شهد إنتاج الزيتون في الجزائر انخفاضا محسوسا خلال السنوات القليلة الماضية، أدى إلى تراجع إنتاج زيت الزيتون لأسباب يعود بعضها للحرائق التي عرفتها غابات منطقة القبائل التي تُعد من أكبر المناطق المنتجة للزيتون في الجزائر وعلى رأسها ولاية تيزي وزو التي فقدت لوحدها 160 ألف شجرة· وقد اعتمدت الجزائر منذ 2000 برنامجا لغرس 500 ألف هكتار من أشجار الزيتون في المناطق السهبية وشبه الصحراوية لتعويض المساحات التي أتلفت، الأمر الذي سمح بتغطية النقص المسجل خلال السنة الماضية في إنتاج الزيتون بدخول الأشجار الفتية المغروسة مرحلة الإنتاج· وأرجع المدير العام للمعهد التقني للأشجار المثمرة السيد منديل، الارتفاع المذهل لسعر زيت الزيتون في السوق الوطنية إلى عدة عوامل، نافيا في نفس السياق أن يكون نقص الإنتاج هو السبب· وأكد المتحدث في حديث ل "المساء" أن إنتاج الزيتون لم يعرف انخفاضا رغم فقدان بعض المساحات من الأشجار وذلك لسبب واحد هو أن هذه الأراضي تم تعويضها بأراض أخرى بالمناطق السهبية وشبه الصحراوية التي دخلت مرحلة الإنتاج· ومن بين الأسباب الرئيسية التي ساهمت في التقليل من مردود القنطار الواحد من زيت الزيتون هذا العام الذي لم يعط مثلا في ولاية البويرة إلا من 14 إلى 16 لترا في الوقت الذي كان يعطي من 18 إلى 20 لترا، ذكر السيد منديل ارتفاع نسبة الماء في الزيتون على حساب الزيت التي تسببت فيها الأمطار الهائلة التي تساقطت خلال هذا الموسم· وكان للمخطط الوطني للتنمية الفلاحية والريفية الفضل الكبير في اتساع رقعة المساحات المغروسة بأشجار الزيتون حيث تحقق في هذا الإطار بمنطقة وادي سوف وحدها وخلال 2006 فقط غرس 2500 شجرة وبالولايات الأخرى حيث المناطق السهبية مثل بشار 2500 شجرة أخرى ساهمت في التقليل من آثار الظروف التي عرفتها البلاد والتي أثرت ولو بنسبة قليلة على إنتاج الزيتون هذا العام كالحرائق والأمطار الغزيرة التي عرفتها الجزائر هذا الموسم · التخلي عن المناطق الجبلية وتكثيف عدد الأشجار إلى 400 في كل هكتار ويسعى المخطط الفلاحي الجديد حسب مدير المعهد التقني للأشجار المثمرة إلى العمل على تكثيف الإنتاج للإنتقال من 100 شجرة إلى 400 شجرة في الهكتار الواحد مع تجنب شيئا فشيئا المناطق الجبلية التي تكلف أكثر من المناطق السهلية· وحسب السيد منديل فإن المساحات المغروسة بأشجار الزيتون انتقلت من 165 ألف هكتار في سنة 2000 إلى 300 ألف هكتار في عام2007 · علما أن الدولة قررت دعم الفلاح ماديا وتقنيا انطلاقا من عملية غرس الشجرة إلى غاية وصول المنتوج إلى المعصرة، كما أنها تعمل من خلال المخطط الوطني على تحسين نوعية زيت الزيتون الجزائرية المعروفة بجودتها· وحسب المتحدث فإن 70 المائة من الزيوت التي تنتج حاليا جيدة للإستهلاك وهي من النوع الرفيع· غير أن بعض الفلاحين يلجأون إلى تسويق زيت غير قابلة للإستهلاك نظرا لارتفاع نسبة الحموضة بها والتي تتجاوز 3.3 ورغم أن هذه الأخيرة لا تشكل خطرا على صحة المستهلك إلاّ أنها تبقى رديئة من حيث الذوق والرائحة القوية التي يمكن أن يتفطن لها المستهلك بمجرد شمها أو تذوقها· واعتبر مدير المعهد التقني للأشجار المثمرة من جهة أخرى ارتفاع سعر زيت الزيتون أمرا طبيعيا كون أن جميع المواد زادت أسعارها ولأن زيت المائدة لم تستثن من هذه الزيادة فإن زيت الزيتون هي الأخرى ارتفع سعرها إضافة إلى ارتفاع الطلب على هذه الأخيرة التي لم يعد الإنتاج الوطني يغطي الحاجيات المحلية في وقت لا يزال فيه تصدير الجزائر لزيت الزيتون متواضعا· وتراهن الدولة حاليا وطبقا لبرنامجها الجديد على السهول والمناطق السهبية والشبه الصحراوية التي قررت استغلالها في إنتاج الزيتون والابتعاد عن المناطق الجبلية التي تعتبر مكلفة جدا مما أدى إلى تشجيع العديد من الفلاحين على الاستثمار في زراعة الزيتون حتى أن البعض انتقل إلى إنتاج الزيتون بعد أن تخلى عن زراعات أخرى· ويولي المخطط الوطني اهتماما لإنتاج الزيتون ويسعى لإعطائه دفعا قويا لتحقيق النوعية الجيدة والاكتفاء الذاتي والتصدير· علما أن بالجزائر أكثر من 35 مليون شجرة زيتون إلاّ أنها لا تصدر إلاّ القليل جدا من زيتها وتسعى الدولة من خلال مخطط 2000 إلى رفع الإنتاج الوطني من زيت الزيتون إلى مستوى كبار منتجي الزيتون وزيت الزيتون مثل المغرب وتونس، هذه الأخيرة التي يشكل هذا النوع من الزراعات مصدرا هاما لمداخيلها من العملة الصعبة· وتضم الجزائر حاليا 350 ألف هكتار فقط من أشجار الزيتون المزروعة أي أزيد من 35 مليون شجرة بالمقارنة مع تونس التي تفوق بحوالي 1.5 مليون هكتار من الأشجار·وقدّر خبراء زراعيون إنتاج زيت الزيتون للعام الماضي بحوالي 40 ألف طن وهو ما يمثل تراجعا في الكميات المنتجة مقارنة بالسنوات السابقة وخاصة عامي 2003 و2004 اللذين شهدا مستويات قياسية من الإنتاج وصلت إلى 70 ألف طن·