حزمت 205 عائلات من سكان البيوت القصديرية وسط حي ديار الشمس ببلدية المدنية أمتعتها وشدت الرحال إلى سكنات جديدة ببلدية بئر خادم، الفرحة لم تسع السكان رغم إلغاء سبع عائلات من القائمة في آخر وهلة، وتحت أعين بقية سكان الحي شُرع في تهديم البيوت القصديرية منذ الساعات الأولى من النهار في انتظار المرحلة الثانية من الترحيل التي تدخل ضمن مخطط إعادة تهيئة وتوسيع الشقق بالحي القديم، والمبرمجة ليوم غد الثلاثاء وتضم 307 عائلات تقطن بخمس عمارات، وبهذه المناسبة كشف مدير السكن للعاصمة السيد محمد إسماعيل عن برنامج واعد لسنة 2010 يضم ترحيل 900 عائلة من الحي القصديري دودو مختار بأعالي حيدرة في الأيام القليلة القادمة وحي زعاطشة بالإضافة إلى كل سكان الشاليهات والأقبية وأسطح العمارات قبل نهاية 2010. وسط تعزيزات أمنية وبحضور كل من الولاة المنتدبين لدوائر سيدي امحمد وبئر مراد رايس ومديري السكن والتربية لولاية الجزائر انطلقت صباح أمس أكبر عملية ترحيل للسكان بالعاصمة منذ الاستقلال، وهي العملية التي وصفها الوالي المنتدب لدائرة سيدي امحمد السيد خلفي محمد العيد ل "المساء" بالعتبة الأولى في برنامج كبير أعدته الولاية يتضمن تهيئة كل أحياء العاصمة لتحسين صورتها بعد التشوه والفوضى اللذين طبعا التجمعات السكنية خاصة القديمة منها والتي لم تستفد منذ عشرية كاملة من الصيانة والترميم، وبخصوص ترحيل 205 عائلات كانت تقطن بالبيوت القصديرية وسط حي ديار الشمس ببلدية المدنية أشار المسؤول أن ولاية الجزائر كانت قد اقترحت هذا الحل سنة 2002 لكن بسبب غياب التنسيق مع ممثلي السكان تم تأجيل البرنامج إلى غاية 2009 حيث قرر السكان أنفسهم إعادة إحياء الملف. وعن الحي يقول السيد خلفي محمد أن تاريخ إنجازه يعود لسنة 1958 في حين أن 80 بالمائة من المساكن تضم غرفة واحدة ومطبخا على مساحة 25 مترا مربعا، وحسب التحقيقات التي قامت بها السلطات المحلية فمعدل شغل السكنات بلغ سبعة أشخاص في الغرفة الواحدة، وهو الأمر الذي دفع بالعائلات إلى شغل مساحة حديقة الحي لإنجاز بيوت قصديرية انتشرت مثل الفطريات على مر السنين، لذلك تم إعطاء أولوية الترحيل لسكان هذه البيوت بعد التنسيق مع ممثلي السكان الذين دخلوا في مشاورات ماراطونية بين السلطات والسكان دامت أربعة أشهر، قبل تحديد القوائم النهائية للسكان الذين سيستفيدون من سكنات جديدة ومن سيتم إرجاعه إلى مسكنه القديم بعد الصيانة والترميم التي يتكفل بها ديوان الترقية العقارية لبلدية حسين داي الذي يعتبر المالك الشرعي للحي، علما أن هناك 40 بالمائة من سكان العمارات يملكون عقود السكن و60 بالمائة منهم أجراء، وهي الفئة التي ستستفيد من سكنات بصيغة الإيجار على أن يتم تخيير المالكين بين العودة إلى سكناتهم القديمة بالحي بعد التهيئة والتوسيع لتضم بين 3 و4 غرف أو البقاء في السكنات الجديدة التي سيستفيدون منها بحي جنان السفاري ببلدية بئر خادم. وخلال إشراف الوالي المنتدب على أشغال تهديم البيوت القصديرية طمأن بقية سكان العمارات خاصة الذين يقطنون بالأقبية ومداخل العمارات بأنهم سيكونون ضمن قوائم المرحلين في الأيام القليلة القادمة والتي ستضم في مرحلة ثالثة 300 عائلة بعد عملية الغد التي ستضم 307 عائلات تقطن في خمس عمارات وستكون وجهتهم حي جنان السفاري حيث سيستفيدون من سكنات بين غرفتين وأربع غرف حسب عدد أفراد العائلة. من جهته أكد ممثل سكان الحي السيد بوجبور محمد ل"المساء" أن وعي السكان بوضعيتهم كان الدافع وراء قبول اقتراحات السلطات المحلية، كما أن إعداد قوائم السكان المرحلين تمت بالتراضي مع كل السكان، ورغم رفض ملفات سبع عائلات كانت تقطن بالبيوت القصديرية إلا أنها فضلت التعامل بالحوار مع الجهات المختصة قدمت طعونها، من جهتها