يقام حاليا بقصر الرياس معرض للوحات فنية رسمها أطفال قرية درارية يدوم إلى غاية ال24 من الشهر الجاري، وذلك بمناسبة إحياء يوم الطفل الإفريقي المصادف ل13 جوان من كل سنة. تضمن معرض لوحات أطفال ''أس أو أس'' قرية أطفال درارية تشكيلة متنوعة من إبداعات أطفال تتراوح أعمارهم بين السادسة والثامنة عشر، تمّ تقسيمها الى 5 أقسام بخمس غرف في قصر رياس البحر أو ''حصن 23 '' التاريخي. وضمت اللوحات الخمسين مواضيع تتقاطع كلها بالطبيعة مثل لوحة الطفل زكرياء ذي الثماني سنوات الذي رسم بالألوان الزيتية منزلا وعددا من الأطفال يمرحون تحت جو مشمس، كذلك تضمنت لوحات أخرى بذات غرفة العرض لوحات لأطفال أعمارهم أقل من 10 سنوات، ضمنوها ''خربشات'' بألوان صارخة كالأحمر والأصفر والبرتقالي المتداخل بين اللونين وكذلك الأزرق والأخضر، وكلها ألوان تقاطعت لتشكّل منازل وأطفالا يلعبون مع بعض، هي صورة سيميولوجية تعكس افتقار أطفال قرية درارية للأيتام لدفء المنزل العائلي والتئام الأسرة الواحدة، إلى جانب ذلك رسم الأطفال الفنانون حيوانات كثيرة منها الأسماك في عرض البحار والقطط والنمور. وهناك أيضا لوحات فنية بمعنى الكلمة توحي ببعد نظر الأطفال الرسامين ومستقبلهم الواعد في فن الرسم لو وجدوا أمامهم الجهات الراعية لفنهم ومواهبهم، مثل لوحة الفنانة مليسا ذات 18 ربيعا التي أبدعت في استعمال الألوان المختلفة وبصفة مدروسة جعلتها تتداخل مع بعضها في وسط اللوحة، وهو الرسم الذي يجعلك تقف طويلا أمامه في محاولة لفك طلاسم اللوحة التي أكيد لا يفهمها سوى صاحبتها. وكذلك أظهرت صورة الطفل أرسلان ذي 15 سنة الذي ركز رسمه على مركز اللوحة وضمنها لونين الأحمر والأصفر، ولّد تقاطعهما اللون البرتقالي ويبدو أنه لم يجد موضوعا للوحته فاستقر رأيه على الإبداع في تقاطع الحروف اللاتينية المشكّلة لاسمه ورقمي (1) و(5) سنواته الخمسة عشر. أما كريمة ذات 14 سنة، فيبدو أنها تميل الى الموسيقى، حيث رسمت لوحة ضمنتها نوتات موسيقية وكلمات أغنية يبدو أنها تحفظها عن ظهر قلب، وإلى جانب ذلك رسمت كمانا ربما يعكس توجهاتها الفنية للموسيقى الكلاسيكية. كذلك استوقفتنا لوحة الفتاة ليما ذات 17 سنة التي يبدو أنها مولعة بالأشغال اليدوية الفنية، إذ لم تكتف الفتاة برسم عدة أزهار رقيقة لتضيف لذيل لوحتها بعضا من الأزهار البلاستيكية ألصقتها بحذر لتضفي نوعا من الجمال على لوحتها الفنية. وإلى جانب كل تلك الصور، تمّ عرض لوحات للفنان التشكيلي ''سليم الكواغيس راعي هذه المبادرة. وبالمعرض، تحدثت ''المساء'' إلى بعض من زواره فقالت سيدة حضرت مع ابنها منصف ذي السبع سنوات إنها تعمدت إحضار طفلها لمعرض لوحات الأطفال حتى تحثه على نهج طريق أقرانه من الأطفال الفنانين، وتقول إن الرسم فن إبداعي بالدرجة الأولى يعتمد على الخيال وينميه بطريقة مذهلة وقد لاحظت بنفسها مدى تعلق إبنها بالألوان وبالرسم، لذلك آثرت اصطحابه إلى المعرض حتى يرى بنفسه ما يمكنه تحقيقه لو بقي على حبه لهواية الرسم. وتذكر الأم أنها مقصرة في تتبع موهبة طفلها بسبب عملها وانشغالاتها بأعباء المنزل، إضافة إلى ''ثقل'' المقرّرات الدراسية على الأطفال، ما يحصر بعض الشيء الأوقات المخصصة للهوايات بالنسبة للأطفال..