تستقبل زاوية الهامل العريقة، الشهر الفضيل، ببرنامج ديني وثقافي متنوع، يسمح للصائمين بأخذ زادهم من التفقه في الدين وإحياء الذكر والاستفادة من المحاضرات التي تلقى يوميا. في حديثه ل''المساء''، أشار الأستاذ مأمون القاسمي المشرف الأول على الزاوية، إلى أن رمضان مناسبة عظيمة تتطلب الاجتهاد، لذلك سطرت الزاوية نشاطا إسلاميا يتلاءم وهذه المناسبة الدينية. تحرص الزاوية بداية على إحياء شعيرة صلاة التراويح والقراءة الجماعية اليومية لكتاب الله العظيم، ناهيك عن إحياء العشر الأواخر بالتهجد. وتلقى الدروس الدينية والتاريخية بالأخص يوميا قبل صلاة التراويح ب''المسجد القاسمي''، يلقيها شيوخ وأساتذة مختصون ينتمي أغلبهم الى الزاوية، وتلقى هذه الدروس الإقبال، خاصة فيما يتعلق بالتفسير والشريعة ودروس التاريخ الإسلامي، خاصة وأن رمضان به ذكريات عظيمة حصلت عبر التاريخ الإسلامي الحافل. خلال هذا الشهر، ستقدم الزاوية اجازات لطلبتها الخاتمين لكتاب الله العظيم، وسيشهد رمضان هذه السنة ولأول مرة تخرج 8 سيدات من حفظة القرآن الكريم، وهذا بعد استحداث فضاء خاص بالنساء، وسيدخل الجميع مسابقة خاصة بالترتيب، خاصة على المستويات الأولى، وسيكرم الفائزون أجزى تكريم. كما تحرص مكتبة الزاوية على فتح أبوابها للصائمين بشكل يومي وهي متنوعة العناوين والاختصاصات والفروع الدينية والعلمية والأدبية. أما مكتبة المخطوطات، فإن جمهورها يقتصر على الباحثين، خاصة من حاملي شهادات الماجستير والدكتوراه، وهذا لما تتضمنه من كنوز نفيسة في مختلف الفنون والعلوم كالرياضيات والفلك والطب والتاريخ والشريعة وغيرها (يعود بعضها الى 740 سنة). عن المكتبة يقول الأستاذ القاسمي » تحوي المكتبة مخطوطات نادرة على مستوى العالم، وقد أتممنا بها عملية الترميم والفهرسة في كتاب بعنوان ''الخزانة القاسمية'' ببيروت وسرعان ما انتشر هذا المؤلف في العالم لما يتضمنه من محتويات وإشارات هامة، وقد تلقينا مراسلات بشأن هذا المؤلف من عدة جهت ومن باحثين من مختلف دول العالم«. تحرص الزاوية أيضا على إحياء المناسبات الوطنية من خلال برنامج خاص موجه خاصة للشباب، قصد زرع روح الوطنية فيهم، إذ من المهم ربط الدين بالوطنية فكلاهما ركيزة هامة لأي إنسان. الأستاذ مأمون القاسمي الذي حدثته ''المساء'' وهو يستعد للسفر الى السعودية لحضور الندوة العالمية للاقتصاد الإسلامي بجده، أكد على حضور مثل هذه المواعيد الهامة، كما أكد التزام الزاوية بالنشاط الاجتماعي والخيري، من خلال المساعدات اليومية للمعوزين وختان أبنائهم ليلة القدر، هذه الليلة التي يختتم فيها القرآن الكريم بالزاوية. للتذكير، فإن زاوية الهامل تبعد ب 14 كلم عن مدينة بوسعادة وتعتبر منارة للعلم والدين، شيدت سنة 1845 علي يد العلامة سيدي محمد بن بلقاسم القاسمي، وتخرجت منها أجيال من المثقفين وعلماء الدين والإطارات، كما عملت هذه الزاوية ذات الطريقة الرحمانية علي نصرة مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، الأمير عبد القادر، ودعمته في حربه ضد فرنسا، وقد وصف المؤرخ توفيق المدني الزاوية في كتابة ''حياة كفاح'' بأنها » معقل العروبة والإسلام«، وقال عنها الأستاذ جاك بيرك »إن تاريخ زاوية الهامل يهم تاريخ المغرب بأسره من حيث المجهود الذي بذلته بكل عزم في زمن الاستعمار، وذلك باستنهاض القيم الروحية والاجتماعية التي تقوم مقام ملجأ الناس«.