فتحت بعض عائلات الحي مساكنها لهم في انتظار نتائج الطعن التي ستكون خلال الأيام القليلة القادمة، خاصة إذا علمنا أن بعض الملفات تخص شبابا غير متزوجين وسنقوم كممثلين يقول المتحدث بتنسيق العمل على حصول كل مواطن بالحي على حقه. وبحي ديار الشمس تحدثنا إلى بعض العائلات التي كانت تتابع العملية من شرفات المنازل وتنتظر الفرج الذي سيكون حليفها خلال الأيام القليلة القادمة، حيث تقول الحاجة فاطمة صاحبة السبعين عاما أنها تقطن بالحي من قبل الاستقلال وشهدت كل مجريات التغيرات التي جرت به، ولم تكن تتوقع يوما أنه سيتم الإفراج عن ساحة الحي التي تحولت في وقت قياسي إلى بيوت قصديرية، وعن سعادتها بالفرج الجديد أشارت إلى أنها لم تتمالك نفسها عند إبلاغها بحزم أمتعتها لتكون ضمن القافلة الثانية التي ستنطلق غدا نحو سكن جديد يليق بعائلتها الكبيرة، في حين لم تجد الحاجة وردية التي كانت تسير بصعوبة نحو السيارة التي ستقلها إلى مسكنها الجديد من جواب على سؤالنا إلا الزغرودة التي أطلقتها مدوية في الحي والتي تبعتها زغاريد النسوة فرحا بسكناتهن الجديدة. وبحي طاهر بوشات ببلدية بئر خادم كانت الفرحة السمة البارزة على وجوه المواطنين الذين لم تثنهم الأمطار ولا برودة الطقس عن انتظار دورهم للحصول على مفاتيح السكنات، وبعين المكان جمعنا حديث جانبي مع بعض النسوة اللائي اخترن إحدى زوايا الحي وأجمعن أنهن فقدن الأمل في الحصول على مسكن لائق بهن بعد طول فترة معاناتهن مع بيوت "الصفيح" ، حيث تقول سميحة أنها ستعيش ابتداء من اليوم مع كل أفراد عائلتها التي كانت دائما مشتتة بين الأهل والجيران بسبب ضيق البيت القديم الذي شيده زوجها مع نهاية سنوات السبعينات ليشهد ميلاد خمسة أطفال هم اليوم شباب وشابات، في حين عبر الأطفال عن فرحتهم بالجري وسط العمارات والهتاف على بعضهم البعض، وما أسعد السكان هي الترتيبات التي وفرتها السلطات المحلية بغرض نقل التلاميذ من مدارسهم القديمة نحو مدارس الحي. وحسب بعض المصادر الولائية فقد أشرف والى العاصمة شخصيا على الترتيبات التي حضرتها مختلف مصالحه لإنجاح أكبر عملية ترحيل بالعاصمة منذ الاستقلال حيث تم تجنيد 200 عون بحي ديار الشمس لمساعدة السكان على الرحيل والشروع في تهديم البيوت القصديرية مباشرة، وهي العملية التي انطلق فيها على الساعة العاشرة والنصف، وبحي طاهر بوشات وجد المرحلون 330 عونا في استقبالهم مهمتهم إنزال الأمتعة ومساعدة العائلات على نقلها كل إلى شقته الخاصة وهي العملية التي استغرقت أكثر من عشرة ساعات، ولذات العملية تم تجنيد 280 شاحنة تابعة لولاية الجزائر و15 حافلة و20 سيارة لنقل المواطنين، وبالحي الجديد تم فتح مكتب يترأسه مدير التربية للولاية لتسجيل الأطفال كل حسب الطور الذي يدرس فيه. الدور القادم لسكان دودو مختار وزعاطشة صرح السيد محمد السعيد مدير السكن ل"المساء" الذي كان يتابع كل مجريات الترحيل منذ الساعة السادسة صباحا، أن ترحيل سكان ديار الشمس هي الحلقة الأولي من عملية ترحيل واسعة برمجتها ولاية الجزائر بأمر من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة على المدى الطويل، حيث ستكون 900 عائلة بالحي القصديري مختار دودو بأعالي حيدرة على موعد مع الترحيل خلال أسبوعين على أكثر تقدير تليها عائلات حي زعاطشة بالإضافة إلى 6 آلاف عائلة بالشاليهات، وهي العمليات التي تأتي بعد الانتهاء من عدة مشاريع لبناء السكنات باشرتها مصالح الديوان الوطني للترقية العقارية لكل من حسين داي والدار البيضاء خلال السنوات الفارطة، كما سيتم خلال عمليات الترحيل احتساب المسجلين من سكان الأقبية وأسطح العمارات وذلك بعد الانتهاء من التحقيقات التي تعدها السلطات المحلية للدوائر المحلية بالتنسيق مع المجالس الشعبية البلدية.