إذا كانت عمليات الترحيل الواسعة التي تشهدها بعض بلديات العاصمة تندرج في إطار إعادة الاعتبار للمحيط العمراني بالقضاء على الصفيح والبناءالهش، فإن الأجمل من كل ذلك أن نحافظ على هذه الوتيرة من خلال هدم البنايات الفوضوية مباشرة بعد عمليات الترحيل، لمنع أصحابها من العودة إليها ومن ثم تفادي تكرار التجارب الماضية. فقد رأينا كيف تحولت عمليات الاستفادة من السكنات للبعض إلى "بزنسة" إذ سريعا ما يعود بعض المرحلين إلى سكناتهم القديمة في محاولة للاستفادة من سكنات أخرى ليحرم بذلك عدد كبير من المحتاجين للسكن اللائق من فرصهم. لكن اللوم يقع أيضا على السلطات من منطلق أن مكافحة البنايات الفوضوية يفترض أن يكون مرفوقا باستراتيجية فعالة يتم بموجبها "تجفيف" منابع هذه الظاهرة وليس دعمها، وقد رأينا كيف أن العديد من هذه البنايات تتوفر على ضروريات الحياة كالماء والكهرباء مما يشكل "اعترافا" ضمنيا بها لأن الربط بالكهرباء مثلا يتطلب موافقة السلطات التي تقوم بدورها بتوفير العدادات، في حين يلجأ البعض الآخر من حديثي هذه السكنات لسرقة خطوط الكهرباء وهو أمر يفترض أن لا تتغاضى عنه السلطات البلدية. فإذا كانت عمليات الترحيل تصب في إطار حفظ كرامة المواطن فإنه لا بد أيضا من حفظ جماليات المحيط بفرض إجراءات ردعية على الضاربين بالقانون عرض الحائط وتطبيقه في الميدان دون تسامح حتى يتسنى تحقيق الأهداف المنشودة وأبرزها إعادة الصورة اللائقة لمدننا، والأهم من ذلك ترسيخ ثقافة المحيط التي رهنتها السلوكات المشينة بعقلية "البايلك".