اتفقت وزارة التجارة ووزارة الاتصال على تنظيم حملات تحسيس وتوعية تستهدف المواطنين والتجار على حد سواء بغرض تفعيل الجانب الأخلاقي في الممارسة التجارية للمساهمة في الحد من التهاب الأسعار خلال شهر رمضان وفي بعض فترات الذروة التي يعرفها السوق من حين لآخر. وكشف وزير التجارة السيد مصطفى بن بادة لدى عرضه أول أمس الخميس أمام أعضاء مجلس الأمة للتعديلات الجديدة المدخلة على قانوني المنافسة والممارسات التجارية عن برنامج تم تسطيره بالتنسيق مع وزارة الاتصال يهدف إلى ايلاء الجانب التحسيسي أهمية كبيرة في عملية تنظيم السوق يكون مرافقا للجانب الردعي وذلك من منطلق أن تشديد العقوبات قد يكون مفيدا في بعض الحالات فقط ولكن يبقى الجانب التوعوي الأهم في العملية ككل كونه متصلا مباشرة ''بتهذيب'' سلوك التجار والمواطنين وكسب ثقافة تؤسس لممارسات تجارية تراعي حقوق التجار والمستهلكين على حد سواء ولا تكون في اتجاه واحد فقط. وذكر السيد بن بادة خلال الجلسة العلنية التي ترأسها السيد عبد القادر بن صالح رئيس المجلس أن الجانب الردعي للممارسات التجارية التي تضر باستقرار السوق الوطنية قد يكون مفيدا في بعض الأوقات لكن يبقى الجانب التوعوي الأهم في عملية تنظيم السوق وعليه ''سأعمل جاهدا على تكريس عمليات التوجيه والتحسيس والتوعية قبل الردع''، وأعلن في هذا السياق عن تعليمات سيتم توجيهها لمصالح الرقابة ومكافحة الغش للقيام بعمليات تحسيس تستهدف جميع التجار. ومن منطلق أن عملية ''تهذيب'' الممارسة التجارية يتقاسمها العديد من المتدخلين كشف السيد بن بادة على اتفاق بين وزارة التجارة ووزارة الاتصال لتوظيف الوسائط الاعلامية وبخاصة الاذعات الجهوية في عملية التحسيس، كون الفوضى المتحدث عنها اليوم تستدعي تجند الجميع وبخاصة الأطراف التي لها اتصال مباشر ويومي مع المواطن. ولدى عرضه أول أمس للتعديلات الجديدة على مشروعي القانونين ذكّر وزير التجارة بالأهداف المتوخاة منهما وهو تنظيم السوق أكثر دون أن يؤدي ذلك إلى المساس بحرية التجارة. فبالنسبة لقانون المنافسة فيهدف إلى تعزيز صلاحيات الدولة في التدخل لحماية القدرة الشرائية للمواطن عن طريق تحديد الأسعار ومحاربة المضاربة علاوة على الحد من الاختلالات الملاحظة في السوق والتي تمس بالقدرة الشرائية للمستهلكين. وبفضل هذا النص القانوني ستكون تدخلات السلطات العمومية أكثر فعالية في مجال تحديد ومراقبة الأسعار وهوامش السلع والخدمات خاصة ما تعلق بالمواد والخدمات الضرورية للمستهلكين. وترمي التعديلات التي تضمنها كذلك ''إلى تمكين الدولة من التدخل عبر ثلاث آليات لتقنين الأسعار'' وهي ''التحديد والتسقيف والاعتماد''. وسيتم تكريس هذه الآليات على أساس الأسعار وهوامش الربح المقترحة من طرف القطاعات المعنية. أما نص القانون المتعلق بالممارسات التجارية فيرمي إلى ''تثبيت استقرار السوق من خلال تاطير هوامش الربح وأسعار السلع والخدمات ذات الاستهلاك الواسع والقضاء على كل أشكال المضاربة التي تسببت في الارتفاع المفرط وغير المبرر لأسعار السلع والخدمات''. كما يرمي كذلك إلى تزويد الدولة بجهاز قانوني منسجم وآليات تدخل فعالة لضبط ومراقبة السوق خصوصا وأن أحكام قانون الممارسات التجارية الحالي والمؤرخ في جوان 2004 ''لم تعد ردعية بالقدر الكافي''. ويلزم القانون المتعاملين الاقتصاديين بإيداع على مستوى الهيئات المعنية تركيبة أسعار سلعهم أو خدماتهم ومنع التصريح المزيف لسعر التكلفة والقيام بالمناورات لإجراء زيادات غير شرعية في الأسعار. وتكرس التعديلات التي تم إدخالها على النص الجديد توسيع دائرة المنع لتشمل ممارسات أخرى وهي عدم خفض أسعار البيع تبعا لانخفاض أسعار كلفة المنتوج والخدمات وعدم إيداع تركيبة الأسعار والمضاربة في السوق والنشاط التجاري خارج الفضاءات الشرعية. وفي هذا السياق أبدى أعضاء لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية للمجلس تخوفات من إمكانية تأثير التدابير الجديدة على الفلاحين الصغار والمربين باعتبار أن النص يفرض اعتماد الفوترة وينجر عن ذلك تحصيل جبائي قد يؤثر مباشرة على نشاطهم، لكن الوزير بن بادة بدّد مخاوف هؤلاء وأشار إلى أن ''طبيعة نشاط الفلاحين الصغار والمربين تعفيهم من الفوترة لأنها لا تخضع للقيد في السجل التجاري ولا للجباية، وأن التعديلات الجديدة تنص على تقديم هؤلاء لوثيقة تكون بمثابة فاتورة عند طلبها من طرف المشتري وهو ما من شأنه أن يساهم في تتبع مصدر المنتوج وتحديد حجمه''. ونفى من جهة أخرى أن يكون للتدابير الجديدة أي تأثير على مساعي الجزائر للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية من منطلق أن قانون المنافسة الجديد لا يعيد النظر في مبدأ حرية الأسعار. وللإشارة فإنه من المقرر أن يستأنف مجلس الأمة نشاطه الثلاثاء القادم لتقديم ومناقشة مشروع القانون المعدل والمتمم للأمر رقم 76-80 المتضمن القانون البحري، على أن يعقد جلسة في اليوم الموالي تخصص للتصويت على أربعة مشاريع قوانين هي مشروع القانون الذي يحدد كيفية استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة، مشروع القانون المعدل والمتمم للأمر رقم 03-03 المتعلق بالمنافسة، مشروع القانون المعدل والمتمم للأمر رقم 04-02 الذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية، ومشروع القانون المعدل والمتمم للأمررقم76 -80 المتضمن القانون البحري. على أن يتم الخميس 22 جويلية عقد جلسة اختتام الدورة الربيعية.