المعروف تماما لدى الرأي العام وهو قائد وحدة الدعم في العاصمة نيامي التي تضم أسلحة ثقيلة وقد لعب عناصر وحدته دورا محوريا في العملية الانقلابية التي تم تنفيذها في ساعة متأخرة من نهار اول أمس بعد أن اقتحموا القصر الرئاسي وقاموا بتنحية الرئيس تانجا الذي تم اقتياده إلى وجه مجهولة. ويأتي الانقلاب الذي خلف سقوط ثلاثة قتلى وإصابة حوالي عشرة آخرين بجروح متفاوتة في نظر العديد من المتتبعين كنتيجة حتمية لمسلسل أزمة سياسية حادة في هذا البلد بعد عشر سنوات من حكم الرئيس تانجا البالغ من العمر 71 عاما الذي قام صيف العام الماضي بحل البرلمان والمحكمة العليا بهدف تغيير مواد دستور البلاد ليتمكن من تمديد عهدته الرئاسية بثلاث سنوات إضافية من خلال استفتاء نظمه شهر أوت الماضي. ودخلت الأحزاب السياسية في قبضة حديدية مع الرئيس تانجا في وقت بقي الجيش في موقع المراقب لتطورات الوضع إلى غاية اول أمس حيث تم تنظيم الانقلاب العسكري. وهي معطيات و"توابل" التقت وأشرت على وصول الأزمة إلى ما وصلت إليه مساء الخميس بعد أن بلغ الانسداد في هرم السلطة درجة اللارجوع وكانت نهاية الرئيس تانجا بهذه الطريقة نهاية حتمية. ووقع الرئيس تانجا بين فكي ضغوط داخلية متزايدة وأخرى دولية كان الاتحاد الأوروبي أهم محركيها بعد أن لجأ إلى قطع كل مساعداته الاقتصادية في نفس الوقت الذي اتخذت فيه الولاياتالمتحدة قرارا بفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على نظامه. وهو ما يفسر الترحيب غير معلن به من طرف الناطق باسم الخارجية الأمريكية فليب كرويلي الذي قال أن ما قام به الرئيس تانجا ساعد كثيرا في وقوع الانقلاب وطالب بطريقة ضمنية من الانقلابيين بضرورة الإسراع بتنظيم انتخابات جديدة. وهو الموقف الذي أكد عليه السفير الاسباني في نيامي الذي تضمن بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي والذي أكد أن التدخل العسكري كان متوقعا بسبب تصرفات تانجا وقال مؤيدا للانقلاب أنه ينتظر أن يعيد الانقلابيون النظام الديمقراطي إلى البلاد. وأدان جون بنغ رئيس لجنة الاتحاد الإفريقي الانقلاب وطالب بعودة فورية إلى الحياة الدستورية في البلاد وأكد انه في اتصال متواصل مع رئاسة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي قامت بوساطة بين أحزاب المعارضة والرئيس تانجا دون أن تفلح في التوصل إلى حل لهذه الأزمة.