لم يجد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط بدا من تحدي أغلبية الدول العربية التي تتبنى طرح تدوير منصب الأمانة العامة للجامعة العربية سوى الرد عليها بطريقة استفزازية بأن المنصب "سيظل مصريا". ولا ندري لماذا تتحرج القاهرة من مبدإ تدوير المنصب، في الوقت الذي تشهد فيه كل التكتلات الإقليمية والجهوية عملية التداول على مناصب المسؤولية، طالما أن المبدأ يرتكز على خدمة المصالح المشتركة، وكيف لأبي الغيط أن يجزم بأن المنصب "سيظل مصريا" قبل أن يأخذ بعين الاعتبار رغبة الدول العربية في تبني هذا الطرح حتى قبل عقد القمة العربية خلال الشهر الجاري بالجماهيرية الليبية. وبما أن الواقع العربي بحاجة إلى تغيير عميق، فإنه يفترض أن تكون البداية من الأدوات التي يسير عليها، ولعل هياكل الجامعة العربية أحوج إلى رؤى جديدة تفسح المجال لقناعات تضفي الديناميكية على العمل العربي المشترك، مثلما هو جار في المنظمات الدولية الأخرى. وتصريح أبو الغيط الذي يناقض القناعات العربية يؤكد التمسك على "مصرنة "الجامعة العربية، في الوقت الذي تسعى فيه التوجهات الجديدة إلى ترقية الأداء العربي في مختلف القضايا التي تشهد تدهورا لم يسبق لها مثيل. وإذا كان المصريون كثيرا ما اشتكوا من عبء تكفلهم بقضايا العرب وعبروا عن مللهم من أداء دور "الشقيقة الكبرى"، فإننا نقول لهم إنه آن الأوان لهذه الشقيقة أن ترتاح ويرفع عنها هذا العبء، إذ يجب على الجميع لعب دوره بما أنه لا يمكننا الاستمرار في وضع مترد ندفع لأجله "الفلوس" دون فائدة.