وضعت الندوة الدولية للشباب والطلبة المتضامنين مع الشعب الصحراوي من أجل الاستقلال، المجتمع الدولي والدول الغربية الكبرى أمام مسؤولياتها إزاء إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية، واعتبر المشاركون عدم تصفية الاستعمار بهذا الإقليم انهيارا لكل مُثل الديمقراطية في العالم وطعنا في المبادئ والقيم التي تم على أساسها إنشاء منظمة الأممالمتحدة. التقى أمس بجامعة العلوم الاجتماعية ببوزريعة بأعالي الجزائر العاصمة شباب وطلبة يمثلون 30 دولة من القارات الخمس في ندوة دولية بادرت إلى تنظيمها اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، في خطوة لرفع صوت شباب وطلبة العالم باتجاه المنتظم الدولي للتحرك وعدم مواصلة سياسة إدارة الظهر لحق الصحراويين في تقرير مصيرهم، وناقش المشاركون الذين جاءوا من دول عربية، منها لبنان وسوريا وموريتانيا واليمن، ومن دول افريقية منها مالي وجنوب إفريقيا وزيمبابوي وغينيا، ودول أوروبية أبرزها فرنسا والسويد وايطاليا واسبانيا، وكذا من القارة الأسيوية منها اندونيسيا ومن أمريكا الشمالية والجنوبية، حول كيفية التحرك جماعة وليس أفرادا من أجل حمل المجتمع الدولي وفي مقدمته الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والأممالمتحدة على فرض حل يضمن للشعب الصحراوي حقه في العيش حرا على أرضه. وأجمعوا على أن تدخل حكومات دول لها مسؤولية في استمرار معاناة الشعب الصحراوي ومن أبرزها فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدةالأمريكية، إضافة إلى الأممالمتحدة كفيل بوضع حد للاستعمار المغربي في الصحراء. ويرى أغلب المشاركين أن البوابة التي تقود إلى الاستقلال هي تلك المتمثلة في ممارسة ضغط على تلك الحكومة لإرغام المغرب على الامتثال للشرعية الدولية وللوائح الأممالمتحدة، وذهب بعض المتدخلين إلى التأكيد بأنه في ظل الجمود الذي تعرفه القضية الصحراوية فإنه لا خيار أمام الشعب الصحراوي سوى رفع البندقية من جديد والعودة إلى الكفاح المسلح، وهو الموقف الذي عبر عنه بقوة ممثل اتحاد الشباب الاشتراكي اللبناني الذي رفع شعار العودة إلى الكفاح المسلح في ظل تعنت الاستعمار المغربي ورفضه ''لليد الممدودة، وللسلام'' الذي اختاره الصحراويون نهجا لمواصلة مقاومتهم لنيل حقهم في العيش أحرارا فوق أرضهم. وفي تدخله خلال أشغال الندوة المنعقدة تحت شعار ''طلاب وشباب العالم من أجل تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية''، أكد السيد محرز العماري رئيس اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي أن انعقاد هذه التظاهرة بحضور 50 مشاركا يمثلون 30 دولة عربية وأجنبية يعكس حجم التجند الدولي من أجل مساندة الشعب الصحراوي في نضاله من أجل الاستقلال، واعتبر الندوة ''لقاء لشرفاء العالم'' من أجل التعبير عن مساندتهم وتجندهم من أجل تصفية الاستعمار في الصحراء. وبدوره قال السفير الصحراوي بالجزائر السيد ابراهيم غالي أن الوفود المشاركة في هاته الندوة أثبتت أن القضية الصحراوية أخذت أبعادا عالمية ولم تعد محصورة فقط في إفريقيا وأوروبا. واعتبر الحضور المميز لشباب وطلبة من القارات الخمس ''مكسبا'' للقضية الصحراوية التي أصبحت ''تحصد تأييد العديد من الدول والحكومات''، وفي ظل هذا المعطى، أكد أنه يتوجب على الأممالمتحدة والمجتمع