جدد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس بمدينة نيس الفرنسية التزام القارة الإفريقية بمكافحة التغيرات المناخية والالتزام بالمبادئ الأساسية لاتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، خاصة منها تلك المتعلقة بالمسؤولية المشتركة والمتباينة. وشدد السيد بوتفليقة في مداخلته في الجلسة المغلقة التي خصصت لموضوع ''التغيرات المناخية والتنمية''، في إطار قمة إفريقيا - فرنسا التي اختتمت أشغالها أمس بنيس الفرنسية، على أن القارة الإفريقية التي لا يمكن أن يعزى لها إلا 4 بالمائة من الانبعاث العالمي من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، تنتظر من شركائها السرعة في تجسيد الالتزامات المالية الإضافية للمساعدة العمومية على التنمية، مثلما نص عليها اتفاق كوبنهاغن، حيث يتعلق الأمر ب30 مليار دولار أمريكي بالنسبة للفترة 2010 - 2012 والسعي إلى رفع هذا المبلغ إلى 100 مليار دولار أمريكي سنويا في أفق ,2020 موجهة لتمويل التقليص من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتكيف مع التغيرات المناخية. وأشار الرئيس في سياق متصل إلى أن الجزائر التي حظيت بمهمة تنسيق المسعى الإفريقي على المستوى الوزاري في إطار المسار التفاوضي حول النظام المناخي العالمي، تولي عناية خاصة لمكافحة التغيرات المناخية، خاصة وأن مناخها القاحل وشبه القاحل يعرضها للعديد من التبعات السلبية، على غرار التدهور السريع للسهوب وتفاقم التصحر وشح المياه وتدهور التنوع البيئي، وكذا بفعل هشاشة اقتصادها المتسم بتبعيته الجلية للمداخيل التي تدرها الصادرات من المحروقات. وأوضح في هذا الشأن بأن الجزائر تعمل على التكفل بإشكالية تغير المناخ في إطار الاستراتيجية الوطنية للبيئة وخطة العمل من أجل البيئة والتنمية المستدامة، مشيرا إلى أنه في إطار تطبيق هذه الاستراتيجية التي تدمج ترقية الطاقات المتجددة وتكنولوجية استعمال الطاقة المتحجرة الأقل تلويثا، قامت الحكومة بإنشاء جهاز مؤسساتي كامل يضم وكالة ترقية وترشيد استعمال الطاقة والوكالة الوطنية حول التغيرات المناخية والسلطة الوطنية ذات الاختصاص، تطبيقا لبروتوكول ''كيوتو'' من أجل تعزيز التنسيق والتعاون على المستويين المحلي والدولي. من جانب آخر أعرب رئيس الجمهورية عن أمله في توصل المجموعة الدولية إلى نتائج إيجابية خلال ندوة ''كانكون'' المقررة نهاية سنة 2010 تتويجا للمسار التفاوضي الجاري حول النظام المناخي العالمي لما بعد ,2012 وأشار في هذا السياق إلى أنه يحق لإفريقيا أن تأمل في أن تأخذ البلدان المصنعة تعهدات حسابية بتقليص الغازات المولدة للاحتباس الحراري، بما يوافق مسؤولياتها التاريخية، داعيا هذه البلدان إلى الوفاء بالتزاماتها برسم اتفاقية الأممالمتحدة حول تغير المناخ وتعبئة وسائل تطبيقها لصالح البلدان النامية، واعتبر بأن هذا التعاون يعد ضروريا لتطبيق الاتفاقية المذكورة ولنجاح جهود التقليص والتكيف مع الآثار المضرة لتغير المناخ. كما شدد على أهمية أن يقبل الاتحاد الأوروبي من منطلق روح الحوار والتشاور بإعادة النظر في قراره القاضي بفرض رسم الكاربون على شركات الطيران التابعة للبلدان الإفريقية والنامية التي تقوم بالنقل الجوي نحو البلدان الأوروبية، معربا عن يقينه من أن تعزيز تعددية الأطراف يشكل عامل انسجام وضمان لفعالية معالجة المسائل البيئية وذلك من منطلق أن تداخل مسائل تدهور البيئة واستعمال الموارد الطبيعية والتلوث ومكافحة الفقر وحماية الصحة يقتضي مقاربة مدمجة وشاملة. وأعرب الرئيس بوتفليقة في الأخير عن أمله في أن تساهم قمة ''نيس'' في تعزيز فرص الوصول إلى التزامات تكون ملزمة للمجموعة الدولية في كنف احترام مبدأ المسؤولية المشتركة والمتباينة. وللإشارة فقد كان رئيس الجمهورية قد تدخل في اليوم الأول للقمة ال25 إفريقيا-فرنسا، خلال الجلستين المغلقتين اللتين تناولتا موضوعي الحكامة والسلم والأمن، حيث أبرز في المداخلة الأولى دور إفريقيا في الحكامة العالمية ودعا إلى تعزيز تمثيل البلدان النامية في المؤسسات الدولية وإشراكها إشراكا فعليا في عمليات اتخاذ القرار، في حين جدد في مداخلته حول موضوع السلم والأمن استعداد الاتحاد الإفريقي لتكثيف المشاورات في سبيل شراكة حقيقية من أجل السلم في القارة. مؤكدا بأن شراكة كهذه ينبغي أن تسوق الطرفين، إلى العمل سويا من أجل تعزيز القدرات القارية والآليات العملياتية الموجهة لتعزيز منظومة الأمن الجماعي.