الدولي فرض قيود والضغط على النظام المغربي للكف من ممارساته القمعية ضد الشعب الصحراوي الذي يبقى متمسكا أكثر من أي وقت مضى بالحرية والاستقلال. أما الأمين العام لاتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب السيد موسى سلمى فقد وجه رسالة شكر وعرفان إلى الجزائر وشعبها لوقوفها إلى جانب الشعب الصحراوي في كل مراحل كفاحه من أجل التحرر، ويرى بأن انعقاد الندوة يأتي في ظرف حساس حيث تتزامن والذكرى ال37 لإعلان جبهة البوليساريو الكفاح المسلح، ومع استمرار سياسة القمع المغربي للنشطاء الصحراويين في المدن المحتلة. وبالنسبة للسيد موسى سلمى فإنه مهما تجاهل المجتمع الدولي قضية الشعب الصحراوي ومهما كانت درجة القمع المغربي فإنه سيبقى متشبثا بحقه في الاستقلال، وأضاف أن الصحراويين يساورهم شك كبير في قدرة الأممالمتحدة على ايجاد حل لقضيتهم، خاصة وأن الوضع الحالي يعد مريحا بالنسبة للقوى العظمى مثل فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية، وأوضح أن صبر الصحراويين سينفد في ظل هذا التجاهل لحقوقه المشروعة والتي على أساسها تم إنشاء الأممالمتحدة. وألقى أكثر من 40 مشاركا أجنبيا مداخلات ضمنّوها مساندتهم غير المشروطة لنضال الشعب الصحراوي وتطرقوا إلى التطورات في المدن الصحراوية المحتلة وكذا إلى التطورات الحاصلة في ''أروقة الأممالمتحدة''. وفي هذا السياق قال رئيس اتحاد شباب المؤتمر الإفريقي الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا إن كفاح الشعب الصحراوي يعتبر ''قضية وطنية'' بالنسبة لشباب جنوب إفريقيا التي ناضل أهلها بالأمس من أجل التحرر من الميز العنصري. وعبر ممثلو شباب وطلبة المجر وإسبانيا وايطاليا وفرنسا وألمانيا عن مساندتهم للقضية الصحراوية ورافعوا من أجل التأسيس لشبكة دولية تضم الشباب والطلبة هدفها حمل القضية الصحراوية الى جميع المحافل الدولية وتوظيف جميع الفرص المتاحة لحمل المنتظم الدولي على اتخاذ خطوات تشرف مبادئ العدل والمساواة والحرية التي تتغنى بها الحكومات الغربية. وكشف الأمين العام للشبيبة الاشتراكية الايطالية في تدخله عن ندوة دولية للشباب المتضامن مع الشعب الصحراوي تحتضنها ايطاليا شهر ديسمبر القادم تحت رعاية وزير الشباب الايطالي. ومن جهته أعلن الوفد الاندونيسي المشارك في الندوة عن تأسيس لجنة للتضامن مع الشعب الصحراوي، في خطوة تعد الأولى من نوعها وذلك بهدف حصد مؤيدين جدد للقضية داخل اندونيسيا. وعرفت الندوة تنظيم معرض للصور أبرز الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية وكذا القمع الممارس من قبل النظام المغربي على الشعب الصحراوي، وهو الأمر الذي أشار إليه أكثر من متدخل حيث أعابوا على بعثة الأممالمتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء عدم مراقبتها لوضعية حقوق الانسان في المدن المحتلة. وفي شهادة حية لمعاناة الشعب الصحراوي في المدن المحتلة قالت السيدة ليلى ليلي في كلمة باسم وفد المقاومة من أجل الاستقلال الذي جاء من الأراضي المحتلة خصيصا للمشاركة في الندوة، إن الوضع العام تسوده الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، وإن كل مناضل صحراوي هو عرضة للتعذيب والاختطاف والطرد من مقاعد الدراسة أو العمل، وذكرت بأن هذه الممارسات لا تزيد الصحراويين إلا إصرارا على مواصلة الكفاح.